يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال مقدمة وخاتمة عن فتح القسطنطينية ، و تعريف القسطنطينية ، و تاريخ فتح القسطنطينية ، و أسباب فتح القسطنطينية ، و محاولات فتح القسطنطينية ، و نتائج فتح القسطنطينية ، تقع مدينة القسطنطينية عند مُلتقى القارتين آسيا وأوروبا، ويحيط بها البحار من ثلاث جهات: البحر الأسود من الشمال، ومضيق البسفور من الشرق، وبحر مرمرة من الجنوب، كما تمتاز بأسباب القوة والمنعة، ولها ميناء القرن الذهبي الذي يُعد أوسع وآمن ميناء في العالم، وقد أسس القسطنظينية ملاحون من (ميجارا) في عام 657 ق.م، وظلت تعرف باسم بيزنطة حتى عام 330م حيث اتخذها الإمبراطور قسطنطين الأكبر عاصمة لبلاده، وبعد أن قام الإمبراطور بترميمها تم افتتاحها وأطلق عليها اسم (روما الجديدة)، ولكن الناس فضلو أن يطلقوا عليها اسم القسطنطينية. فيما يلي مقدمة وخاتمة عن فتح القسطنطينية.

مقدمة وخاتمة عن فتح القسطنطينية

مقدمة وخاتمة عن فتح القسطنطينية
مقدمة وخاتمة عن فتح القسطنطينية

عند حديثنا عن القسطنطينيّة لا بد لنا من ذكر الأسماء الّتي سُميّت بها على مر العصور كبيزنطة والأستانة وإسلامبول وكذلك إسطنبول، وقد جاء اسم قسطنطينيّة عندما أعلن الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول أنّ بيزنطة هي عاصمة الإمبراطوريّة الرّومانيّة وأَطلق عليها اسم قسطنطينيّة، وبعد انقسام إمبراطوريّة الرّوم أصبحت القسطنطينيّة العاصمة الرّئيسيّة للجزء الشّرقي من الإمبراطوريّة، وقد ازدهرت القسطنطينيّة بشكل لافت في ذلك الوقت من النّاحية الدينيّة، والتجاريّة، والعسكريّة، وكذلك السياسيّة، وعند ظهور الإسلام وانتشار الفتوحات الإسلاميّة كان للقسطنطينيّة نصيب من هذه الفتوحات، وفي هذا المقال سوف نتحدث بشكلٍ مفصّل عن فتح القسطنطينيّة.

تعريف القسطنطينية

القسطنطينيّة هي عاصمة كلّ من الإمبراطوريّة الرومانيّة والبيزنطيّة، ثمّ أصبحت بعدها عاصمةً للدولة العثمانيّة على مدى خمسة قرون بدءاً من العام 1453 ميلادي، وتشكّل حاليّاً عاصمة الجمهوريّة التركية باسم (إسطنبول)، ومركزاً هامّاً للتجارة والصناعة فيها، تمتلك هذه المدينة أهميّة عبر العصور؛ نظراً لأنّها تعدّ جسراً رابطاً بين قارتي آسيا وأوروبا، حيث تعود تسميتها قديمًا باسم (القسطنطينيّة)، نسبةً لامبراطور الإمبراطوريّة الرومانيّة قسطنطين الذي قام بإعمارها آنذاك، وظلت كذلك حتى جاء البيزنطيون وحكموها لمدة قرنين، وما لبثوا حتى قام العثمانيون بفتحها وأصبحت عاصمةً للدولة الإسلاميّة، ومع انتهاء الحكم العثماني فيها على يد كمال أتاتورك تم إعلان قيام الجمهوريّة التركية في عام 1923 ميلادي.

تاريخ فتح القسطنطينية

ظلت مدينة القسطنطينية مدة طويلة عاصمة للإمبراطورية الرومانية الشرقية حتى عام 1453م سقطت في أيدي العثمانيين، الذين كان لهم هدف من الاستيلاء على المدينة هو نشر الإسلام في أوروبا، حيث حاصرها السلطان العثماني بايزيد الأول سنة 1395م، وحاصرها كذلك ابنه موسى والسلطان مراد الثاني، ولكنهم لم يوفقوا لفتحها حتى جاء السلطان محمد الفاتح، فاستطاع بما أظهره من إحكام القيادة والسيطرة وحسن التنظيم وسرعة الخاطر، وقوة العزيمة، وما توفر له من عتاد ورجال أن يصل إلى فتح هذه المدينة.

قام محمد الفاتح بإنشاء حصن منيع على الشاطئ الأوروبي اتجاه مدينة القسطنطينية، وقد احتج الإمبراطور قسطنطين ضد هذا الإجراء حيث بعث إليه رُسلاً يطلبون منه الرجوع عن مشروعه، ثم صدرت الأوامر للجيوش العثمانية بالتوجه إلى حصار القسطنطينية وتحركت هذه الجيوش وفي مقدمتها المدافع الهائلة التي قام بصنعها أوربان، وقد حمل فوق عربات ضخمة يجرها عدد من الثيران، واستولت في طريقها على عدة مدن مثل: مسميريا، وإنكيالوس،وبذيه، كما استولت على قلعة “سنت إتين”.

وصلت هذه الجيوش إلى مدينة القسطنطينية، وبدأ محمد الثاني في الحصار في السادس من إبريل عام 1453م، وحسب تقدير المؤلفين بلغ عدد الجيش نحو 80 ألفاً من الجند، أما المدافعون فلا يتعدى عددهم أربعين ألفاً، ووصل الأسطول العثماني إلى مياه البسفور حيث عسكر في مياهه تحت قيادة أمير البحر، وبعدها وزعت الجيوش توزيعاً دقيقاً للسيطرة على أسوار المدينة ومنافذها، طوقت مدينة القسطنطينية من جميع الجهات براً وبحراً، ورغم هذه الحالة بقي المدافعين الروم معتصمين بأسوارهم، واكتفوا بإلقاء القذائف على القوات المحاصرة لهم من وقت لآخر، وكان أحسن الأسلحة في أيديهم هي النار الإغريقية، ومضت الأيام الأولى من الحصار في محاولات ومعارك جزئية، وفي إحدى الليالي حاول العثمانيون مهاجمة أسوار المدينة بعنف، حتى وصلوا إلى خندق عميق يحيط بالأسوار، وقاموا بملئه بالأشجار وجثث الموتى.

وأدرك السلطان أنه لا بدّ من تحطيم السلسلة الحديدية التي تغلق الميناء في وجه سفنه، وقرر أخيراً أن ينقل السفن عن طريق البر، ولكنها وعرة تتخللها المرتقعات والأدغال، وعلى الرغم من ذلك كان لدى السلطان مهندسون بارعون قاموا بوضع خطة، وعملوا على تنفيذها ليلاً ومهدوا الطريق، وقاموا بنقل السفن بعد أن طويت أشرعتها، فأخذت سفن الأتراك تسيطر على القرن الذهبي، ووصلت تحت أسوار المدينة، وأمر السلطان بإنشاء جسر ضخم داخل الميناء صفت عليه المدافع، مضى على حصار المدينة قرابة تسعة وأربعون يوماً اشتد فيها الضيق على المدينة المحاصرة.

وفي فجر يوم الثلاثاء الموافق 29 مايو من سنة 1453م هاجم الأتراك المدينة الهجوم الأخير من البر والبحر، وأخيراً استطاع الجنود النفاذ إلى المدينة، وأسرع الإمبراطور قسطنطين ومن معه إلى المنطقة، ونشبت معركة شديدة، وأثناء المعركة سقط الإمبراطور، وفر المدافعون، وبعد أن تأكد السلطان محمد الفاتح من سيطرة جيشه على المدينة دخل عاصمة البيزنطيين وجال في أنحائها، وأمر برفع الآذان، وصلى فيها هو ومن معه، وعُرف بالفاتح لأهمية فتح هذه المدينة عاصمة الدولة البيزنطية، وأطلق عليها اسم (إسلام بول)، الذي يعني بالتركية دولة الإسلام.

قد يهمك:

أسباب فتح القسطنطينية

يُمكن توضيح أسباب فتح القسطنطينية كالآتي:

  • أسباب سياسية استراتيجية أمنية:
    • الرغبة في زيادة مناطق النفوذ لتأمين حدود الدولة العثمانية ونشر الإسلام.
    • تشديد الحماية والأمن، حيث إنّ القسطنطينية كانت تُعدّ بوابةً لدخول الحملات البيزنطية والأوروبية على الأراضي العثمانية لمحاربتهم، ووكراً تُحاك فيه المؤامرات ويُعتقل فيه الأمراء العثمانيين.
    • إنهاء التهديد البيزنطي، حيث إنّ البيزنطيين استمروا بتحريض الغربيين على الدولة العثمانية، وتنظيم الحملات الصليبية ضدّهم، كما أنّهم حرّضوا ورثة الحُكم في الدولة العثمانية على التمرّد على بعضهم البعض الأمر الذي أدّى إلى إراقة الكثير من الدماء وإعاقة طريق الفتوحات الإسلامية.
    • إيقاف تهديد القسطنطينية لأمن الدولة العثمانية كونها توجد داخل أراضيهم الأمر الذي كان يُمكن أنّ يُشكّل ثورةً ضد السلطان.
    • تحرُّك البابا في الفاتيكان للسيطرة على الكنيسة الأرثوذكسية في الشرق بعد قُبول البيزنطيين بشروطه لمواجهة خطر العثمانيين.
  • أسباب جغرافية:
    • وقوع القسطنطينية في مكان جغرافي يجعلها بوابة أوروبا من الجهة الشرقية.
    • تشكيل القسطنطينية عائقاً أمام وحدة الدولة العثمانية بعد قيامها في آسيا الشمالية إلى شبه جزيرة البلقان.
    • وقوع القسطنطينية عند نقطة التقاء ما بين آسيا وأوروبا من خلال مضيق البوسفور الذي يربط البحر الأبيض بالبحر الأسود.
    • وقوع القسطنطينية على طرق المواصلات والملاحة البحرية.
  • أسباب دينية:
    • تحقيق البشارة النبوية بفتح القسطنطينية.
    • تحقيق حلم الأسلاف من القادة والسلاطين المسلمين بفتح القسطنطينية.
    • إثبات جدارة السلطان محمد الثاني بخلافة المسلمين.

محاولات فتح القسطنطينية

حاول المسلمون فتح مدينة القسطنطينية لأكثر من 8 قرون لتحقيق البشارة النبوية، حيث وصلت محاولات فتح القسطنطينية إلى ما يُقارب 11 محاولة قبل أن تُفتح، منها 7 محاولات في أول قرنين للإسلام، ثمّ ازداد الأمل بفتحها في عهد العثمانيين، فحاصر كلّ من السلطان بايزيد الأول والسلطان مراد الثاني القسطنطينية إلّا أنّ محاولاتهما لم تنجح وبقيت المدينة على حالها إلى أن قاد السلطان محمد الثاني المسلمين إلى الانتصار وفتح القسطنطينية في القرن الخامس عشر.

نتائج فتح القسطنطينية

نتائج الفتح على الدولة العثمانية

كان لفتح القسطنطينية العديد من النتائج على الدولة العثمانية، ومن أبرزها ما يأتي:

  • ارتفاع شأن السلطان محمد الفاتح ورفع مكانته ونفوذه، ووقوف حزب الحرب في صفّهِ ضدّ الصدر الأعظم الذي عُيّن في عهد مراد الثاني.
  • تسليم مدينة جنوة للسلطان محمد الفاتح لتُصبح تحت إمرة العثمانيين، وذلك من قِبل محافظ مدينة جنوة الذي عُرف بحكمته.
  • توحيد الأتراك في الأناضول تحت الراية العثمانية.
  • مضاعفة اهتمام العثمانيين بالقوة البحرية، حيث بنوا أُسطولاً بحرياً عظيماً في القسطنطينية.
  • حدوث نقلة نوعيّة لنمط حياة العثمانيين من نمط الحياة البدوية.
  • ضمّ مدينة بيرا التي تُحاذي القسطنطينية إلى مناطق نفوذ الدولة العثمانية، وذلك بعد تسليمها من قِبل حُكّامها للسلطان محمد الفاتح.
  • تحسّن أوضاع حكم القسطنطينية، حيث إنّ أهل القسطنطينية تمتعوا بعد الفتح العثماني بحكمٍ أفضل ممّا كانت عليه في السابق، وأصبحوا ينعمون بالسخاء والرخاء والحرية الشخصية.
  • الإطاحة بالإمبراطورية البيزنطية أكبر إمبراطوريات العصور الوسطى، وانتقال مكانة الحضارة البيزنطية في العالم إلى العثمانيين، حيث إنّ فتح القسطنطينية يُعدّ بمثابة القضاء على الدولة البيزنطية التي استمرّت ما يُقارب 11 قرناً. والتي أشار سقوطها إلى نهاية العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة.
  • اتخاذ القسطنطينية عاصمةً للعثمانيين بصفتها أقوى المراكز التجارية عالمياً، حيث إنّها أصبحت عاصمةً للتجارة، والعلوم، والفنون، كما احتضنت العديد من الأصول والديانات المختلفة وأصبحت مجتمعاً متعايشاً يسوده الأمن والأمان.
  • فرْض العثمانيون حُكمهم على الغالبية العظمى من العالم، من خلال سيطرتهم على ثُلث أوروبا، وغالبية شمال أفريقيا، والشرق الأوسط بالكامل.
  • حصول السلطان محمد على لقبيّ الفاتح ولقب قيصر الروم، وذلك لِكون القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية.

نتائج الفتح على العالم الإسلامي

تعددت نتائج فتح القسطنطينية على العالم الإسلامي، ومن أبرز هذه النتائج ما يأتي:

  • إطلاق اسم اسلامبول، أو استانبول على القسطنطينية، والذي يعني عاصمة الإسلام.
  • اختلاط العادات والتقاليد ما بين المسلمين والأوروبيين.
  • تحوّل القسطنطينية لتُصبح مركزاً لنشر الثقافة الإسلامية، وطباعة المصاحف بالرسم العثماني، ومجمّعاً لعلماء وشيوخ المسلمين، ونقطة انطلاق الفتوحات الإسلامية تجاه أوروبا.
  • استفادة الحضارة الإسلامية من العديد من الحضارات بفتح القسطنطينية، مثل الحضارة البيزنطية وحضارة السلاجقة، حيث احتفظ المسلمون بعلمهم وعلومهم، كما أنّهم استفادوا من نُظم إدارة المماليك، والإيلخانيين، والصقالية.
  • تحقيق وحدة الأراضي في آسيا بأجزائها مع أوروبا وانتشار الفكر الإسلامي في البقع الجغرافية المتعددة من العالم الغربي وبالتحديد في الداخل الأوروبي.
  • توسّع رقعة الدولة الإسلامية ووصولها إلى صربيا، والمورة اليونانية، وألبانيا، والنمسا، والمغرب، والفقاس، وبولندا، والحبشة، وبعض المناطق الإيطالية، بالإضافة إلى بلاد فارس وما حولها، والمحيط الهندي، والبحر الأبيض المتوسط، والبحر الأسود، والخليج العربي، ومضائق إيطاليا والبلقان، وجُزر البندقيّة، والكثير من المناطق الأُخرى.

نتائج الفتح على العالم الأوروبي

أثّر الفتح الإسلامي على العالم الأوروبي، فكانت نتائج هذا الفتح ما يأتي:

  • تشكيل الدولة العثمانية خطراً حقيقياً على العالم الأوروبي لمدّة قرنين من الزمن بتقّدم الفتوحات ووصولها إلى فيينا.
  • توجّه الأوروبيين إلى استخدام البحار الواسعة لتمرير سُفنهم التجارية، والبحث عن طرق أُخرى غير المعتادة لتمرير بضائعهم لاسترداد خسائرهم ونقصهم من الذهب.
  • هجرة العلماء البيزنطيين إلى إيطاليا وفرنسا التي أدّت إلى قيام النهضة الأوروبيّة الحديثة.
  • تعليم الحكومات الأوروبية جنودها أنظمة القتال التي يتّبعها الجيش العثماني سواء النظام الانكشاري أو نظام قوات المشاة الخفيفة.
  • تعجيل ظهور الاستكشافات الجغرافية؛ وذلك بسبب سيطرة العثمانيين على الخط التجاري الرئيسي بين الشرق والغرب ممّا دفع الدول الأوروبية للبحث عن طُرق تجارية بديلة، وأدّى ذلك إلى اكتشاف القارة الأمريكية بالإضافة إلى طريق رأس الرجاء الصالح التجاري.