يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال بحث جامعي عن الصوم ، و تعريف الصيام ، و أركان الصيام ، و الحكمة من مشروعية الصيام ، و شروط الصيام ، و مبطلات الصيام ، و آداب الصيام ، و فضل الصيام ، لقد خلقَ الله -عزَّ وجلَّ- الإنسانَ، وجعلَ الحكمةَ الأساسيةَ من خلقهِ هي عبادةُ الله -عزَّ وجلَّ- وحده من غيرِ شريكٍ، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، ومن العباداتِ الفاضلةِ التي شرعها الله للمسلمينَ هي الصيام، والذي سيدور فلكُ الحديث في هذا البحث المتواضعِ عنه، وفيما يأتي ذلك:

بحث جامعي عن الصوم

بحث جامعي عن الصوم
بحث جامعي عن الصوم

بحث جامعي عن الصوم

يُعرّف الصوم لغةّ بأنّه الإمساك والكف عن الشيء، ويقال: صام عن الكلام، أي أمسك عنه، أمّا شرعاً؛ فهو الإمساك نهاراً عن المفطِّرات بنيّة من الصائم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فيكون عبادةً خالصةً لله تعالى، يثاب عليها المؤمن ثوابًا مفتوحًا لا حدود له، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كلُّ حسنةٍ يعمَلُها ابنُ آدَمَ بعشْرِ حسناتٍ إلى سبعِمئةِ ضِعفٍ يقولُ اللهُ: إلَّا الصَّومَ فهو لي وأنا أجزي به يدَعُ الطَّعامَ مِن أجلي والشَّرابَ مِن أجلي وشهوتَه مِن أجلي وأنا أجزي به وللصَّائمِ فرحتانِ: فرحةٌ حينَ يُفطِرُ وفرحةٌ حينَ يلقى ربَّه ولَخُلوفُ فمِ الصَّائمِ حينَ يخلُفُ مِن الطَّعامِ أطيبُ عندَ اللهِ مِن ريحِ المِسكِ).

تعريف الصيام

تعريف الصيام لغة

يُعرَّف الصيام في اللغة بأنّه: الامتناع عن شيء مُعيّن؛ سواء كان فعلاً، أو قولاً، وهي مأخوذة من الفعل صَامَ؛ أي أمسك، ويكون بالإمساك عن الكلام مثلاً، أو الطعام، أو الشراب، أو غيره، والصوم والصيام بالمعنى نفسه في اللغة؛ لأنّ مصدرهما واحد وهو الفعل (صام)، يُقال: رجلان صوم، ورجال صوم، وامرأة صوم، ويُقال أيضاً: قوم صُوَّام وصيام وصُوَّم وصِيَّم، وهو بهذا لا يجمع ولا يُثنّى، كما يُقال: صامت الريح؛ أي ركدت، وصامت الشمس؛ أي استوت، وصام الفرس؛ أي وقف، وصام النهار؛ إذ اعتدل.

تعريف الصيام اصطلاحاً

اختلفت تعريفات الفقهاء للصيام؛ فكان لكلّ مذهب رأي في ذلك، كما يأتي:

  • الحنفية: عرّفوه بأنّه الامتناع عن ثلاثة مُفطرات، وهي: الأكل، والشرب، والجماع، مِن قِبل شخصٍ مُعيّن، في وقت مُعيّن لذلك، مع وجود النيّة.
  • المالكية: عرّفوه بأنّه الامتناع عن شهوتَي الفرج والفم، أو أيّ شيء يقوم مقام أحدهما؛ طاعةً لله -تعالى-، مع وجود النيّة قبل وقت الفجر، أو في وقته، بحيث يكون هذا الامتناع شاملاً النهار كاملاً.
  • الشافعية: عرّفوه بأنّه امتناعٌ مُعيّنٌ، بشخص مُعيّن، عن شيء مُعيّن، في وقت مُعيّن لذلك.
  • الحنابلة: عرّفوه بأنّه الامتناع عن أشياء مخصوصة، في أوقات مخصوصة، من شخص مخصوص، مع وجود النية.

أركان الصيام

من الجدير بالذكر أنّ للعبادة شروطاً، وأركاناً لا تصحّ إلّا بها، كما أنّ هناك ثمّة مبطلاتٍ ومُفسداتٍ إذا أتى بها المسلم أبطلت العبادة، وأفسدتها، ويُعَدّ الصيام عبادةً من العبادات الواجبة، وهو يتحقّق بتحقُّق رُكنَين أساسيّين، بيانهما آتياً:

  • الرُّكن الأوّل:النيّة

النيّة، ومَحلّها القلب؛ وهي اعتقاد القلب، وعَزْمه على فِعل الشيء، وممّا يدلّ على أنّ النيّة رُكنٌ لصحّة الصيام، ما رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (من لم يبيِّتِ الصِّيامَ قبلَ الفَجرِ، فلا صيامَ لَهُ)، وثَمّة ما يدلّ على أنّ النيّة رُكن صحّةٍ لكلّ العبادات، ومنها الصيام، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).

  • الرُّكن الثاني: الإمساك عن سائر المُفطرات

كالطعام، والشراب، والجماع، من طلوع الفجر، إلى غروب الشمس؛ قال الله -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)، وقد بيّن أهل العلم أنّ المقصود بالخيط الأبيض: بياض النهار، أمّا الخيط الأسود، فهو: سواد الليل.

الحكمة من مشروعية الصيام

فرض الله تعالى الصيام على عباده، لحكم عديدة، وفيما يأتي ذكر بعضها:

تقوى الله تعالى

من أعظم حكم الصيام التي شرعها الله -عزّ وجلّ- لعباده هو استشعار تقوى الله تعالى، حيث قال في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، فالصيام وسيلة لتحقيق تقوى الله تعالى، وقد عرّف أهل العلم التقوى بأنّها فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى الله تعالى عنه، فالصوم من أعظم الأسباب التي تساعد العبد على القيام بأوامر الله تعالى.

وسيلة لشكر النعم

ففي الصيام معنى الامتناع عن أعظم النعم على الإنسان من طعام وشراب وجماع، وهذا الامتناع المقيّد بزمانٍ محدد يعرّف العبد على قدرها وأهميتها في حياته، فإذا فُقدت النعم عرفت، فيوجهه ذلك على قضاء حقّها بالحمد والشكر لله تعالى.

شعور المسلم بالفقراء والمساكين

حيث إنّ الصوم يوجب على الصائم التعاطف مع من لا يجد الطعام والشراب، فيذوق ألم الجوع لساعات طويلة، ممّا يدفعه إلى الإحسان إليهم.

تعزيز مراقبة الله تعالى

فالصوم يدرّب الصائم على مراقبة الله عزّ وجلّ، فيمتنع عن محرمات الصوم بدافع ذاتي مع قدرته عليها.

التغلب على الشهوات

فطبيعة النفس البشرية إذا شبعت تمنّت الشهوات، لذلك قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).

تحفيز المسلم على العبادات

فالصوم يعوّد المسلم على الإكثار من الطاعات.

يُكسب الجسد الصحة والعافية

فقد أثبت الطب الحديث أنّ للصوم أثرًا إيجابيًّا على البدن، فهو يعود بالعديد من الفوائد عليه؛ فهو يزيل السموم من الجسم، وينظف الجهاز الهضمي ويريحه، ويعمل على زيادة حرق الدهون، كما أنّه يعزز جهاز المناعة في الجسم، ويحمي من الأمراض الجلدية، وبعض أمراض الجهاز الهضمي، كالتهاب المرارة وأمراض القولون العصبي.

الصيام مدرسة خلقية

فالصوم يغرس في المسلم العديد من الخصال والأخلاق الحميدة، كمجاهدة النفس، ونزعات الشيطان، ويعزز الصبر والالتزام بالنظام والانضباط، كما أنّه يعين المسلم على المحافظة على عفّة اللسان، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)، وفي الحديث جاء النهي عن الرفث، والصخب، والجهل.

شروط الصيام

  • مسلماً: لا يصح الصوم من الكافر.
  • بالغاً: لا يجب الصوم على الصغير، ولكنه يصح منه، ويحسب له نافلة.
  • عاقلاً: لا يجب الصوم على المجنون.
  • مقيماً: لا يجب الصوم على المسافر، ولكن يحق له الصيام. وإن اختار عدم الصيام، فعليه القضاء بعد رمضان.
  • قادراً: لا يجب الصيام على غير القادر لمرض دائم أو كبر. أما في حالة المرض العارض، فعلى المفطر القضاء لاحقاً.
  • خالياً من الموانع الشرعية: لا يجب الصيام على الحائض والنفساء، وعليهما القضاء بعد رمضان.

مبطلات الصيام

تنقسم مبطلات الصيام إلى متَّفقٍ عليها بين العلماء، وغير متَّفقٍ عليها، فمن الجدير بالذّكر أنّ غير المتّفق عليها هي: الإغماء والجنون والحجامة، وفيما يأتي تفصيل المفسدات المتّفق عليها:

  • الجماع:اتّفق الفقهاء أنّ الجماع يبطل الصّيام، ودليل ذلك قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ).
  • الاستقاءة: هي تعمّد القيء، فقد ورد عن جمهور الفقهاء بأنّ ذلك مبطلٌ للصّيام، باستثناء الحنفية؛ فاشترطوا في ذلك ملء القيء في الفم.
  • الأكل والشرب عمدًا: لكن إذا تمّ الأكل والشّرب سهوًا فليس على الصّائم شيءٌ من القضاء وغيره.
  • دخول شيء إلى الجوف: سواءٌ كان ذلك من الحلق أم المعدة أم الفرج.
  • الرّدّة:هي الخروج عن الدين الإسلامي.
  • الحيض والنّفاس والولادة: هي أحكامٌ خاصَّةٌ بالمرأة، حيث يبطل الصّيام إذا كان نزول الدم قبل الغروب.

آداب الصيام

يُستحسَن أن يتحلّى المسلم بعددٍ من الآداب المُتعلِّقة بالصيام، ويُذكَر منها:

  • السُّحور؛ لِما فيه من بركةٍ وتقويةٍ على الصيام؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً).
  • تعجيل الإفطار، والدعاء حين الإفطار؛ بقَوْل: (ذهب الظمأُ، وابْتلَّت العروقُ و ثَبَتَ الأجرُ إنْ شاءَ اللهُ).
  • الابتعاد عن كلّ ما يُنافي الصيام؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ).
  • السِّواك؛ إذ يُستحَبّ للصائم استخدام السِّواك في أيّ جزءٍ من النهار؛ سواء أوّل النهار، أو آخره.

قد يهمك:

فضل الصيام

هناكَ عددٌ من الفضائل التي رتبها الشرع الحنيف على الصيام، وفيما يأتي ذكرها:

  • لقد أضاف الله -عزَّ وجلَّ- الصيامَ فيما قاله في الحديث القدسي: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ”، لنفسه، مما يدلُّ على عظمِ فضلهِ.
  • لقد بيَّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الصيامَ سببٌ في نيل المسلمِ للشفاعةِ يومَ القيامةِ، ودليل ذلك قوله: “الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ”.
  • لقد بيَّن الله -عزَّ وجلَّ- أنَّ الصيامَ سببٌ في مغفرةِ ذنوبِ العبدِ، حيث قال: “وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”.

لم تجد ما تبحث عنه؟ ابحث هنا