يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال موضوع عن الغيبة ، و الأسباب التي تدفع صاحبها للغيبة ، و آثار الغيبة على الفرد والمجتمع ، و كيفية تجنب الغيبة ، و كفارة الغيبة ، تُعدُّ الغيبة من الأُمور المُحرَّمة، ومن يستمعُ لها فهو أيضاً شريكٌ في الإثم إلَّا أن يُنكر بلسانه، أو بقلبه، وإن استطاع القيام أو قطع الغيبة بكلامٍٍ آخر وجب عليه ذلك، ومن الأدلَّة التي جاءت بإثبات حُرمتها، قوله -تعالى-: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)، وقول النبيّ -عليه الصَّلاةُ والَّسلام- عندما سُئل عن أفضل المُسلمين: (الْمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ).

موضوع عن الغيبة

موضوع عن الغيبة
موضوع عن الغيبة

أكدت الشريعة الإسلامية على ضرورة حفظ اللسان باعتباره سبباً من أسباب دخول الجنة، ونيل رضوان الله -تعالى-؛ ففي الحديث الشريف عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله: (من يضمَنْ لي ما بين لَحيَيْه وما بين رِجلَيْه أضمنُ له الجنَّةَ).

وفي المقابل جعلت الشريعة الإسلامية آفات اللسان من غيبة ونميمة من أسباب دخول النار، واستحقاق غضب الله ووعيده؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم أو على مَناخرِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم).

وتعرف الغيبة بأنّها: ذكر المسلم لأخيه المسلم في غيبته بما يكره، ولا فرق في أن يكون ما يذكره الإنسان حقاً أو باطلاً، وهي قول محرّم أكدت على تحريمه آيات كتاب الله العزيز، وسنّة نبيّه الكريم، وفيما يأتي بيان ذلك:

  • من القرآن الكريم

نهت الآيات القرآنية نهياً شديداً عن الغيبة، وقد شبهتها بأكل جسد الميت، قال -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ).

  • من السنة النبويّة

أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مرّ يومًا على قبر رجلين يُعذّبان؛ فقال: (إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أمَّا هذا: فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ، وأَمَّا هذا: فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ)، كما قال -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: (أَتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ. قيلَ: أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيه فقَدْ بَهَتَّهُ).

الأسباب التي تدفع صاحبها للغيبة

توجد العديد من الأسباب التي تدفع الإنسان إلى الغيبة، ومنها ما يأتي:

  • التَّشفِّي من الآخرين، ومُجاملة الأصدقاء، وكثرة الفراغ، والحسد، وإعجاب المرء بنفسه، والتَّغافل عن عُيوبه، والتقرُّب إلى أصحاب العمل بذمِّ العُمال الآخرين.
  • قلَّة خوف المُغتاب من ربِّه -سبحانه وتعالى- وهذا من أعظم أسبابها.
  • رفع النَّفس بإنتقاص الآخرين.
  • المُزاح والَّلعِب والهزل.
  • إرادة التصنُّع والمُباهاة بمعرفة الآخرين وأحوالهم.

آثار الغيبة على الفرد والمجتمع

إن للغيبة آفات كثيرة، منها ما يكون في الدنيا، ومنها ما يكون في الآخرة، وهذه الآفات لها آثار سلبية على الفرد والمجتمع، ولا بد للمسلم أن يكون على علم بها واطّلاع عليها؛ لكي يحرص على تجنّبها ويحذر من ارتكابها، وفيما يأتي بيان لبعض آثار الغيبة على الفرد والمجتمع:

  • زيادة رصيد السيئات، ونقصان رصيد الحسنات؛ لما فيه من التعدي على الآخرين وظلمهم.
  • المغتاب مُفلس يوم القيامة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ، فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حسناتُه، قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثمَّ طُرِح في النَّارِ).
  • الغيبة تسبب هجران صاحبها؛ فالناس لا تجالسه وتتجنب الجلوس في مجلسه، وتنصحه وتنكر عليه، فالمسلم ينكر المنكر بيده، ثم بلسانه، ثم بقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
  • لها تأثير على الصوم؛ فمن لم يترك قول الزور فليس لله حاجة في أن يترك طعامه وشرابه.
  • لا يغفر الله للمغتاب ذنبه، إلا حين يغفر له من اغتابه.

كيفية تجنب الغيبة

استشعار جرم الغيبة

الكثير من المسلمين يستهينون بهذا الذنب، ويستصغرونه في أعينهم، فتراهم لا يبالون بارتكاب هذا الذنب اعتقاداً منهم أنّه ذنبٌ صغير لا يُأبه له، بينما يعين استشعار عظم هذا الذنب في نفس المسلم على تجنّبه وتركه.

الانشغال بالطيّب من القول والفعل

إن لم يشغل المسلم لسانه بالحقّ شغله بالباطل، فعلى المسلم ألا يتحدّث إلاّ طيباً، وأن يعرض عن اللغو، وما لا يفيد من القول حتى لا يقع في مستنقع الغيبة والنميمة، كما أنّ أوقات الفراغ وعدم ملؤها بما ينفعها يؤدي إلى هذا الفعل المذموم؛ لذا قال بعض الصالحين: “الفراغ مفسدة”.

الحرص على مصاحبة المتقين

الصديق الصالح يعين المسلم على اجتناب الغيبة عندما ينهاه عنها، ويذكّره بحرمتها، كما يعينه على اجتنابها عندما يشغله عنها بالكلام الطيب والحسن، وذكر الله -تعالى-، كما يمكن أن يتشاركا معاً ما ينفعهما في دنياهما وآخرتهما.

تخيل الإنسان نفسه مكان المغتاب

الكثير من الأفعال لا يعلم الإنسان ضررها وآثارها السيئة إلا إذا تخيّل وقوعه بمثلها، فمن تخيل أنّ الناس تغتابه فلا شكّ أنّه سوف يتجنّب غيبة أخيه المسلم؛ لأنّه سوف يدرك آثارها المعنويّة السيئة.

الحرص على ترديد الأذكار

إذ إنّ الحرص على ما أُثر في السنّة النبويّة المطهرة من الأذكار يعين المسلم على اجتناب الغيبة، كما أنّ آيات القرآن الكريم تزوّد المسلم بزاد التقوى الذي يردعه عن الغيبة والنميمة.

استحضار أثر ترك الغيبة

إذ إنّ تارك الغيبة يعدّ من أفضل المسلمين؛ فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنّه قال: (يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ الإسْلَامِ أفْضَلُ؟ قالَ: مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ، ويَدِهِ)، إضافة إلى أنّ ترك الغيبة من علامات التوبة التي تحدث عنها بعض الصالحين.

الرضا والقناعة

وذلك أنّ الكثير من أبناء المسلمين يقعون في الغيبة بسبب قلة رضاهم عن عطاء الله -تعالى-؛ فقد يحملون في صدورهم غلاً لمن تقدم عليهم برزق أو نعمة؛فيدفعهم ذلك للاستغابة والإكثار من ذكر العيوب؛ فالإنسان الحسود لا يحب الخير للآخرين.

كظم الغيظ والصبر

لما لهذا من أثر طيب في إمساك اللسان عن الوقوع في الغيبة، كما أنّ العفو والتسامح يزيلان الشحناء والبغضاء، وانشغال الفكر بردّ الإساءة أو الغيبة؛ فيُحصّن المسلم نفسه من دوافع الغيبة والتشفّي بالآخرين عندما يُطهر قلبه.

قد يهمك:

كفارة الغيبة

ذهب بعض العلماء إلى أنّ كفارة الغيبة التي يمكن تكفير الذنب بها بعد التوبة والاستغفار؛ تتلخص على النحو الآتي:

  • الاعتذار وطلب المسامحة من الشخص المُستغاب.
  • إذا تعذّر الاعتذار، أو كانت المشقة في ذلك كبيرة؛ يمكن للمسلم أن يستغفر لمن اغتابه، وأن يحمده ويثني عليه بحسناته في المجلس الذي اغتابه فيه.