يموج هذا العصر بسيول من الفتن والصوارف عن دين الله عز وجل، من أهم الواجبات على المسلم – في هذا العصر وفي غيره من العصور – الثباتُ على دينه، والاستمرار في الاستقامة عليه برسوخٍ وثقة ويقين، وعمود ذلك طلب الثبات واستمداده ممن بيده الهداية الله جل شأنه ، و عليه فقد اخترنا لكم في المقال التالي أهم خطوات الثبات على الدين ، فتابعونا.

خطوات الثبات على الدين

هناك خطوات الثبات على الدين كثيرة وضعها الله تعالى بين يدي عباده للثبات على منهج الاستقامة ، بينها الله -سبحانه وتعالى- في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهي :

خطوات الثبات على الدين
خطوات الثبات على الدين
  • التمسك بالقرآن الكريم تلاوةً، وتدبّراً، وامتثالاً؛ فهو نور الله المُبين، وحبله المتين، وهو النّجاة لمن أراد، والعصمة لمن طلب، والقرآن الكريم يعطي العبد تصوّراً صحيحاً لحقائق التّوحيد وأركان العقيدة، فيثبت الإيمان في قلب المسلم، ولا يدخل إلى نفسه شكّ أو ريب، فكثير من الآيات المباركة تحمل مواساةً وتسليةً لكلّ مُضطهَد في عقيدته.
  • وفي القرآن أيضاً ردود على كثير من الشُّبهات التي يثيرها أعداء الدين، وهو ينقل بدّقة مشاهد للأمم السابقة التي تنكّرت لدعوة المُرسَلين عليهم السلام في صورة تزيد إيمان المؤمنين، وثباتهم على دينهم، قال الله تعالى: (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).
  • الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى؛ فهو من أهمّ أسباب الثبات على الدين، فذكره منجاة للعبد من كلّ الكروب، وسبيل للخروج من كلّ مأزق وكرب.
  • فيوسف -عليه السلام- جعل من الذِّكر والاستعاذة بالله -تعالى- سبباً في ثباته أمام شهوة الجمال والمنصب، وقد قرَن المولى -سبحانه وتعالى- الأمر بالذِّكر بالأمر بالجهاد في سبيل الله تعالى، إشارةً إلى أنّ ذِكر الله سبب في الثبات أمام المِحَن، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ).
  • الدعاء، حيث كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يُكثِر من أدعية الثبات؛ فالقلوب بين يدَي خالقها يُقلّبها كيفما يشاء، فقد جاء في الحديث: (أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يُكثِرُ في دعائِه: اللَّهمَّ يا مقلِّبَ القلوبِ، ثبِّتْ قلبي على دينِك).
  • تحرّي منهج أهل السُّنة والجماعة، فهم أهل النّجاة؛ لأنّهم أهل عقيدة وشريعة تستقي منهجها من كتاب الله -تعالى- وما ثبت من سُنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتُبعِد كلّ العباد عن طريق البِدَع والضّلال، وتقصدُ منهج وسطيّة الإسلام؛ دون إفراط أو تفريط.
  • ممارسة الدعوة إلى الله -تعالى- خير مُعين للمسلم على الثّبات؛ بحيث تصبح الدّعوة ومهمّة التّبليغ وظيفتَه السامية وهمّه الأكبر، فيجد لذّةً في تحدّي الباطل وأهله، فيزداد إيمانه بعقيدته، ويزداد ثباتاً في حمل همّ الرسالة.
  • حرص المرء على تربية نفسه تربيةً إيمانيّةً تجمع بين الخوف والرّجاء والمحبّة، وتعتمد على الدّليل الصحيح بعيداً عن التّقليد الأعمى، وتقوم على فهم ما يخطّط له أعداء الدّين، وذلك عن طريق الإحاطة بواقع المسلمين، وما يواجهونه من مكر وخداع وصدٍّ عن سبيل الله تعالى، على ألّا يقود هذا الفهم إلى الانغلاق أو اعتزال المشاركة، وعلى المسلم أن يحرص على الرقيّ في مدارج الكمال، بعيداً عن الاندفاع اللحظي، وفورة المشاعر الآنيّة.
  • يقين المسلم بأنّه على صراط الله المستقيم، وأنّ هذا هو مسلك من اصطفاهم الله -تعالى- بالرّسالة والنّبوة، ومن سار في ركبهم من الصالحين عبر العصور الغابرة، والمرء السائر إلى الله -تعالى- لا تثنيه وحشة الطريق، وكثرة الأعداء، وعلوّ صوت الباطل، وهو أمام كلّ هذا يوقن أنّ العاقبة للمُتّقين.
  • الحرص على اختيار البيئة الصالحة والرّفقة الطيّبة، التي تزيد صلته بالله تعالى، فالأخوّة الصالحة ركن متين يأوي إليه المتحابّون في الله؛ فيشدّون أزرَ بعضهم، وقُربهم يشحذُ الهِمم، ويقوّي وسائل الثبات على المنهج الحقّ.

معنى الثبات على الدين

  • الثبات لغة : مصدر ثبت وهو مأخوذ من مادة (ث،ب،ت) التي تدل على دوام الشيء، يقال ثبت ثباتاً وثبوتاً: (أي دام واستقر) فهو ثابت.
  • الثبات اصطلاحا : هو الدوام والاستقامة على الجادة ولزوم الصراط المستقيم من غير عوج ولا انحراف، وهو أيضاً: عدم احتمال الزوال بتشكيك المشكل والثبات على الحق حتى الممات.
  • الثبات على الدين نعني الاسمرار في طريق الهداية ، والالتزام بمقتضيات هذا الطريق ، والمداومة على الخير ، والسعي الدائم للاستزادة ، ومهما فتر المرء ، فهنالك مستوى معين لا يقبل التنازل عنه أو التقصير فيه ، وإن زلت قدمه فلا يلبث أن يتوب ، وربما كان بعد التوبة خيرًا مما كان قبلها ، ذلك هو حال المتصف بخلق الثبات .
  • إن الثبات على دين الله ، وعدم الانحراف عنه يمنياً وشمالاً، والوقوف مع الشرع وتحكيمه هو النجاة في الدنيا والآخرة، وهو السعادة الطيبة، والهدف المنشود لتوفيق الله إلى الجنة والنجاة من النار.

أهمية الثبات على الدين

تكمن أهمية الثبات على الدين في أمور منها :

  • وضع المجتمعات الحالية التي يعيش فيها المسلمون ، وأنواع الفتن والمغريات التي بنارها يكتوون ، وأصناف الشهوات والشبهات التي بسببها أضحى الدين غريباً ، فنال المتمسكون به مثلاً عجيباً ( القابض على دينه كالقابض على الجمر ) .
  • ولا شك عند كل ذي لب أن حاجة المسلم اليوم لوسائل الثبات أعظم من حاجة أخيه أيام السلف ، والجهد المطلوب لتحقيقه أكبر ؛ لفساد الزمان ، وندرة الإخوان ، وضعف المعين ، وقلة الناصر .
  • كثرت حوادث الردة والنكوص على الأعقاب ، والانتكاسات حتى بين بعض العاملين للإسلام مما يحمل المسلم على الخوف من أمثال تلك المصائر ، ويتلمس وسائل الثبات للوصول إلى برٍ آمن .
  • ارتباط الموضوع بالقلب ؛ الذي يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شأنه : ( لقلب ابن آدم أشد انقلاباً من القدر إذا اجتمعت غلياً ) ويضرب عليه الصلاة والسلام للقلب مثلاً آخر فيقول : ( إنما سمي القلب من تقلبه ، إنما مثل القلب كمثل ريشة في أصل شجرة يقلبها الريح طهراً لبطن ).
  • فتثبيت هذا المتقلب برياح الشهوات والشبهات أمر خطير يحتاج لوسائل جبارة تكافئ ضخامة المهمة وصعوبتها .

قد يهمك :

من أعظم أسباب الثبات على الدين

من أعظم أسباب الثبات على الدين :

  • من أسباب الثبات على الدين الحق، الاستقامة على ما علم منه بالعمل به بالتقرب إلى الله تعالى بأداء ما افترض الله عليه، والبعد عما نهاه الله عنه وترك الركون إلى الظالمين والفاسقين وترك ما اشتبه عليه حكمه والاستكثار من النوافل، والتوبة إلى الله تعالى من الخطيئة، وإتباع السيئات بالحسنات.
  • من أعظم أسباب الثبات على الدين الحق الإلحاح على الله تعالى بالدعاء مع الضراعة طلباً للثبات عليه والعصمة من الزيغ عنه والبراءة من الحول والقوة إلا بالله تعالى ، وأخبر تعالى عن الراسخين في العلم أنهم يقولون ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾.
  • من أعظم أسباب الثبات على الحق دعوة الناس إليه وثبتهم عليه فإنه جهاد، والمجاهد لله وبه مثبت ومهدي ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله، ومن دعى إلى الهدى كان له مثل أجور من تبعه، وقال – صلى الله عليه وسلم -: «فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من حمر النعم».
  • من أسباب الثبات على الدين الحق أن يعترف المرء بمنة الله عليه ويغتبط بالهداية له وفيه كما قال تعالى ﴿ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ وقال تعالى ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.

وسائل الثبات على الدين ابن باز

وسائل الثبات على الدين الشيخ ابن باز :

  • أعظم الوسائل سؤال الله، والضراعة إليه بطلب التثبيت على الحق، والاستقامة عليه، ولا سيما في أوقات الإجابة كآخر الليل، وبين الأذان والإقامة، وحال السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة قبل الغروب.
  • كل هذه من أوقات الإجابة، في حق من جلس ينتظر صلاة المغرب عصر الجمعة. وكذلك من وسائل الثبات على الحق: جهاد النفس في الصبر على الحق، ولزوم الحق بطاعة الله، وترك معصيته.
  • ومن وسائل الثبات: صحبة الأخيار ولزومهم، والحذر من صحبة الأشرار، كل هذه من الوسائل التي يعين الله بها العبد على الثبات على الحق، والاستقامة عليه، نعم.

حديث عن الثبات على الدين

أحاديث عن الثبات على الدين :

  • عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ، وَنَحْنُ مَعَهُ،.. وفيه : ثم أقبل علينا بوجهه وقال:( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ “. قَالُوا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) . رواه مسلم( ٢٨٦٧ ).
  • كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك” رواه الترمذي عن أنس هذا مع الحرص على الصحبة الصالحة والرفقة المؤمنة، فهي مما يشد أزر المسلم في التزامه ويعينه على التمسك بدينه، فالنبي صلى عليه وسلم يقول: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل” رواه أبو داود
  • عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ “. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ). رواه مسلم ( ٢٦٥٤ ).
  • عن عثمان رضي الله عنه، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَمُرُّ بِعَمَّارٍ ، وَأَبِيهِ ، وَأُمِّهِ ، وَهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالأَبْطَحِ فِي رَمْضَاءِ مَكَّةَ ، فَيَقُولُ : ( صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ ). الحاكم في المستدرك (٦٥٣٤).
  • عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا كَنَزَ النَّاسُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَاكْنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ) رواه أحمد (17114)وهو حسن بمجموع طرقه .

لم تجد ما تبحث عنه؟ ابحث هنا