يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال تطبيقات على المنهج النفسي ، و أهمية المنهج النفسي ، و مبادئ المنهج النفسي ، و ميزات المنهج النفسي ، و عيوب المنهج النفسي ، المنهج النفسي النقدي، هو منهج نقدي حديث، يهتمّ بضرورة إخضاع النص الأدبي للبحوث النفسيّة؛ لغايات الانتفاع من النظريات النفسيّة لتفسير الظواهر الأدبيّة، كما يعمل على الكشف عمّا يشوب النصوص من علل، ومعرفة الأسباب التي تؤثّر عليها، بالإضافة إلى الكشف عن أعماق هذه النظريّات وأبعادها، وآثارها الممتدّة فوق النصوص.

تطبيقات على المنهج النفسي

تطبيقات على المنهج النفسي
تطبيقات على المنهج النفسي

أقام الكثير من النقاد العرب في العصر الحديث دراسات في المنهج النفسي على عدد من الشعراء والأدباء البارزين مثل بشار بن برد وغيره، ومن أبرز هذه الدراسات تلك التي قام بها طه حسين لأبي العلاء المعري في كتابه الموسوم “مع أبي العلاء في سجنه” إذ يبدو أن الحالة النفسية الكئيبة كانت قد لفتت أنباه طه حسين ودفعته لتحليل شخصيته تبعًا للمنهج النفسي، حيث رأى أنّ أبي العلاء كان قد ظلم نفسه حين أوهم نفسه بأنه سجين وسلط على نفسه ثلاثة سجانين العمى وعقله وزهده في الحياة، فتراه يكد ويسعى محاولًا الوصول إلى الكمال في نفسه إلا أنه لا يصل وتظل نفسه ترتد به إلى سجنه الذي هيئته له نفسه.

يواصل طه حسين بحثه في شعر أبي العلاء المعري عن جوانب حياته المصورة باللفظ المنمق الذي رأى أنه كان يسلي به عن نفسه التي أرهقها السجن وأعيتها الحياة، فيستشهد بأبيات من شعر أبي العلاء المعري ويقوم بتحليلها والتعليق عليها مثبتًا من خلالها صحة ما توصل إليه، ومن هذه الأبيات:

أَوانِيَ هَمٌّ فَأَلقى أَواني وَقَد مَرَّ في الشَرخِ وَالعُنفُوانِ

وَضَعتُ بُوانيَّ في ذِلَّةٍ وَأَلقَيتُ لِلحادِثاتِ البَواني

ثَوانِيَ ضَيفٌ فَلَم أَقرِهِ أَوائِلَ مِن عَزمَتي أَو ثَواني

فَيا هِندُ وانٍ عَنِ المَكرُما تِ مَن لا يُساوِرُ بِالهُندُواني

زَوانِيَ خَوفُ المَقامِ الذَمي مِ عَن أَن أَكونَ خَليلَ الزَواني

رَوانِيَ صَبري فَأَضحَت إِلَيَّ عُيونٌ عَلى غَفَلاتٍ رَواني

قام عباس العقاد بدراسة شخصية الشاعر أبي نواس دراسة نفسية، ولعل أبرز ما شد العقاد إلى شخصية أبي نواس ودفعه لدراسته هو نرجسيته، فقد كان أبو نواس مأخوذًا ومفتونًا بجمال نفسه حيث كان في خلقته أميل للنساء نظرًا لنقص في غدد رجولته، كما أنه كان وحيد أمه العجوز فلقي منها دلالًا ألان شخصيته، ورأى العقاد أن هذه العوامل كانت كافية لتغذي نرجسيته ولتعزز انحرافه حتى أصبح قلبه مولعًا بالرجال بدلًا من النساء.

كما يذكر آراء النقاد القدماء والخلفاء في شعر أبي نواس ويستشهد بأبيات ترجح كفته على غيره من الشعراء وتبرز له تفوقه الشعري ومن هذه المفارقات الشعرية ما دار بينه وبين بشار بن برد في مجلس الخليفة الرشيد، حيث حكم لأبي نواس لأنه سرد بشعره قصة الرشيد مع جاريته وكأنه كان معه وقتئذ حيث قال:

نَضَت عَنها القَميصَ لِصَبِّ ماءِ فَوَرَّدَ وَجهَها فُرطُ الحَياءِ

وَقابَلَتِ النَسيمَ وَقَد تَعَرَّت بِمُعتَدِلٍ أَرَقَّ مِنَ الهَواءِ

وَمَدَّت راحَةً كَالماءِ مِنها إِلى ماءٍ مُعَدٍّ في إِناءِ

فَلَمّا أَن قَضَت وَطَراً وَهَمَّت عَلى عَجَلٍ إِلى أَخذِ الرِداءِ

رَأَت شَخصَ الرَقيبِ عَلى التَداني فَأَسبَلَتِ الظَلامَ عَلى الضِياءِ

للعقاد دراسة نفسية أخرى عن ابن الرومي تناول فيها بالتفصيل حياته من جميع الجوانب الخارجية المحيطة به؛ كعصره وأهل زمانه والأوضاع السياسية والثقافية، كما تناول سيرته الذاتية والأحداث التي قد تكون تركت أثرًا في حياته، وأشار في كتابه إلى سخرية ابن الرومي التي رأى أنها ترد إلى خلقته وتناول طيرته وعرض لأقوال الكثير من النقاد فيها، ورأى أنها أكسبته بعض الحنكة والحكمة، كما وقف على أصوله اليونانية ورأى أنها كانت سببًا في براعته وإبداعه.

يذكر العقاد قصصًا ووقائع لابن الرومي تكشف له عن صفاته النفسية وخصائصه السيكيولوجية، ولعل أبرزها تلك الأبيات التي تثبت اتصاف ابن الرومي بالطيرة والتشاؤم كما تظهره في ثوب المنتصر الذي يحاجج الآخرين بصدق الطيرة وفاعليتها، فيقول:

أيّها المُحتفَى بحولٍ وعورِ أينَ كانت عَنك الوجوهُ الحسانِ

فتحك المَهرجانَ بالحولِ والعو ر أرَانا ما أعْقبَ المَهرجانَ

كانَ من ذاكَ فَقدَكَ ابنتَك الحرّ ةِ مَصبوغَةٌ بها الأكفانُ

وجَفانى مؤملٌ لى خليل لجّ مِنه الجَفاء والهُجْرانُ

لا تصدقْ عَنِ النّبيّين إلّا بِحديثٍ يَلُوحُ فيهِ البيانُ

خبّرَ اللهُ أنّ مشْأَمة كا نتْ لِقومٍ، وخبّرَ القرآنُ

أفَزورُ الحديثِ تَقْبل أَم مَا قالَهُ ذُو الجَلالِ، وَالفُْرقَانِ؟

كذلك وقف الناقد محمد النويهي على شخصية بشار بن برد ودرسها دراسة نفسية ورأى أن حب الذات لديه قد طغت على عالمه النفسي، ورأى أن هذه النرجسية الطاغية التي بدت عند بشار بن برد إنما كانت ردة فعل للعمى الذي عانى منه، كما أن غزله الفاحش ووصفه لتعلق النساء به إنما كان يفسر ردة فعل الشاعر للنفور الاجتماعي بسبب قبحه وقلة حظه واستشهد من شعره بأبيات وقام بتحليلها، ومنها قوله:

طالَ لَيلي مِن حُبِّ مَن لا أَراهُ مُقارِبي

أَبَدًا ما بَدا لِعَينِكَ ضَوءُ الكَواكِبِ

أَو تَغَنَّت قَصيدَةً قَينَةٌ عِندَ شارِبِ

فَتَعَزَّيتُ عَن عُبَي دَةَ وَالحُبُّ غالِبي

تِلكَ لَو بيعَ حُبُّها اِبتَعتُهُ بِالحَرائِبِ

وَلَوِ اِسطَعتُ طائِعًا في الأُمورِ النَوائِبِ

أهمية المنهج النفسي

  • يعد المنهج النفسي منهجًا شاملًا تتفرع عنه الكثير من المسارات العلمية التي تتعلق بتتبع مراحل نمو الإنسان المختلفة، بالإضافة إلى عمليات الربط والتحليل الناجمة عن ربط الأدب بالواقع وتحليله للكشف عن الخفايا السيكيولوجية للأديب.
  • يمكن للناقد أن يقوم بفصل المسارات المختلفة التي يتفرع عنها المنهج النفسي في النقد الأدبي، إلا أنها عند مزج تلك المسارات المتفرعة تبدو وكأنها تشكل علمًا متكاملًا يحرص على تصوير الأديب من جميع جوانب حياته، حيث تربط العناصر الإنسانية بالمادية المحيطة.
  • يقدم المنهج النفسي ما يعرف بسيكيولوجيا التذوق الفني، فقد أشار سيجموند فرويد إلى أن قيمة الفن عند المتلقي تتمثل فيما يقدمه له الأديب من نشوة من خلال تحقيقه لرغباته المكبوتة من خلال العمل الأدبي، والتي تتمثل بالنصر أو الألم أو الحزن وغيرها من الرغبات الإنسانية الدفينة.

مبادئ المنهج النفسي

يقوم المنهج النفسي على مجموعة من المبادئ، وهي:

  • ثمّة علاقة لاشعوريّة وثيقة بين النص الأدبي والأديب.
  • اضمحلال البنية النفسيّة المتجذّرة في حالة اللاشعور لدى المبدع، وتظهر بشكل رمزي فوق سطح النص، أو من الممكن ملاحظتها خلال تحليل البنية الأدبيّة للنص.
  • اعتبار الشخصيّات الموجودة في العمل الأدبي شخصيّات حقيقيّة بحتة؛ كونها تكشف عمّا يؤول إليه الأدب من تحقيق رغبات، ووقائع حقيقية مكبوتة.
  • محاولة استعراض الرغبات المكبوتة لدى الكاتب بأسلوب رمزي مقبول اجتماعيّاً.

ميزات المنهج النفسي

يمتاز هذا المنهج بأنّ له جذوراً سميكة في مختلف ظواهر الإبداع، ويتجلّى ذلك في نظريّات اليوناني أرسطو، وتحديداً حول أثر الشعر في النفس الإنسانيّة، وما له من أثر في الجوانب الاجتماعيّة، الأمر الذي ساهم في استبعاده بعض الشعراء من المدينة الفاضلة.

المنهج النفسي النقدي يستوحي آليّاته النقديّة من نظريّة التحليل النفسي، لمؤسّسها النمساوي سيغموند فرويد، والذي أكّد بناءً عليها بأنّ السلوك البشري يرجع إلى منطقة اللاوعي، أي اللاشعور، والذي ينجم عن سلسلة من الرغبات المخزونة لديه، ويسعى لإشباعها بكيفيّات مختلفة، كما يدرس هذا المنهج الأعمال الأدبيّة والقوانين التي تنظم دراسة الأدب، ويحلّل الحالة النفسيّة للأديب، ومن أبرز روّاده أدلر وكارل يونغ.

قد يهمك:

عيوب المنهج النفسي

يُعاب المنهج النفسي بعددٍ من العيوب، وفقاً لما جاء به العلماء، وهي:

  • معاملته للعمل الأدبي على أنّه وثيقة نفسيّة محصورة بمستوى واحد، بالرغم من أنّ العمل الأدبي بطبيعته ينشطر لعدّة طبقات ومستويات، تتراوح ما بين الجيّدة والرديئة.
  • مقاربة الدراسات بين الأعمال الأدبيّة بشكل كبير، على الصعيدين الغربي والعربي.
  • الاهتمام الكبير بالأديب مع إهمال النص، ويأتي ذلك باعتبار أنّ النماذج الأدبيّة هي نماذج بشريّة.
  • التركيز على حياة الأديب السلوكيّة، والالتفات للباطن اللاشعوري له؛ سعياً لإثبات معاناته من مرض نفسي أو عقدة نفسيّة ما.
  • إرجاع أعمال الأديب وإسنادها إلى الأساطير السابقة، وعدم اعتبارها عملاً أدبيّاً يعكس تصوّرات المجتمع المعاصر، وقضاياه ومشكلاته.
  • كثرة التفسيرات الجنسيّة للرموز الفنيّة الواردة في العمل الأدبي.
  • ضياع القيم الفنيّة والجماليّة للنص الأدبي؛ نظراً للتركيز على تحليل نفسيّة الكاتب.
  • الخلط بين الإبداع والشذوذ.

لم تجد ما تبحث عنه؟ ابحث هنا