يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال مقدمة بحث في البلاغة ، و نشأة علم البلاغة ، و أقسام علم البلاغة ، و البلاغة في القرآن ، و أهميّة علم البلاغة ، و أهم كتب البلاغة العربية ، أن البلاغة علم جمالي يُعنى بمطابقة الكلام لمقتضى الحال، وعناصر البلاغة اللفظ والمعنى وتأليف الألفاظ الذي يمنح الجمل قوة وتأثيرًا، إلى جانب الدقة في انتقاء الكلمات بحسب مواضع الكلام وحال السامعين وميولهم النفسي، فقد يَحسُن استخدام كلمة في موقع ويُستقبح في موضع آخر.

مقدمة بحث في البلاغة

مقدمة بحث في البلاغة
مقدمة بحث في البلاغة

تعودُ كلمة البلاغة إلى المادّة الّلغويّة (بَلُغ)، فبَلُغَ الشّيء: أي وصل وانتهى إليه، وشخصٌ بليغ: أي فصيح الّلسان، وحَسَنُ البيان، أمّا البلاغة في اصطلاح الُّلغة كما عرّفها القزوينيّ في كتابه (الإيضاح في علوم البلاغة) هي: “مُطابقة الكلام لمُقتضى حال السّامعين مع فصاحته”، كما أشار ابن الأثير في كتابه (أدب الكاتب والشّاعر) إلى أنّ الكلام البليغ سُمّي بذلك؛ لِما يحمله من الأوصاف الّلفظيّة، والمعنويّة، فالبلاغة تشمل المعاني لا الألفاظ فقط، كذلك عرّفها الرّمانيّ في كتابه (النّكت في إعجاز القُرآن) بأنّها استخدام أحسن الصّور من الألفاظ لإيصال المعنى وتوثيقه في قلب المُتلقّي.

يجب الإشارة إلى أنّ للبلاغة عناصرَ ذكرها عبد الرّحمن بن حسن حنبكة الميدانيّ في كتابه (البلاغة العربيّة)، فذكر أنّها تتمثّل في سِتّة عناصر هي: (الأول هو: الحرص على الإتيان بالقواعد النّحويّة والصّرفيّة على أكمل وجه مع حُسن اختيار المُفردات الفصيحة لها، والثّاني هو: الابتعاد عن الخطأ في إيراد المعنى، والثّالث هو: الابتعاد عن أيّ تعقيد لفظيّ أو معنويّ لا يُوصل إلى المعنى المقصود، والرّابع هو: حُسن اختيار المُفردات التي تحمل حِسّاً وجمالاً، والخامسُ هو: انتقاء الجميل من المقاصد والمعاني وترجمتها من خلال ألفاظ تحمل طابعاً جماليّاً، والسّادس الأخير هو: تدعيم الكلام من خلال استخدام المُحسّنات البديعيّة التي تُزيّنه وتجذب المُتلّقي).

نشأة علم البلاغة

مرّ علم البلاغة بمراحل ثلاث أثناء تطوّره عبر الأزمان، فكانت أولّها مرحلة النّشأة بمصاحبة العلوم الأخرى بجانبه، ثمّ مرحلة تكامله مع هذه العلوم، وحتّى الوصول إلى المرحلة الأخيرة التي تفرّد فيها علم البلاغة مع استقراره عن العلوم الأخرى، وعند العودة إلى نشأة هذا العلم يجب التّركيز على أنّ علم البلاغة لم يملك وُجوداً واضحاً بين العلوم الأُخرى، إنّما كان على هيئة أفكار، ومُلاحظات ضمن المُؤلّفات التي وجدت حينها، ومن الجدير بالذِّكر أنّ نشأة علم البلاغة في المشرق تفوّق على نشأته في المغرب-بحسب ما ذُكر في كتاب العِبر لابن خلدون-، كما أورد مُعلِّلاً ذلك أنّ من توافر في بلادهم العُمران، كانوا للعلوم الّلسانيّة والصّنائع الكماليّة أقْوَم وأكثر قُدرة، وكان أهل المشرق حينها أكثر عمراناً من المغرب.

يجب الإشارة إلى أنّ ابن خلدون ذكر في كتابه (العِبر) أنّ علم البلاغة الحاليّ بأقسامه الثّلاثة: (عِلم المعاني، وعِلم البيان، وعِلم البديع) هو التّصنيف الحديث لهذا العلم، كما ذكر بأنّ أهل الّلغة قديماً لم يذكروا “علم البيان” ضمن علوم البلاغة عندما وضعوه، وهذا ما دعى علماء الّلغة المُحدِّثين لاحقاً إلى تسميته بـ”علم البيان”.

أقسام علم البلاغة

يُقسم علم البلاغة العربية إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي: علم البيان وعلم المعاني وعلم البديع، وكلّ علم من هذه العلوم يُقسم إلى أقسام فرعية تشترك جميعها في وظيفة واحدة، وهي مطابقة الكلام لمقتضى الحال وتجميل الألفاظ كما ذُكر في تعريف علم البلاغة.

علم البيان

هو العلم الذي يُمكّن الإنسان من التعبير عن المعنى الواحد بطرق مختلفة، ويُقسم إلى: الحقيقة والمجاز والتشبيه والكناية، ويقسم المجاز إلى فروع مختلفة منها: المجاز المرسل والمجاز العقلي، كما يقسم التشبيه إلى أقسام مختلفة منها: التشبيه التمثيلي، أمّا الكناية فهي أسلوب بلاغي شائع، حيث تُعرّف على أنّها لفظ أُطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة المعنى الأصلي.

علم المعاني

هو العلم الذي يُعنى في البحث في تقسيم الكلام إلى جمل خبرية وجمل إنشائية، مع بيان الفرق بين الجمل الخبرية والجمل الإنشائية، فالجمل الخبرية هي التي يُحكَم عليها بالصدق أو الكذب مثل: جاء خالد، أما الجمل الإنشائية فهي التي لا يحكم عليها بالصدق أو الكذب كجمل الاستفهام والذم والمدح، والتعجب والتمني والرجاء، مع ملاحظة مُلاءَمة الكلام لمقتضى الحال.

علم البديع

هو العِلم الذي يجمع بين الجمال المعنويّ المتعلّق بمعاني الألفاظ، وبين الجمال اللفظي المتعلق بأشكال الألفاظ أو نطقها واختلافها في المعنى أو اتفاقها فيه، ويشتمل على المحسّنات اللفظية كالجِناس والسجع، والمحسّنات المعنوية مثل: التورية والطباق والمقابلة وحسن التعليل والمبالغة، ولكل منها تفصيلات لا مَساحة لذِكرها هنا.

قد يهمك:

البلاغة في القرآن

يتّسم القرآن الكريم بوصفه مُعجزة بيانيّة بوُجود العديد من الأساليب البلاغيّة، كما ذكر (حازم القرطاجيّ) في كتابه (منهاج البلغاء وسراج الأدباء) أنّ جانب الإعجاز في كِتاب الله، يكمن في استمرار فصاحته وبلاغته على مدى الأزمان، وأنّه لم يمرّ في البشريّة أحد استطاع الاتيان بمثل بلاغته، وقد قارن هذا بكلام العرب الفصيح البليغ الذي لم يبقى كُلُّه كما هو، ويجب الإشارة أنّ الأثيم ذكر في كتابه (الأسرار البلاغيّة للتّقديم والتّأخير في سورة البقرة)، أنّ القرآن بقليل ما ورد فيه، وبكثيره هو إعجاز، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الدّكتور (مخيمر صالح) جمع الأساليب البلاغيّة في القرآن الكريم، بحيث أورد العلوم البلاغيّة الثّلاثة (المعاني، البيان، البديع) ضمن مُعجم مُصنّف بحسب اسم العلم البلاغيّ، ويُلاحظ مُتصَّفِح الكِتاب أنّ الأسلوب الواحد في القرآن يُورَد بأكثر من طريقة لأغراض مُختلفة في كُلّ مرّة كأسلوب الأمر، والاستفهام، وغيرها، وهذا أحدا مواطن الإعجاز في مُفرداته، وفيما يلي أمثلة على علوم البلاغة الثلاثة بشكل عامّ ممّا أورده في كتابه (مُعجم الأساليب البلاغيّة في القرآن الكريم):

  • علم المعاني: مِثل أسلوب الإطناب في قوله تعالى: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
  • علم البيان: مِثل أسلوب التّشبيه في قوله تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ).
  • علم البديع: مِثل أسلوب الطِباق بين كلمتيّ (الّليل-النّهار) في قوله تعالى: (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

أهميّة علم البلاغة

إنّ أهمية علم البلاغة العربيّة استُنبطت من القرآن الكريم لفهم حلاوة معانيه، ومقاصده، وبيان أسراره، وأحكامه، وأخباره، وتفسير آياته الكريمة ومعرفة ما فيها من براعة وعذوبة في اللفظ والتركيب البلاغيّة، فهذا العلم يُعتبر الوسيلة المناسبة لمعرفة إعجاز القرآن الكريم، لذلك يؤدي الإغفال عنه إلى عدم إدراك إعجاز النظم القرآنيّ، وبالتالي لا بدَّ من الإلمام بقواعد علم البلاغة التي تجعل الإنسان فصيحًا ومتكلّمًا بلسان بليغ.

أهم كتب البلاغة العربية

بحث أكثر من دارس وعالم في علم البلاغة العربية منذ القدم وحتى وقتنا الحاضر، ومنهم من أسهب في الحديث عن علم البلاغة دون التدقيق في فروع العلم وأقسامه، ومنهم من خصّص بحثه ودراسته في علم البيان أو المعاني أو البديع، وكتب البلاغة العربية كثيرة، أهمُّها:

  • دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني: وضع الجرجاني في هذا الكتاب أُسُس البلاغة العربية وقوانينها بعد قراءة القرآن الكريم استنادًا إلى بلاغة القرآن الكريم.
  • علم البديع لابن المعتز: جمع ابن المعتز في هذا الكتاب استشهادات وتمثيلات شعريّة على أنواع المحسّنات البديعيّة، واستفاد من الأمثلة المبثوثة في كتاب الجاحظ “البيان والتبيين”.
  • البلاغة الواضحة لعلي الجارم ومصطفى أمين: يُعد كتاب البلاغة الواضحة من الكتب المُيسرة لعلم البلاغة العربية، حيث قدّم المؤلفان في هذا الكتاب مادة متسلسلة في شرح واضح مدعوم بالأمثلة والشواهد، إضافة إلى التدريبات المختلفة ليكون كتاب البلاغة الواضحة من أهم مراجع الطلبة دارسي البلاغة العربية في الجامعات والمدارس، وقد كان ما سبق عرضًا لأقسام علم البلاغة، إضافة إلى تعريف علم البلاغة وذكر أهميته وأهم العلماء الذين درسوا علم البلاغة، إضافة إلى أهم الكتب التي تناولته بالشرح والتفصيل.