يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال تطبيقات على المنهج التفكيكي ، و مبادئ التفكيكة ، و أهم رواد التفكيكية ، و أبرز الآراء النقدية حول التفكيكية ، أما بالنسبة إلى التفكيكية لغةً وحسب معجم المعاني فإنها تعني التمزيق وبعثرة الأجزاء، أما اصطلاحًا فهي منهج فلسفي أكثر منه أدبي أو لُغوي يعمل على تفكيك النص الأدبي وتكون اليد العليا فيه للقارئ حيث أن للنص الواحد عدة أوجه وتفسيرات تعتمد على تحليل القارئ لها، وكل قارئ يقرأ النص نفسه بطريقته الخاصة وهو الذي يُضفي إلى النص المعنى الحقيقي وأن النص بشكله التجريدي لا قيمة له وهو غير ثابت ومُتنافر من الأصل ويأتي القارئ ليعطي النص معنى ومفهوم.

تطبيقات على المنهج التفكيكي

تطبيقات على المنهج التفكيكي
تطبيقات على المنهج التفكيكي

يقوم المنهج التفكيكي على اختراق المجهول والدخول إلى خفايا النص، باعتباره أداة نقدية أو فضاءً فكريًا مستجدًّا مختلفًا في الأسلوب والرؤية الموجودة في النص المقروء، من خلال ما يأتي:

بيان دور القارئ

للقارئ الدور الرئيس والأهم والفعّال في التحليل التفكيكي للنص الشعري؛ إذ إنّه يقرأ النص ويُفكّكه ليعمل على إعادة بناء النص بالاعتماد على معطيات تفكيره وثقافته، فالآليات المستخدمة في إعادة البناء تختلف بشكل جذري عن المستخدمة من قبل الكاتب الأساسي، ممّا يعني ظهور دلالات ومعانٍ جديدة، للقارئ في هذا المنهج التحليلي الحرية المطلقة تجاه نهاية الدلالية بجعلها مفتوحة أو مغلقة، فهو المسؤول عن إنتاج المعنى.

للقارئ في هذه المنهجية حرية استنطاق الكلمات في النص الشعري وتلويد المعاني عبر النقد والتقويض، فالتعامل مع النص قائم على الاستقلالية دون التأثر بالعوامل الخارجية المتمثلة بسلطة الكاتب وسلطة التاريخ وسلطة السياق، فالأصل في المنهج التفكيكي يمحي ويبقى المعنى المختلف.

تتبع الاختلاف

يقوم المحلل في المنهج التفكيكي بتتبع اختلاف الدوال الناتج عنها اختلاف التفسيرات لمحتوى النص الشعري، يقوم تتبع الاختلاف على أمرين أساسين هما: التناقض أو التأبين، والإهمال أو التأجيل الذي يتحرر فيه المحلل من المراجع الخاصة في بيان المعاني والصور والفهم للنص الشعري والاعتماد على الصورة الذاتية المتكونة بشكل نهائي؛ إذ إنّ الكلمات في النص الشعري تقود لمعانٍ مختلفة إلى أن يصل القارئ أو الناقد لمعنى أخير.

النظر إلى مركزية الكلمة أو العقل

التمركز حول الكلمة أو العقل هو حمل النص لمعنى اللغوي أو الفكري أو وجودي طبيعي من منطلق شخصي، وهو المنطق المبنيّ على القياس في تفسير الأشياء، والذي من خلاله يتم إضفاء شرعية على الخطابات أو النصوص من خلال إثبات صحة المعاني وامتلاك الحقيقة؛ إذ إنّ التمركز حول الكلمة والعقل يعني حرية الرؤية واستخلاص المعنى من خلال السلطة الخارجية للقارئ والكلمات في النص الشعري تتصل ببعضها في ثلاثة مجالات هي:

  • مجال اللغة

بما يتضمنه من معانٍ عبر اللفظ والخطاب والوصف.

  • مجال الفكر والعقل

بما يتضمنه من عمليات ذهنية وتفكير وتحليل وتعليل وشرح.

  • المجال الحسي

المتضمن المشاعر والتأمل والأحاسيس الممكن التفكير فيه وقياسه وإظهاره والتعبير عنه.

مركزية اللغة أو العقل لها السمة الإنسانية الخاصة؛ إذ إنّ المُحلّل أو القارئ هو الوحيد المؤهل لاكتشاف اللغة وما تحويه من وصف ودلالة وفكرة، بهدف الوصل للحقيقة الجديدة المطمورة؛ إذ إنّ سلطة الحضور الحالي للكلمة الظاهرة في النص الشعري ليست ذات أهمية كبيرة، واستخلاص المعنى في التمركز حول الكلمة أو العقل يكون بشكل جديّ أو هزليّ، فالحرية بيد القارئ المحلل.

دراسة التناص

دراسة التناص هو الوسيلة التي من خلالها يتم نقد النص الشعري بهدف اكتشاف مواضع التعالق والتداخل المتاحة والممكنة، إذ إنّ من خلال التناص يمكن للقارئ والمحلل ضمن المنهج التفكيكي أن يُكرّس عددًا هائلًا من الأفكار والنصوص المختلفة وغير المتعلقة بالنص بشكل فعلي، فيجعلها جزءًا لا يتجزأ منها ضمن بناء متجانس، وهو وسيلة تحقق للقارئ قدرًا كبيرًا من الإبداع عبر إقامة روابط جديدة مع ما لديه من موروث أدبي واعتبار النص الحالي امتداد له.

التناص هو المنهج الذي ينظر من خلاله القارئ والمحلل للنص الشعري من زاوية مختلفة عن الزاوية التي وجد على أساسها؛ إذ إنه يضم اقتباسات وعمليات امتصاص وتحويلًا لنصوص مختلفة أخرى أنتجت النص الحالي، والذي يسمح بقراءة خطابات جديدة داخل النص الشعري غير الظاهر عبر قراءة المدلولات الخفية.

مبادئ التفكيكة

تقوم التفكیكیة على مجموعة من المبادئ أهمها:

الاختلاف Difference

يعدّ مفهوم الاختلاف من المفاهيم الأساسية عند التفكيكين، ومن المرتكزات الأساسية عندهم، وحدد الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا في كتابه، الكلام والظاهرة، ما هو المقصود بمفهوم الاختلاف، وبحسب وجهة نظره أن الاختلاف، هو الإزاحة، التي تصبح من خلالها اللغة، أو الشيفرة اللغوية نظامًا مرجعًا مهمًا، يتميز بتاريخية خاصة به، وتجعله فريدًا عن باقي الاختلافات.

ومصطلح الاختلاف كما أوّله المفكرون المعاصرون، يقوم على تعارض الدلالات في النص، والعلامات، التي تشير إلى أمور مختلفة، هكذا يظهر النص كأنه شفرة، يحب على القارئ الناقد تفكيكها.

الكتابة أو علم الكتابة Grammatology

إن الهدف الأساسي من الكتابة، أو علّة الكتابة هو تقويض الفلسفة، التي تدعو إلى الحضور، وهي الفلسفة الحديثة بشكلها العام، التي أكدت على المنطق، والعقلانية في الفكر، وسعت إلى الوصول إلى الحقيقة المطلقة، التي تقع خارج حدود اللغة، ومصطلح الكتابة، لا يقصد به الكتابة بالمعنى الحرفي، وإنما يقصد به: كل نظام دلالي، مرئي، أو مقروء أو مسموع.

التمركز حول العقل Logocentrism

يهدف التمركز حول العقل؛ إلى تذويب النصوص؛ لتصبح جمل متفرقة، وأفكارًا مشتتة، لنقض المعنى الأصلي، الذي قام عليه النص قبل تفكيكه، ومن ثم يقوم القارئ بافتراض معنى جديد، من خلال التأويل، والإنتاج المستوحى، من إيحاءات رموز النص.

موت المؤلف The death of the author

يعدّ المقال الذي نشره الفيلسوف رولان بارت، عام 1961م، الذي يحمل عنوان موت المؤلف، من أهم الأسس التي تقوم عليها التفكيكية، فالتفكيكية: هي عملية هدم لكل صوت يمكن اعتباره، نقطة انطلاق لتكوين فكرة عن النص؛ فالكتابة هي السواد والبياض، الذي تتوه فيه الهوية، تحديدًا هوية الكاتب.

لكن الهدف الرئيسي لمقولة موت المؤلف هو إقصاء دور المؤلف وانتزاعه، من النص، وكأنه لم يكتبه، وكل ذلك من أجل تخليص النص من شروطه الظرفية، والمكانية.

أهم رواد التفكيكية

هنالك العديد من رواد المدرسة التفكيكية أهمهم:

جاك دريدا (1930- 2004م)

هو فيلسوف ومفكر فرنسي، ولد في الجزائر، من أهم أعلام القرن العشرين، قام بنقد الفلسفة الغربية، القائمة على قيم الحداثة، والعقل، تركزت كتاباته حول مفاهيم مثل: الاختلاف، والمعنى، واللغة، وكان لها تأثير كبير، على باقي مفكري القرن العشرين، والقرن الواحد والعشرين.

رولان بارت (1915- 1980م)

 هو كاتب، ومفكر، وناقد اجتماعي وأدبي فرنسي. كانت معظم كتاباته تدور حول: السميائية، ودراسة الرموز، وعلم الدلالة، وعمل على دراسة نظرية دي سوسير، وكان له دور بارز، في تأسيس البنيوية: حركات النقد الاجتماعي.

قد يهمك:

أبرز الآراء النقدية حول التفكيكية

وجه النقاد بعض الانتقادات إلى المدرسة التفكيكية؛ أهمها:

  • أكد النقاد أن المدرسة التفكيكية مجرد مفاهيم جديدة للتعبير، عن مضامين قديمة، نادى بها العديد من المدارس القديمة؛ لذلك لا تعد مدرسة جديدة.
  • تقوم الفلسفة التفكيكية على أساس إحداث نسق استفزازي، بحسب رأي المفكرين الغربيين؛ لأنها تتماشى مع ذاتية المثقفين الأمريكيين، والثقافة الأمريكية.
  • تتعمد المدرسة التفكيكية عدم ثبات المعاني التي يقوم عليها النص؛ وذلك بسبب المبالغة في فكرة موت المؤلف.
  • أكد المثقفون الغربيون والعرب، على مدى أهمية التفكيكية كونها مدرسة نقدية، عملت على إثراء الفلسفة الغربية، وتيارات النقد الأدبي، بالرّغم مما تم توجيهه لها من انتقادات.

لم تجد ما تبحث عنه؟ ابحث هنا