يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال مقدمة بحث صلة الرحم ، و تعريف صلة الرحم لغة واصطلاحًا ، و أنواع صلة الرحم ، و حديث عن صلة الرحم ، و كيفيّة صلة الرحم ، و فضل صلة الرحم ، تُعَدّ صلة الرحم من أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله -عزّ وجلّ-، وهي تُعدّ من الأمور الواجبة على كلّ مسلم، كما أنّها تحقّ له؛ وذلك بأن يصل رحمه ويصلوه، وقد ربط الله -تعالى- بين صلة الرحم، والبركة في الوقت، والرزق، وجعلها سبباً لهما.

مقدمة بحث صلة الرحم

مقدمة بحث صلة الرحم
مقدمة بحث صلة الرحم

مقدمة بحث صلة الرحم:

صلة الرحم بمثابة الحَبل الوثيق الذي يربط بين لآلئ عقدٍ واحد، فالإحسان إلى ذوي القربى فعل محمود واجب، يُمتّن الصلة بين الأهل ويجمعُ فُرقتهم، ويُقرّب بعيدهم، حتى إذا اجتمعوا كانَ الوِدُّ والعطف، وإذا تآلفوا على مأكلٍ واحد تمايلتْ الأُلفةُ بينهم، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: “الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ”.

تعريف صلة الرحم لغة واصطلاحًا

صلة الرحم لغةً

الصلة في اللغة ترجع إلى المصدر اللغوي (وَصَلَ)، والجمع منها صِلات، وتُقصَد بها عدّة مَعانٍ، منها: الشيء الذي يُعطى، والجائزة، والبِرّ والإحسان، والعلاقة التي تربط بين اثنين، أو أكثر، وتجمع بينهم.

أمّا الرحم في اللغة، فهو: موضع استقرار الجنين في بطن الأم، ويُقصَد بالرحم أيضاً: القرابة، وأسبابها، وإن قِيل: ذو رحم؛ أي ذو قرابة.

صلة الرحم اصطلاحاً

صلة الرحم في الاصطلاح الشرعيّ تُطلق على من تجمع بينهم القرابة، ويُحرَّم النكاح فيما بينهم، وبناءً على ما سبق فإنّ أبناء الأعمام، وأبناء الأخوال، لا يدخلون في مُسمّى الأرحام، وقِيل إنّ الرحم لَفظٌ يُطلَق على مَن بينهما ميراثٌ، وقِيل بل على كلّ مَن تجمع بينهم قرابة، سواء أكان أحدهما يَرِث الآخر، أم لا يَرِثه.

وتدلّ صلة الرحم أيضاً على الإحسان إلى الأقربين، سواءً كانت هذه القرابة بالنسب، أو المُصاهرة، والعطف عليهم، وتفقُّد أحوالهم، سواءً قابلوا ذلك بالإحسان، أو الإساءة، ومن الجدير ذِكر أنّ صِلة الأرحام تكون بحَسب حال كلا الطرفَين، وما يحتاج إليه الطرف الآخر؛ إذ إنّها قد تكون بالمال، أو تقديم الخدمة، والمساعدة، أو الزيارة، أو رَدّ السلام، أو تقديم النصيحة، أو المسامحة، والصفح عن الإساءة، أو بشاشة الوجه، وما إلى ذلك، بحسب قدرة الواصل، وحاجة الموصول، ومصلحة كلٍّ منهما.

قد يهمك:

أنواع صلة الرحم

لصلة الرحم منزلة كبيرة ومهمة في الإسلام، لأنها الطريقة التي تبقي أفراد العائلة على تواصل مستمر، ومن خلالها يمكن إصلاح ما تقطع من العلاقات، ولصلة الرحم أنواع ممكن الحديث عنها فيما يأتي

النوع الأول صلة الرحم التي يثاب عليها فاعلها

وهي صلة الرحم التي يقوم بها المسلم طاعة لله – تعالى -، واتباعاً لأوامر النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولا يثنيه عنها سوء أخلاق من يصلهم، ولا ينقطع عنهم رغم أذيتهم، ويدل على هذا النوع ما ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: (أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم ويسيئون إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقالَ: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تُسِفُّهُمُ المَلَّ وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ).

وهذا الرجل يُصِرُ على صلة الرحم على الرغم من إساءة قرابته لهم، فهذا كأنه بفعله هذا ينشر في وجوههم التراب المحمى بالنار، أو الرماد الحار، كما أن الله تعالى قد جعل لهم عليه ظهير أي ما زلت منصوراً من الله – تعالى -، ولك الحجة البالغة عليهم كما ينقطع كلام من ترمي بوجهه الرماد ما دامت هذه حالك معهم

النوع الثاني صلة الرحم التي لا يثاب عليها فاعلها

وهي صلة الرحم التي تكون بمقابل، فمن زارني زرته، ومن وصلني وصلته، فهذه صلة رحم لا يثاب صاحبها لأنه يصل الناس إذا أرضُوه ووصلوه، فهو لا يصلهم طاعة لله -تعالى- بل يصلهم لحق نفسه، ويدل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها)، أي يكافئ من زاره ويقطع من قطعه.

حديث عن صلة الرحم

وردت في السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تبيّن فضل صلة الرحم، وتحذّر من قطعها، ومن هذه الأحاديث:

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حتَّى إذا فَرَغَ مِن خَلْقِهِ، قالتِ الرَّحِمُ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَهو لَكِ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: “فَهلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وتُقَطِّعُوا أرْحامَكُمْ”).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قالَ اللَّهُ: أَنا الرَّحمنُ وَهيَ الرَّحمُ، شَقَقتُ لَها اسمًا منَ اسمي، من وصلَها وصلتُهُ، ومن قطعَها بتتُّهُ).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (إِنَّ اللَّهَ يوصِيكم بِأُمَّهَاتِكُمْ ثُمَّ يوصِيكم بِأُمَّهَاتِكُمْ ثُمَّ يوصِيكم بِآبَائِكُمْ ثُمَّ يوصِيكم بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (أرحامكم أرحامكم).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ أَبَاهُ فِي قَبْرِهِ فَلْيَصِلْ إِخْوَانَ أَبِيهِ بَعْدَهُ).

كيفيّة صلة الرحم

تختلف الطرق التي تتحقّق بها صلة الرحم؛ فتكون بالمال، وتقديم المساعدة، والنُّصرة، وطلاقة الوجه، وإرشادهم، وتقديم النصح لهم، مع الحرص على الدعاء لهم بالهداية، ويشمل الدعاء كلّ مَن له حقٌّ بالصلة، بالإضافة إلى عيادة المريض من الرحم، وإجابة الداعي، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومن الجدير بالذكر أنّ صلة الرحم تستند إلى العُرف؛ فما اعتاد عليه الناس على أنّه من صِلة الرحم فهو صِلةٌ، وما اعتادوا على أنّه قطيعةٌ فهو كذلك، ومن الأمور التي تتحقّق بها صِلة الرحم أيضاً:

  • أجر صلة الرحم، وفضلها الحقيقيّ يكون لمَن وصل من قاطعه، وقد بيّن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ذلك في قوله: (ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها)؛ إذ إنّه وصل رَحِمه؛ طمعاً في نَيل رضى الله -سبحانه-، لا لنَيل أيّ اعتبارٍ ومكانةٍ في النفوس.
  • التصدُّق على الأرحام؛ فقد حَثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- على ذلك بقوله: (إنَّ الصَّدقةَ على المسْكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحمِ اثنتانِ صدَقةٌ وصِلةٌ)، مع الحرص على إخلاص النيّة لله -سبحانه-، والخصوصية، والسريّة في أداء الصدقة.
  • حَثّ الأرحام على طاعة الله -تعالى-، وعبادته بالحكمة، والموعظة الحَسَنة، وبذلك ينال الواصل أجر الدلالة على الخير، والبِرّ.
  • الإصلاح بين الأرحام في حال وقوع النِّزاع، والشِّقاق بينهم، وبَثّ الطمأنينة، والسكينة بينهم، مع الحرص على أداء الحقوق للأطراف جميعها، وتحقيق المصلحة لها، قال -تعالى-: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
  • توثيق العلاقات والروابط بين الأرحام، وذلك من خلال العديد من الطُّرق، كالزيارة، والسؤال، وتقديم الدَّعم الماليّ، والمعنويّ، مع التواضع، والمودّة، والمَحبّة في ذلك.

فضل صلة الرحم

لصلة الرحم فضائل جمّةٌ تعود على صاحبها بالنفع في الدنيا والآخرة، ويُذكَر من تلك الفضائل أنّ صِلة الرحم:

  • سبب من أسباب دخول الجنة؛ والدليل في ذلك ما رواه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: (أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، فَقالَ القَوْمُ: ما له ما له؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَبٌ ما له فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا قالَ: كَأنَّهُ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ).
  • علامةٌ من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر، فقد جمع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بين الإيمان بالله -تعالى- والإيمان باليوم الآخر وبين صلة الرحم؛ حيث إنّ المؤمن الحقّ لا يقطع رحمه ويكون حريصاً على صلته، قال رسول الله: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).
  • سبب من أسباب الزيادة في العمر والبركة في الرزق، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)،
  • سبب من أسباب نَيل صلة الله -تعالى-، فقد قال رسول الله: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فَرَغَ منهمْ قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فَذاكِ لَكِ)،
  • صورة من صور طاعة الله -تعالى-؛ فقد أمر بصلة الرحم، كما أنّها من المحاسن التي ورد الأمر بها في الدين، واتّفقت عليها الشرائع جميعها، ممّا يدلّ على عظيم مكانة صِلة الرحم ومنزلتها في ترابط الأفراد، وتراحمهم، وتآلفهم.
  • علامة من العلامات التي تدلّ على اجتماع فضائل عديدةٍ في نفس الواصل، من الكرم، والوفاء، وغيرهما.
  • سببٌ من أسباب انتشار المحبة، والألفة، والمودة، والتراحم بين الأقارب، ممّا يُؤدّي إلى نقاء القلوب تجاه بعضها البعض.
  • سبب من أسباب عُلوّ مكانة الواصل مع مَن يحيطون به من أهله، وغيرهم.