يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال مقدمة بحث في علم التفسير ، و نشأة علم التفسير ، و أنواع علم التفسير ، و فَضْل تفسير القرآن الكريم ، و أهمية علم التفسير ، و شروط المفسّر ، حيث أن علم التفسير واحد من أهم أنواع العلوم ومن خلاله نستطيع اكتشاف أسرار القرآن الكريم وما المقصود من الآيات القرآنية المختلفة، وسوف نوفر لكم المزيد من المعلومات عبر بحث كامل عن علم التفسير.

مقدمة بحث في علم التفسير

مقدمة بحث في علم التفسير
مقدمة بحث في علم التفسير

يُعرف علم التفسير لغويًا بأنه البيان والإيضاح والكشف عن المعاني المقصودة والمقبولة، واصطلاحًا هو عبارة عن علم يبحث في إيضاح فهم معاني الألفاظ الخاصة بالقرآن الكريم، ويساعد هذا العلم عن كشف الدلالات والأحكام والمعاني من خلال ألفاظ القرآن الكريم، فعرف التفسير بأنه علم يُفهم من كتاب الله الذي تم تنزيله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

نشأة علم التفسير

أنزل الله القرآن الكريم بلغة العرب، وبأساليب الكلام التي عُرفوا بها، ولا يوجد أيّ لفظٍ في القرآن من لغةٍ أخرى غير اللغة العربية، وإن ورد أيّ لفظٍ من لغةٍ أخرى؛ فإنّما هو من باب التوافق، ولو ورد أي لفظٍ غريبٍ على العربيّة؛ لبيّنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للصحابة -رضي الله عنهم-، إذ كان يُخبرهم ويعلّمهم كلّ ما يتعلّق بالآيات القرآنيّة،

فكان الصحابة -رضي الله عنهم- الأكثر فَهْماً للقرآن؛ لفصحاتهم، ومعرفتهم باللغة، ولأنّ القرآن نزل بوجودهم، وشهودهم للنوازل والحوادث التي كانت سبباً في نزول بعض الآيات، لذلك فهم الأعلم بأسباب النزول، ومع ذلك؛ فالبعض من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- لم يتكلّموا في القرآن وتفسيره؛ خوفاً من الخطأ.

واقتصروا على ما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في التفسير، وبذلك نشأت مدرسة التفسير الأولى، التي عُنيت بما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ثمّ المدرسة الثانية التي أضافت على الأولى ما اجتهدوا فيه؛ وفقاً للقواعد والضوابط المحدّدة في التفسير.

أنواع علم التفسير

هناك أنواع مختلفة لعلم التفسير من بينها:

النوع الأول (تفسير بالمأثور)

هو التفسير الذي يعتمد على تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين بشرط أن يتم نقل التفسير بدون أي تغيير، ويشترط عند النقل بعدم عمل أي تعديلات إلا المتعلقة باللغة العربية لتفسير وبيان بعض الكلمات المُبهمة، مع الاستنتاجات الخاصة بتفسير القرآن الكريم.

ينقسم هذا القسم إلى أربعة أنواع من التفسير:

  • تفسير القرآن بالقرآن: يُعد من أشمل وأفضل أنواع التفسير المتواجد.
  • تفسير القرآن بالسنة: يُعتبر هذا النوع من التفسير من أهم تفسيرات الرسول صلى الله عليه وسلم الخاصة بآيات القرآن الكريم.
  • تفسير الصحابة للآيات: يعد تفسير قام بتفسيره الصحابة رضي الله عنهم للآيات، بعد أن سمعوها من الرسول صلوات الله عليه.
  • تفسير التابعين للقرآن: اعتمد التابعون في هذا التفسير ما قد تعلمون من الصحابة رضي الله عنهم.

النوع الثاني (التفسير بالرأي)

يعتمد التفسير في هذا النوع على الاجتهاد الكبير لعلماء المفسرين المختصين بعلوم القواعد اللغوية أو العلوم الشرعية، وينقسم هذا النوع إلى قسمين من أنواع التفسير، وهما كما يلي:

  • تفسير الرأي المحمود: ويقصد به التفسير الذي يعتمد إلى أصول الشريعة الإسلامية، وأصول اللغة العربية، ويتم بناءه على أساس القواعد الدقيقة والواضحة.
  • تفسير الرأي المذموم: يتم هذا النوع على أي علم، ولا يكون له أي معرفة بأصول الشريعة الإسلامية، ولا يُعد من التفسيرات الصحيحة، ويحرم استخدام مثل هذا النوع في تفسير الآيات القرآنية.

قد يهمك:

فَضْل تفسير القرآن الكريم

تترتّب على علم التفسير العديد من الفضائل، فيما يأتي بيان البعض منها:

  • فَهْم كلام الله -عزّ وجلّ-، ومعرفة المُراد والمقصود منه، إذ إنّ فَهْم القرآن أصلٌ للعديد من العلوم الشرعيّة الأخرى، كما أن الانشغال بعلم التفسير؛ انشغالٌ بأفضل الكلام وأعظمه.
  • فضَّل الله -تعالى- علم التفسير، وشرّف أهله، ورفع درجاتهم، لذلك فإنّ العلم بالقرآن من أفضل العلوم، إذ إنّه جامعٌ لعددٍ من العلوم النافعة؛ كأصول الإيمان، والمسائل الفقهيّة، والآداب، والأخلاق، والسلوك، كما ذُكرت فيه قصص الأنبياء والأمم السابقة.
  • الدلالة على كيفيّة الاعتصام بالله -تعالى- من الضلالة، فالاعتصام لا يكون إلّا بفَهْم ما أنزل الله في القرآن، واتّباع ما ورد فيه من الهُدى والحقّ.
  • وُرثَ علم التفسير عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، إذ إنّ المفسّر وارثٌ للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فالمُفسّر مُبيّنٌ ومُبلّغٌ لدعوة النبيّ.
  • تفضيل المفسّر على غيره؛ إذ إنّه يدخل في زُمرة خيريّة الأمة، كما أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه، عن عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ).

أهمية علم التفسير

إن لعلم تفسير القرآن الكريم أهمية بالغة تتمثل في فهم القرآن بطريقة أفضل ومعرفة الأحكام الشرعية الواردة فيه، كما يعمل على تثبيت أصول العقيدة في النفس، بالإضافة إلى المساعدة على معرفة أحداث السيرة النبوية وأخبار الأمم السابقة، وفيما يأتي شرح لهذه المنافع:

فهم القرآن الكريم

شرع الله -تعالى- الأحكام التي تنظّم للمسلم كافة مناحي حياته، وجُمعت هذه الأحكام والمواعظ في القرآن الكريم، وبيّن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أهمية التمسّك بكتاب الله؛ لكونه سبباً في الهداية، وهذا من أهم أسباب الاهتمام والإقبال على تفسير القرآن الكريم.

وتكمن أهميّة تفسير القرآن الكريم بفهم المراد من آياته، ومعرفة مقاصد الشارع، فالإعجاز البياني والعلمي للقرآن الكريم لا يمكن معرفته إلاَّ بفهم القرآن، وفهم مراد الله -تعالى- في الآيات، وذلك ليحسن قارئ القرآن الكريم في تدّبر آيات الله -تعالى-.

معرفة الأحكام الشرعية

تضمّن القرآن الكريم الكثير من آيات الأحكام؛ وهي الآيات التي تحمل أحكامًا شرعيّة توضّح حكم العبادات وكيفية بعضها، فكان التفسير ضرورةً في فهم الحكم الشرعي لتحرّي ما حرّم الله وما أحلّ لعباده، ومعرفة آيات الأحكام التي تُفسّر بعضها، والتي شرعها القرآن الكريم ولم يبيّن كيفيتها، فتحتاج إلى بحث وتفسير من مصدر آخر من مصادر التشريع الإسلامي.

تثبيت أصول العقيدة

القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع، فقد تضمّن كافة أصول العقيدة، وهي التي بيّنتها السنة النبويّة وعُرفت بأركان الإيمان؛ وهي الإيمان بالله -تعالى-، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وأهميّة التفسير في ذلك هي إعانة العبد على تثبيت هذه الأصول الإيمانيّة، وترسيخها في قلب القارئ للقرآن الكريم.

ولا شك أنّ الإيمان الذي يُبنى على علم وفهم يكون أثبت وأرسخ، فالقرآن الكريم مثلًا بيّن أنّ الإيمان يكون بتوحيد الله -تعالى- وحده وعدم الإشراك به، وبيّن الله -تعالى- آيات من قدرته وعظمته في خلقه، فيأتي دور التفسير في بيان هذا الأصل وأهميته وبيان الدلائل التي أقامها الله -تعالى- لإثبات هذا الأصل.

معرفة أحداث السيرة النبوية

كان نزول القرآن الكريم منجّمًا، أي إنّه نزل على دفعاتٍ بحسب الوقائع والأحداث التي حدثت في زمن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وكثير من أسباب النزول كان سببه الأحداث التي وقعت مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.

ولا يمكن معرفة أسباب النزول إلّا بتفسير القرآن الذي تضمّن قصص من سيرة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وبالتالي يعين التفسير على معرفة أحداث السيرة النبويّة، ومعرفة القصة وفهم المراد منها.

التعرف على أخبار الأمم

قصّ القرآن الكريم الكثير من قصص السابقين التي لم يكن للنّاس سبيل إلى معرفتها والقطع بصحتها سِوى في القرآن الكريم، فبيّن الله -تعالى- للناس قصص الأنبياء السابقين ودعوتهم لأقوامهم، وبيان حال أقوام وأناس مرّ على قصصهم الوقت الكثير.

وكانت أهمية التفسير في ذلك توضيح هذه القصص وربْط الأحداث ببعضها، حيث كانت القصة الواحدة ترد في أكثر من موضع في القرآن الكريم، فوضع المفسّرون مؤلفات عديدة عن قصص القرآن الكريم بناءً على فهم هذه الآيات.

شروط المفسّر

ذكر أهل العلم عدّة شروطٍ للمفسّر، لا بدّ من تحققّها فيمَن اشتغل بتفسير القرآن، والشروط هي:

  • العقيدة السليمة

إذ إنّ للعقيدة الأثر الكبير في النَّفْس، فقد تكون سبباً في انحراف النُّصوص، والزيادة أو النقصان في نقل الأخبار، وتأويل الآيات بما يُضلّ عن طريق الهُدى والحقّ.

  • البُعد عن الهوى

بعدم السَّير في سبيل تحقيق الهوى، ونُصرة المذهب والاعتقاد، وإضلال النّاس بالكلام اللين واللطيف.

  • البدء بتفسير القرآن بالقرآن

إذ إنّ المُجمل في موضعٍ قد يُفصّل في موضعٍ آخرٍ، والمُختصر قد يُبيّن أيضاً.

  • البحث عن تفسير الآيات في السنّة النبويّة

إذ إنّها جاءت مبيّنةً لِما ورد في القرآن الكريم.

  • الرجوع إلى أقوال الصحابة -رضي الله عنهم-

ذلك لأنّهم شَهِدوا التنزيل، وعاصروا الأحوال والوقائع التي وقعت زمن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.

  • الرجوع إلى أقوال التابعين

ذلك عند انعدام التفسير في القرآن، والسنّة، وأقوال الصحابة، ومن التابعين: مجاهد بن جبر، وسعيد بن جُبير، والحسن البصريّ، وعكرمة مولى ابن عباس، وسعيد بن المسيّب، وقتادة، والضحّاك، وغيرهم.

  • الإلمام باللغة العربية، وعلومها

إذ لا يُمكن فَهْم القرآن إلّا بعد معرفة مفردات الألفاظ، ومعرفة دلالاتها، ووجوه الإعراب والتصريف.

  • العلم بعلوم القرآن؛ كعلم القراءات

إذ يُمكن من خلاله معرفة كيفية النطق بالقرآن، والترجيح بين وجوه القراءة، ومنها أيضاً: علم التوحيد؛ لئلا يُفسّر لفظٌ بصورةٍ تخالف ما ورد في حقّ الله -تعالى-، ومن العلوم أيضاً: علم أصول التفسير، والنّاسخ والمنسوخ، وأسباب النّزول، وغيرها.

  • الفَهْم السليم

والدقّة في استنباط الأحكام، بِما يتوافق مع النُّصوص الشرعيّة.