يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال مقدمة بحث غزوة حنين ، و سبب غزوة حنين ، و أحداث غزوة حنين ، و نتيجة غزوة حنين ، و عوامل انتصار المسلمين في غزوة حنين ، و العبر المستفادة من غزوة حنين ، حملت غزوة حنين هذا الاسم نسبة إلى المكان الذي وقعت فيه، في وادي حنين الكائن بين مدينتي مكة المكرمة والطائف في منطقة شبه الجزيرة العربية.

مقدمة بحث غزوة حنين

مقدمة بحث غزوة حنين
مقدمة بحث غزوة حنين

مقدمة بحث غزوة حنين:

كانت قبيلتي هوازن وثقيف من أقوى القبائل العربية، ومع انتشار الإسلام واستمرار دخول الناس فيه، خافت من غزو رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لها، فقرّرت أن تُهاجم المسلمين قبل أن يهاجموهم، فجهّزت جيشاً مكوّناً من عشرين ألف مقاتل، بقيادة سيّدٍ من سادات هوازن اسمه مالك بن عوف، وقد رتّب جيشه صفوفاً؛ فجعل الخيل في المقدمة، ثم الرجال، ومن خلفهم وضع نساءَهم وأولادهم، وأموالهم، بقصد أن يدفعهم ويشجّعهم على الثبات في أرض المعركة، فوجود أغلى ما يملكون خلفهم سيكون دافعاً لهم للمقاتلة بكل ما يملكون، ووضع الغنم خلف النّساء، ووضع الإبل خلف الغنم، ثم وقف يخطب بهم ويرفع من عزيمتهم، ويحثّهم على المقاتلة والثّبات في أرض المعركة، وكان قد نَصب مجموعةً من الأفخاخ للمسلمين، وقد نجّاهم الله -عزّ وجلّ- منها بلطفه وحمايته، وأمر جيشه ببدء القتال، كوْن القوّة تتمركز في الغالب للمهاجم لا المدافع، ولمّا علِم رسول الله بذلك أرسل أبا حدرد الأسلميّ ليمكث بينهم ويعلم أخبارهم، ثم يعود لرسول الله ويخبره بما رأى، فلمّا جاء وأخبره بما رتّبوا له، نظّم الرسول جيشاً مكوّناً من اثني عشر ألف مقاتل ليواجههم بهم.

وكانت هذه الأحداث بعد فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة في شهر شوال، والسبب الرئيس الذي دفع هوازن وثقيف بتجهيز جيشٍ ضدّ المسلمين؛ هو خوفهم من رسول الله بعدما فَتح مكة، فخافوا أن يتوجّه إليهم فيقاتلهم، فعزموا على البدء بقتاله قبل ذلك، فلمّا علم رسول الله بما فعلوا جَهّز جيشه وسار نحوهم، ووصل إلى وادي حُنَيْن والتقى بهم، فانقضّ المسلمون عليهم حتى هزموهم، وبدأ المسلمون بجمع الغنائم، فهجم عليهم المشركون، فتفرّقوا وتشتّتوا، وتراجع منهم من كان حديث العهد بالإسلام، وكان قد أُشيع بين المسلمين خبر موت رسول الله، ممّا دفعهم لأن يلقوا بأسلحتهم جانباً ويُوقِفوا القتال، ورسول الله يقاتل على بغلته ثابتاً في أرض المعركة، ويقول: (أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ)، فجاء العباس -رضي الله عنه- وجعل ينادي بالمسلمين ويخبرهم أنّ رسول الله ما زال حيّاً، فبدأ المسلمون بالعودة والقتال، وانتصروا مرّةً أخرى، وحصلوا على غنائم ليست بالقليلة، وقام رسول الله بتوزيعها على من كان حديث الدخول بالإسلام، ولم يعطِ منها شيئاً للأنصار كونه ضامناً إسلامهم وثباتهم.

سبب غزوة حنين

سُبِقت غزوة حنين بحدثٍ عظيم، وهو فتح مكة المُكرَّمة على يد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته الكرام، وقد شاع خبر هذا الفتح بين القبائل إلى أن وصل إلى قبيلتي هوازن وثقيف، وقد كانوا يدينون بالشّرك وعبادة الأوثان، فقاموا بحشد قِواهم المادّية والبشرية حتى اجتمع رأيهم على قتال المُسلمين وهزيمتهم بعد أن ذاع صيتهم في جزيرة العرب، واتّحدت مع هذه القبائل نصر، وجشم، وسعد بن بكر، وبعض بني هلال، وقد امتلأت قلوبهم بالكِبر والعُجب بسبب انتصار المسلمين، وذهبوا إلى مالك بن عوف النصري، وقرّروا الذهاب لحرب المسلمين.

قد يهمك:

أحداث غزوة حنين

قرَّر مالك بن عوف أن يأخذ معه النساء والأطفال والبعير إلى الحرب؛ حتى يُبقي المقاتلين في حالة ثباتٍ ويقاتلوا عن أنفسهم وأموالهم ونسائهم، وتجمّعوا في وادٍ يُطلق عليه وادي أوطاس، أما المُسلمين فقد نزلوا في وادي حُنين، فقام مالك بن عوف بإرسال ثلاثة رسل؛ ليأتوه بخبر المُسلمين، فعادوا إليه وقد ملأ قلوبهم الخوف والوجل من عظمة ما رأوا، وقالوا له: “رأينا رجالا بيضًا على خيل بلق، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، ما تقاتل أهل الأرض إنما تقاتل أهل السماء، وإذا أطعتنا رجعت بالناس”، فغضب مالك وحبس الرّسل الثلاثة، وبقي على رأيه مصمّماً على الحرب، وكانت هذه الغزوة في العاشر من شهر شوال، في السنة الثامنة من هجرة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعد هزيمة المُشركين في مكة المكرَّمة وفتحها بأيامٍ قلائل، وقد كان عدد المُشركين آنذاك يتراوح ما بين عشرين إلى ثلاثين ألفاً، وخرج كل من جاء مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لفتح مكة المكرّمة، بالإضافة لمن أسلموا بعد الفتح، ولمَّا التقى الجيشان في ساحة المواجهة، لم يثبت المشركون أمام المُسلمين وانهزموا.

ولكن تلا ذلك انشغال المُسلمين في تقسيم الغنائم، ممَّا قلب موازين المعركة ورجَّح كفة المُشركين، فهرب المسلمون الجدد ومن كان معهم من أهل مكة، وبقي النبي -صلَّى الله عليه وسلمَّ- في ساحة المعركة، وكان قد انتشر بين المسلمين إشاعة استشهاد النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: (أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ، ثُمَّ صَفَّ أصْحَابَهُ)، فتفاوتت ردَّات الفعل عند من وصلتهم هذه الشائعة بين يائسٍ ومنهزمٍ، وثابتٍ مُقاتلٍ، فصدح العبَّاس في صفوفهم بصوتٍ عالٍ، وقال لهم إن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لازال على قيد الحياة، فعاد المسلمون إلى أماكنهمم، وانتصروا على المُشركين، وكانت الغنائم من هذه الغزوة كثيرة، فقام النبي -صلَّى الله عليه وسلّم- بتوزيعها على المُسلمين، وكان لحديثي الإسلام قسمٌ كبيرٌ منها؛ لتأليف قلوبهم وزيادة رسوخهم على عقيدة الإسلام، ولم يكن للأنصار حظاً من هذه الغنائم؛ لِما كان من ثباتهم وصدق إيمانهم.

ويجدر بالذَّكر أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أحبَّ أن يعود أصحاب الغنائم إليه نادمين تائبين؛ ممَّا دفعه إلى التريُّث في توزيع الغنائم على المُسلمين بضع ليالٍ، ولكن لم يأتِه منهم أحد، أمَّا عن المُشركين وقائدهم مالك بن عوف؛ فقد هربوا من أرض المعركة وذهبوا إلى الطائف، فجمع رسول الله الغنائم في مكانٍ ووضع عليها حارساً، وذهب -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن معه من المسلمين إلى المكان الذي هرب إليه مالك وجيشه في الطائف، وحاصرهم مع المسلمين لفترة طويلة، ثمّ رجعوا.

نتيجة غزوة حنين

تظهر نتائج عزوة حُنين بما كان فيها من الهزيمة والنصر، وما كان في توقيتها من التقارب الزمني بينها وبين فتح مكة، فقد كان من أبرز نتائجها أن قويت شوكة المُسلمين، وانكسرت راية الشرك في جزيرة العرب، وجعل الله -تعالى- الغنائم من غزوة حُنينٍ بمثابة الشُكر للمسلمين على فتح مكة المكرَّمة، ومنها كذلك أنَّ الله -تعالى- أنعم على المسلمين بالنَّصر يوم حُنين بعد أن ذاقوا ألم الهزيمة، فازداد فرحهم بنصر الله لهم، وإمدادهم بعونه على الرَّغم من قوة المَشركين في العدد والعُدَّة، ولم يجرؤ العرب بعد ذلك على قتال النبي -صلَّى الله عليه وسلّم-.

عوامل انتصار المسلمين في غزوة حنين

يعود السبب في انتصار المُسلمين في غزوة حُنين للعديد من الأسباب، ومن أهمّها ما يأتي:

  • ثبات النبي -عليه الصلاة والسلام-، واللجوء إلى الله بالدعاء بالنصر.
  • رُجوع الصحابة إلى المعركة بعد فرارهم، وذلك عندما رأوا ثبات النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعندما سمعوا نداء الرجوع.
  • تأييد الله -تعالى- للنبي -عليه الصلاة والسلام- ومن كان معه من المسلمين بِجُندٍ من جُنده.
  • انتصار المُسلمين يكون بقوّة عقيدتهم، وليس بعددهم وعُدّتهم.
  • عبقرية قيادة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتميّز الصحابة الكرام، وتردّي الحالة العسكرية لأعدائهم.

العبر المستفادة من غزوة حنين

إنّ لغزوة حُنين العديد من الدُروس والعبر المُستفادة، ومنها ما يأتي:

  • تعليم الصحابة درساً في العقيدة والأخذ بالأسباب، وأن النصر بيد الله -تعالى- وحده، وليس بالكثرة أو القِلّة، حيث اغترّ المُسلمون بكثرتهم فلم تُغنِ عنهم شيئاً، لقوله -تعالى-: (لَقَد نَصَرَكُمُ اللَّـهُ في مَواطِنَ كَثيرَةٍ وَيَومَ حُنَينٍ إِذ أَعجَبَتكُم كَثرَتُكُم فَلَم تُغنِ عَنكُم شَيئًا وَضاقَت عَلَيكُمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت ثُمَّ وَلَّيتُم مُدبِرينَ* ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلى رَسولِهِ وَعَلَى المُؤمِنينَ وَأَنزَلَ جُنودًا لَم تَرَوها وَعَذَّبَ الَّذينَ كَفَروا وَذلِكَ جَزاءُ الكافِرينَ* ثُمَّ يَتوبُ اللَّـهُ مِن بَعدِ ذلِكَ عَلى مَن يَشاءُ وَاللَّـهُ غَفورٌ رَحيمٌ).
  • تعليم النبي -عليه الصلاة والسلام- للصحابة جواز بعث من يتحسّس أخبار العدو وشأنهم، كبعثه لعبد الله بن أبي حدرد؛ لمعرفة أخبار المُشركين، بالإضافة إلى تعليمهم جواز استعارة الأسلحة من غير المُسلمين لقتال أعداء الإسلام، كاستعارته لأسلحةٍ من صفوان بن أُميّة عندما كان مُشركاً.
  • جُرأة وشجاعة النبي -عليه الصلاة والسلام- وثباته في المعركة بعد تفرُّق المُسلمين عنه.
  • جواز اشتراك النساء في الجهاد، من خلال سقي العِطاش، ومُداواة الجرحى، بالإضافة إلى تحريم قتل النساء والأطفال والعبيد في الجِهاد، حيث إنّ المقصود من الجهاد ليس الحقد على المُشركين، وإنّما نشر الدعوة.
  • بيانُ سياسة الإسلام مع الذين أسلموا حديثاً في عام الفتح، فقد اختصّهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بمزيدٍ من الغنائم عن غيرهم؛ لتأليف قلوبهم.
  • بيانُ فضل الأنصار ومحبة النبي -عليه الصلاة والسلام- لهم.