يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال مقدمة بحث في اصول الفقه ، و تعريف أصول الفقه لغة واصطلاحاً ، و مفهوم أصول الفقه ، و موضوع علم أصول الفقه ، و أمثلة على مسائل علم أصول الفقه ، و أهمية علم أصول الفقه ، يعدّ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هما أصل الفقه في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وممّا لا مجال للشك فيه، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد وقع منه الاجتهاد فيما لا نص فيه من كتاب أو سنة، كما في كثير من القضايا والخصومات وأمور الحرب، وغيرها من الأمور المتعلقة بسياسية الدولة وتطبيق الأحكام. ولم يكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بحاجة إلى وضع قواعد يسير عليها في تشريعاته، وضوابط لا يتعدّاها في فتواه وأقضيته؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان أعرف الناس بكيفية دلالة النصوص على الأحكام مباشرة أو بواسطة، ولأن الاجتهاد مبني على العلم بمعاني النصوص. فيما يلي مقدمة بحث في اصول الفقه.

مقدمة بحث في اصول الفقه

مقدمة بحث في اصول الفقه
مقدمة بحث في اصول الفقه

تعددت تعريفات العُلماء لأصول الفقه، فقال بعضهم: إنه معرفة دلائل الفقه بشكلٍ إجماليّ، وكيفية الاستفادة منها وحال المُستفيد، فيدخُل فيه معرفة الأدلة والأحكام، ويشمل للدليل القطعيّ والظنيّ.

فأصول الفقه يشمل أدلة الفقه الإجماليّة، ويشمل كيفية الاستفادة من الأدلة؛ كالأمر والنهي، والعام والخاص، والمُطلق والمُقيد، وغير ذلك، كما أنه يشمل حال المُستفيد وهو المُجتهد، ويدخُل فيه مبحث التعارض والترجيح والفتوى، فمبحث أصول الفقه يشمل أربعة أُمور، وهي: الأدلة، وطُرق الاستنباط، والأحكام، والاجتهاد.

وعرفه بعض العُلماء بقولهم: إنه العلم بالأحكام الشرعيّة الثابتة لأفعال المُكلفين من خلال النظر والاستدلال، فأصول الفقه عبارةٌ عما تُبنى عليه مسائل الفقه، وتؤخذ الأحكام الشرعية منه، وذهب بعض العُلماء إلى تعريفه عن طريق تقسيمه، فعرفه بالأصول أولاً، ثُمّ تعريف الفقه، ثُمّ تعريفه باعتباره مُركباً إضافياً.

تعريف أصول الفقه لغة واصطلاحاً

لتعريف علم أصول الفقه لغةً تفسّر كلمة الأصل بكل ما يُبنى عليه غيره سواء كان ملموساً أو معنوياً، فالأصل هو أسفل الشيء وأساسه الذي يعتمد عليه، أمّا اصطلاحاً فقد جاءت كلمة الأصل بعدة معاني عند العلماء؛ فجاءت بمعنى الدليل، والقاعدة، والرجحان، والمستصحب، ومقابل الفرع، أمّا فيما يتعلق بالفقه لغةً فهو الفهم المطلق للشيء، وإدراك معنى الكلام، أمّا اصطلاحاً فيشير إلى العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية والتوصّل إليها، وتحديد ماهيتها من فرض، أو مندوب، أو مكروه وغيرها من الأحكام.

مفهوم أصول الفقه

يذكر أهل العلم تعريفين لعلم أصول الفقه؛ الأول باعتباره مركباً من مضاف ومضاف إليه؛ وهذا يقتضي تعريف جزأيه، والتعريف الثاني باعتباره علماً مستقلاً من علوم الشريعة الإسلامية، وفيما يلي بيان التعريفين:

تعريف أصول الفقه باعتباره مركباً

  • أصول: الأصول في اللغة جمع أصل، وهو أسفل الشيء وأساسه، الذي يُبنى عليه غيره ويُعتمد عليه، وفي الاصطلاح؛ فقد استعمل الفقهاء كلمة الأصل في معانٍ كثيرة؛ أهمها:
    • مقابلة الفرع؛ وذلك في الفقه وأصوله؛ كالخمر أصلٌ والنبيذ فرعٌ له.
    • الراجح؛ كالقرآن أصل للقياس؛ أي راجح عليه.
    • المستصحب؛ كقولنا الأصل الطهارة لمن كان متيقناً؛ أي تستصحب الطهارة حتى يثبت العكس.
    • القاعدة؛ أي التي تبنى عليها المسائل.
    • الدليل؛ كقول الفقهاء الأصل في هذه المسألة القرآن والسنة؛ أي الدليل عليها.
  • الفقه: الفقه في اللغة مطلق الفهم، وإدراك معنى الكلام، ومن ذلك ما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: (قالوا يا شُعَيبُ ما نَفقَهُ كَثيرًا مِمّا تَقولُ)، وفي الاصطلاح الشرعي هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، فهو عبارة عن معرفة الأحكام الشرعية؛ كالحلال والحرام والمكروه والمباح، واستخراجها من الأدلة التفصيلية؛ وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس.

تعريف أصول الفقه باعتباره علماً

عرّف جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة علم أصول الفقه أنه العلم بالقواعد الكلية التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، وعرّف الشافعية أنه معرفة دلائل الفقه إجمالًا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد.

فعلم أصول الفقه هو العلم بالقواعد العامة والضوابط الكلية التي يستطيع المجتهد بواسطتها معرفة الحكم الشرعي واستخراجه من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وغير ذلك من مصادر التشريع، والتي تبيّن للفقيه المسلك الذي يجب عليه أن يلتزمه في استخراج الأحكام من أدلتها.

ويهتم علم أصول الفقه بدراسة الأدلة الإجمالية، وكيفية الاستفادة منها، واستخراج الأحكام من المصادر، ويبيّن الدليل الصحيح الذي يرشد إلى حكم الله، وسبب ترجيحه على غيره، والتعارض الذي يحصل بين الأدلة الشرعية، ويهتم بدراسة حال المجتهد وصفاته وشرائطه، وبيان معنى الاجتهاد والتقليد وأحكامهما.

قد يهمك:

موضوع علم أصول الفقه

يتضمن علم أصول الفقه عدة موضوعات، بيانها كما يلي:

  • مباحث الأدلة الإجمالية الموصلة إلى الأحكام الشرعية العملية، وهي مصادر التشريع الإسلامي التي يؤخذ منها حكم الله تعالى، وأقسامها، واختلاف مراتبها، وحجيتها وقوتها في الإيصال إلى الحكم، وشروط حجيتها وترتيبها وجميع عوارضها، وكيفية اقتباس الأحكام الشرعية منها، ووجوه دلالاتها ودلالات الألفاظ، من كونها عامة، أو خاصة، أو مطلقة، أو مقيدة، أو مجملة، أو مبينة، أو ظاهرة، أو نصاً، أو منطوقاً، أو مفهوماً، وكون اللفظ أمراً، أو نهياً.
  • مباحث التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية، وبيان المرجّحات.
  • مباحث الاجتهاد والتقليد؛ ببيان حال المجتهد، وصفاته، وأحكامه، وشروطه، وبيان معنى التقليد وأحكامه.
  • مباحث الحكم الشرعي؛ سواء اقتضاءً أم تخييراً أم وضعاً.

أمثلة على مسائل علم أصول الفقه

توجد الكثير من الأمثلة على أُصول الفقه ومسائله، وذلك بحسب صيغه، ومنها ما يأتي:

  • النهي يفيد التحريم، ومن أمثلته قوله -تعالى-: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، فهذا نهي؛ والجمهور على أن دلالة النهي المُطلق تُفيد التحريم، فيحرُم الاعتداء على أموال الآخرين.
  • الأمر يفيد الوجوب، ومن أمثلته قوله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وذهب الجمهور إلى أن صيغة الأمر تدُل على الوجوب.

أهمية علم أصول الفقه

تكمن أهمية علم أصول الفقه وفائدته في العديد من الأمور، بيان بعض منها كما يلي:

  • التفقه في الدين، ومعرفة ما على المكلف من الواجبات والحقوق، فيقوم بعبادة الله تعالى على بصيرة ونور.
  • بيان الطريق الصحيح القويم للمجتهد في استنباط الأحكام الشرعية، فيكون أمامه منهجاً واضحاً وصحيحاً، فلا ينحرف ولا يتخبّط.
  • معرفة الحكم الشرعي للوقائع والأحداث المستجدة، فعلم أصول الفقه يرسم الطريق للعلماء في كل عصر من العصر في معرفة حكم الله تعالى في المسائل المستجدة التي لم يرد دليل في حكمها.
  • حماية الدين من التحريف والتضليل، وحفظ الفقيه من التناقض، ومعرفة مقاصد الشريعة الإسلامة، وحجج الأحكام، ومعرفة حِكم الشريعة وأسرارها، بالتأمل في مقاصدها وعلل أحكامها، وعلم أصول الفقه يعطي القدرة على مواجهة خصوم الشريعة، الذين يزعمون أن الشريعة لم تعد صالحة في هذا الزمان.
  • ضبط الفروع الفقهية بأصولها، وجمع المبادئ المشتركة، وبيان الأسباب المتباينة بينها، وأساس الاختلاف فيما بينها.
  • إن علم أصول الفقه هو الدعامة الأساسية والركيزة الرئيسية لدراسة المذاهب الفقهية الأربعة، والمقارنة بينهم، وخاصة في عصرنا الحاضر.