لماذا تُعتبر العملات الرّقمية نقلة هائلة في التّكنولوجيا المالية؟ ، كانت المقايضة هي الطريقة الأكثر سهولة وعمليّة لتبادل السّلع والتّجارة عند الشّعوب البدائية، لكن مع ازدياد أعداد البشر داخل المجتمعات، ونشوء المدن وما تبعها من تطوّر حضاري، احتاج البشر إلى وسيلة أكثر فاعلية للتجارة، خصوصاً عندما بدأت التّجارة الخارجية تتّخذ شكلاً أكثر تعقيداً وجدّية، وهنا ظهرت فكرة النّقود.

وظلّت النقود بمختلف أشكالها هي الوسيلة الأكثر شيوعاً للتبادل التّجاري في العالم لآلاف السّنين، ولم يتغير شيء في فكرة النّقود سوى المادة أو الهيئة التي تبدو عليها، إذ بدأ الأمر بالمعادن النّادرة مثل الذّهب والفضّة، ثم تطورت إلى مسكوكات ذات أوزان ثابتة من هذه المعادن (النقود المعدنية).

ثم تطور الأمر مع ظهور البنوك إلى النّقود الورقية التي كانت في البداية مجرد صكوك مُلزمة للبنك بريد قيمتها ذهباً أو فضة عند طالب حاملها، ثم أصبحت تُطبع بواسطة البنوك المركزية حصراً دون غطاء ذهبي بالضرورة، وبعدها ظهرت بطاقات الدّفع التي كانت نقلة كبيرة أيضاً لتسهيل إجراء عمليات الشّراء والبيع بشكلِ آني. وأخيراً ظهرت العملات الرّقمية التي قلبت موازين التداول والتّجارة وأصبحت -بمميزاتها الكثيرة- نقلة نوعية في التكنولوجيا المالية حول العالم، وإليكم بعض الأسباب.

سواءً كنت جديداً أو مخضرماً في عالم العملات الرّقمية، فإنّ موقع Immediate Edge سيكون مفيداً جداً لك كمنصة استثمار رائدة في البيتكوين والعملات الرّقمية الأخرى.

سرعة وسهولة إجراء التّحويلات

لماذا تُعتبر العملات الرّقمية نقلة هائلة في التّكنولوجيا المالية؟
لماذا تُعتبر العملات الرّقمية نقلة هائلة في التّكنولوجيا المالية؟

رغم ظهور بطاقات الدّفع (بطاقات الائتمان والبطاقات المدينة والبطاقات المدفوعة مسبقاً) منذ عشرات السّنين، ورغم أنّها كانت توفّر وسيلة دفع أكثر سهولة وسرعة من النقود الورقيّة، إلا أن تطبيقاتها العملية كانت منحصرة تقريباً في عمليات الشّراء والتّسوق ذات المبالغ الصّغيرة. إذ لا يمكن عملياً مثلاً إجراء تحويل بقيمة مليون دولار ببطاقة فيزا أو ماستر كارد من بلد إلى آخر. وخيارات التّحويل المصرفي الأخرى التي يُمكن استخدامها في هذه الحالات مثل الـ Wire transfer وتحويلات ACH  تستغرق ساعات وربما أيام لإتمامها، هذا فضلاً عن تكلفتها المرتفعة والتّعقيدات التّنظيمية المرتبطة بها.

الأمر مختلف تماماً مع العملات الرّقمية، إذ يمكن، وخلال دقائق معدودة، تحويل مبالغ ضخمة قد تصل إلى مليارات الدّولارات بأمان تام ودون الحاجة لدفع عمولات ضخمة ودون الحاجة للتعامل مع بنك أو جهة تنظيمية معينة، سرعة التحويلات وسهولة إجرائها هي أبرز ما يميّز العملات الرّقمية ويجعلها تغرّد منفردة بعيداً عن وسائل الدّفع الأخرى.

تكنولوجيا غير مركزيّة

كانت البنوك -قبل ظهور العملات الرّقمية- هي الوسيط العملي الوحيد العملية لإرسال واستقبال الأموال حول العالم، إذ أنّ نقل الأموال، خصوصاً المبالغ الكبيرة، بهيئتها الورقية المادية، كان حلاً غير عملي، وغير آمن، وغير قانوني أيضاً في معظم الحالات، وكان نقل الأموال الماديّة أمراً مثيراً للكثير من الشّبهات ولا يستخدمه سوى عصابات الجريمة وتهريب المخدرات والسّلاح.

العملات الرّقمية على الجانب الآخر غيّرت قواعد اللعبة تماماً، فبسبب كونها غير مركزية، أي أنّها لا تخضع لسيطرة جهة أو بنك أو حكومة معيّنة، أصبح بالإمكان استخدامها في تحويل الأموال، مهما وصلت قيمتها، دون الحاجة للمرور عبر البنوك، ودون الحاجة لدفع عمولات كبيرة، ودون الحاجة للحصول على أي موافقات رسمية أو حكومية. باختصار، العملات الرّقمية تجمع مميزات النقود الورقية والتحويلات الإلكترونية البنكية.

قد يهمك:

مستوى أمان مرتفع

رغم تلك الأخبار التي تصل إلى مسامعنا بين الفينة والأخرى عن عمليات سرقة كبرى لعملات رقمية بمبالغ ضخمة في بعض الأحيان، إلا أن العملات الرّقمية تُعتبر آمنة جداً مقارنة بالعملات الورقية، فهي تُخزّن افتراضياً كأكواد مشفّرة دون الحاجة لحيّز مادي، وبالتالي فهي منيعة ضد السرقات الفيزيائية والكوارث الطبيعية كالفيضانات والحرائق والتّلف المادي.

أمّا الأمان الرقمي فتتميز جداً عن غيرها من التكنولوجيات المالية الرّقمية ﻷنها تستخدم تقنية سلسلة الكتل (Blockchain) التي تجعلها غير مركزية إلى حدّ كبير، وطالما اتبع المرء إجراءات الأمان الرّقمي المُعتادة، فإن أمواله وتحويلاته ستظلّ بأمان تام.

الخصوصية الكاملة

أصبحت الخصوصية مؤخراً هوساً للمجتمعات الرّقمية، في ظل هيمنة الشّركات الكبرى والحكومات على البيانات، وفي ظل حالات إساءة استخدام البيانات الكثيرة التي تحوّلت إلى فضائح كبرى منظورة في المحاكم. ومن الجليّ أن النظام المصرفي التّقليدي لا يوفّر نفس درجة الخصوصية التي كانت موجودة عندما كان التّعامل النقدي مقتصراً على النقود المعدنية والورقية.

وهنا يأتي دور العملات الرّقمية التي تُعيد إلينا خصوصيتنا المفقودة في العالم الرّقمي، بفضل لا مركزيتها، تعتبر العملات الرّقمية وسيلة فعّالة لإجراء المعاملات النقديّة دون الكشف عن الهوية، ودون إعطاء الجهات الرّقابية القدرة على تتبع تلك المعاملات وربطها بشخص معين. ورغم أن معظم الأشخاص قد لا يهتمون بهذه الميزة، إلا أنّ الأشخاص الذين يهتمون بخصوصيتهم الرّقمية سيقدّرون جداً وجود وسيلة دفع تمكّنهم من إجراء تحويلاتهم بسهولة وبسرعة وبخصوصية أيضاً.

الخلاصة

كما رأينا، سرعة وسهولة إجراء التّحويلات، وكونها تكنولوجيا غير مركزيّة، ومستوى أمانها المرتفع، والخصوصية الكاملة التي تقدّمها، كلها مميزات تجعل العملات الرّقمية وسيلة دفع وتداول مختلفة تماماً عن أيّ شيء سبقها، ولهذا يعتبرها الكثيرون وسيلة الدفع المستقبلية القادمة.