يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال قصص واقعية عن زواج القاصرات ، وأسباب زواج القاصرات ، والآثار المترتبة على زواج القاصرات ، و الحلول المقترحة للحد من الآثار السلبية لزواج القاصرات ، تعتبر ظاهرة زواج القاصرات من الظواهر الاجتماعيّة المتزايدة على امتداد الوطن العربي، ويعود السبب في ذلك إلى الأوضاع والظروف الاقتصاديّة السائدة، إضافةً إلى الجهل المتفشّي في المجتمعات حول عواقب ومخاطر هذا الزواج، فعدم الوعي الفكري، وعدم إدراك تبعات هذه الظاهرة، وفهم الأمور بصورةٍ مُغايرة لما هي عليه في الواقع يؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، وذلك من اختلال اعتقادهم بأنّ زواج الفتيات القاصرات هو تحصين لهُنّ، وفي الواقع هذا الأمر غير صحيح، حيث يعتبر تدميراً لبراءة الأطفال، بسبب عدم نضوجهم، وإحاطتهم بالمعنى الحقيقي للزواج وما يتبعه من أعباء ومسؤوليّات جِسام.

قصص واقعية عن زواج القاصرات

قصص واقعية عن زواج القاصرات
قصص واقعية عن زواج القاصرات

زمن مضى ، تتذكره سيدة في العقد الرابع من العمر، تسرد قصتها، قبل أكثر من 35 عامًا وقتما كانت فى الــ13 من العمر، وتبدأ من ذلك اليوم المشؤوم – على حد وصفها – الذى غير حياتها كليًا.

يوم دراسي عادى فى حياة فتاة من فتيات الصعيد، أنهت يومها الدراسي وعادت لمنزلها، وقبل أن تسير بقية تفاصيل اليوم كعادتها، فوجئت بوالدها يخبرها عن تقدم شاب لخطبتها، يكبرها بنحو 15 عامًا، ولم يكن يخبرها من باب استطلاع رأيها وإنما لإعلامها بقراره بالموافقة على الزواج وتحديد موعد خطبتها الذى لا يفصله سوى يوم واحد عن يوم علمها بالخبر.

نزل عليها الخبر كالصاعقة وسكن اللسان داخل الفم دون أن ينطق ببنت شفه واستسلمت الفتاة لمصيرها المحتوم وتمت الخطبة فى موعدها، ولحق بالمصيبة المصيبة الأخرى التى تلتصق كالتوأم بزواج القاصرات وهى الخروج من المدرسة والحرمان من التعليم .

فما أن مر شهرين على الخطبة، واتخذ أهلها القرار بعدم ذهابها للمدرسة مرة أخرى والتوقف عند هذا الحد من التعليم استعدادًا للزواج، وحددوا سريعًا موعد زفافها، كل هذا وهي لم تر خطيبها سوى مرتين أو ثلاث مرات لا أكثر، كل هذا وهى لم تتعد الــ13 أى فتاة قاصر.

المسكينة مثل كثيرات غيرها سابقًا وحاليًا، لم يكن لديها أي خيار وهي صغيرة السن، قدر لها أن تكون من بنات الصعيد اللواتى تقيدهن العادات والتقاليد وكلمة الأب الأولى والأخيرة لذا سارت فى الطريق الذى رسمه والدها لها دون حتى أن يستشيرها مجرد المشورة فى أمرها.

وتزوجت الصغيرة وتركت المدرسة والتعليم تنفيذًا لأمر الأب وانتقلت للعيش مع رجل غريب لا تعرفه ولا يعرفها ، وتقول عن ليلة الزفاف “ليلة مرعبة بشعة ” تشعر بأن اَلام تلك الليلة أضحت جزءاً لا يتجزأ من حياتها رغم مرور السنين.

ورغم ما يقال عن أن الأطفال يخمدون نيران مثل تلك الاَلام إلا أن إنجابها لأربعة أطفال لم يمنع المعاناة أو يقلل منها بل ربما ساهم فى مضاعفتها ، فتوزعت معاناتها بين الحمل المبكر الذى كان قاسياً على طفلة فى مثل سنها، والإنجاب ومخاطره وما تبع ذلك فى رعاية الأطفال وتربيتهم فكيف لطفلة لم تتم تعليمها و لازالت فى طور المراهقة أن تدرك أصول التربية.

فضلاً عن ذلك الزوج الذى كان يمارس ساديته بكل وحشية، يهينها مرارًا و يتعدى عليها بالضرب طيلة 35 عامًا، هذا بالإضافة لشكه الدائم فيها وغيرته الشديدة فكلما سافر لمحافظة أخرى أو بلد اَخر، حدد لها عدد مرات الخروج من المنزل ومنعها من زيارة أهلها واشترط عليها عدم الحديث لأى أحد.

حتى أتت ابنتها للدنيا وحولت مسار القصة لما أنجبت الفتاة “طفلة”، فى بادئ الأمر حزنت حزنًا شديدًا، خوفًا على صغيرتها من مصيرها التعيس وكانت تلك الطفلة نقطة تحول فى حياة الفتاة البائسة، كاسفة البال، حتى تحولت المهزومة إلى متمردة، وقفت بكل حزم وقوة فى وجه زوجها حتى تحمى ابنتها من بطشه ورغبته فى حرمانها من التعليم حتى تحميها من التحول لشخص بلا هوية، بلا وعى كالصلصال فى يد زوج لا يعرف للحق والإنسانية عنوان، ومن بعدها تصدت بكل ما أوتيت من قوة لمحاولات زوجها تزويج الفتاة مبكرًا وبالفعل لم تتزوج ابنتها إلا بعد التعليم الجامعى، لتنتصر البريئة المهزومة على طول الخط، التى ظلمها أهلهاأولًا بحرمانها من التعليم وثانيًا بتزويجها عنوة فى سن مبكرة جدًا، وأكثر من الظلم رجل لا يعرف معنى الرجولة ويعانى من السادية، أعمى الضمير والحس لم ير فيها الطفولة المكبوتة وإنما رأى فيها فقط الجسد.

أسباب زواج القاصرات

من أسباب زواج القاصرات ما يأتي:

أسباب زواج القاصرات
أسباب زواج القاصرات

الجهل

الجهل الذي ينتشر بين أولياء الأمور يدفعهم لتزويج بناتهم في سنٍ مبكّرة دون إدراكهم بأنها ما تزال صغيرة، ولن تتمكّن من تحمّل الزواج بكافة تبعياته من مسؤوليّة رعاية بيت، وزوج، وحمل، وإنجاب، وتربية، وتكوين أسرة، دون أدنى اهتمام بمستقبل تلك الصغيرة، وكلّ ما ينتظرها نتيجة هذا الارتباط.

الفقر

يُعتبر الفقر من الأسباب المُهمّة والرئيسة التي تدفع الأهل لتزويج بناتهم، وذلك للتخفيف من العبء المالي لفرد من أفراد الأسرة، والمتمثل بتزويجها، أو طمعًا في الحصول على مردود مالي من وراء تزويجها ليُحسّن به الأب من وضعه الاقتصادي، وهنا تظهر الفتاة كأنها صفقة تجاريّة دون النظر إلى إنسانيتها المتمثّلة في حقها بالحياة، واختيار شريك حياتها، وهذا الأمر يعادل تماماً الاتجار بالبشر.

الخوف

الخوف هاجس يُلاحق أولياء الأمور بسبب تفشّي وانتشار ظاهرة العنوسة، الأمر الذي يدفعهم لتزويج بناتهم، للتخلّص منهنّ دون الخوف عليهنّ من المستقبل الذي ينتظرهنّ.

الموروث الاجتماعي

تساعد التركيبة الاجتماعيّة للقبائل وعلى وجه التحديد في المناطق الريفيّة هذا النوع من الزواج، حيث يرون أنّه أمرٌ مقبول في أعراف تلك القبائل، وإتمامه خاضع لرغبة أولياء الأمور دون إعارة الاهتمام للفتيات ورغباتهن، وكينونتهن، وكرامتهن، وحقهنّ في الاختيار.

قديهمك:

الآثار المترتبة على زواج القاصرات

تُوجد العديد من الآثار السلبيّة النفسيّة والصحيّة والاجتماعيّة لزواج القاصرات، ومن أبرزها ما يلي:

  • الانقطاع عن التعليم: إذّ تُوجد علاقة مُباشرة ما بين الحرمان من التعليم والزواج المبكر.
  • حدوث بعض مضاعفات الحمل لصغر السن: إذّ تحدث يوميًّا 20 ألف حالة ولادة للفتيات القاصرات اللواتي تقل أعمارهن عن 18 سنة، و70 ألف حالة وفاة نتيجة مضاعفات الحمل والولادة.
  • المشاكل الصحيّة: الناتجة عن تشدّد الأسر في إنجاب الفتاة بعد الزواج مُباشرةً، الأمر الذي يُؤدّي إلى وجود مشاكل صحيّة مثل؛ أكياس على المبايض، أو لجوء الفتاة لعلاجات أخرى، مثل محفزات للإباضة، أو أطفال الأنابيب في سنٍ مُبكّر.
  • مشاكل صحيّة نتيجة عدم تأقلم الرحم مع الحمل: ممّا يؤدي إلى ولادة مبكرة أو زيادة في العمليات القيصرية، ومن هنا ارتفاع نسبة الوفيات وظهور تشوهات في العمود الفقري أو الحوض بسبب الحمل المبكر.
  • مضاعفات غير سليمة للجنين بعد الإنجاب: ومنها التعرّض للاختناق نتيجة قصور في الدورة الدمويّة التي تُغذّي الجنين، وانخفاض وزنه ومضاعفات أخرى تصحبها، أو عدم اكتمال نمو الرئتين.
  • التعرّض لضغوطات نفسية واجتماعية: نتيجة الحرمان من عيش الطفولة، أو التعرّض للعنف أو الضرب.
  • حرمانهن من الحق في العمل: والمشاركة في اتخاذ القرارات داخل الأسرة.
  • ارتفاع نسب الطلاق بين الفتيات القاصرات المتزوجات.
  • آثار نفسيّة نتيجة الحرمان من حنان وعطف الوالدين، إضافةً إلى حرمانها من حق اختيار الزوج.

الحلول المقترحة للحد من الآثار السلبية لزواج القاصرات

ندرج فيما يأتي بعض الحلول المقترحة للحد من الآثار السلبية لزواج القاصرات وهي:

  • المصادقة على المعاهدات الدولية التي تهتم بحقوق الإنسان عمومًا والمرأة خصوصًا.
  • القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
  • المصادقة على بروتوكولات اتفاقية جينيف وتطبيقها.
  • تطبيق نظام المحكمة الجنائية الدولية لحماية حقوق الإنسان والمرأة والطفل.
  • الانضمام لاتفاقيات الأمم المتحدة التي تحمي اللاجئين من النساء والأطفال وتوفّر لهم الحقوق الأساسية مثل التعليم والصحة وغيرها.
  • تضمين أحكام قوانين حماية الأطفال التي تمنع زواجهم.
  • وضع قوانين لحماية النساء من العنف الاجتماعي الأسري وتنفيذها.
  • وضع معايير قانونية صارمة للاستثناءات التي تسمح للقاصرات تحت السن القانوني بالزواج.
  • تغيير الأعراف الاجتماعية السلبية المتوارثة والحد من تأثيرها، وهذا يعني تنفيذ برامج تُساعد على تغيير السلوك التقليدي وذلك بزيادة الوعي لتحقيق العدالة بين الجنسين.
  • توفير بدائل لهذا الزواج؛ وذلك باتخاذ بعض الإجراءات التي تُؤدي إلى تمكين الفتيات من خلال خلق بيئة اجتماعية تدعم تعليمن، وتطوّر مهارات القيادة لديهن، وتمكينهن اقتصاديًا.
  • خلق بيئة لتمكين الفتيات وتعزيز إمكاناتهن وطموحاتهن، وذلك بتعليمهن المهارات الحياتية ومهارات العناية بالنفس وإكسابهن المعرفة اللازمة فيما يتعلق بالزواج، وتثقيفهن عن طريقة الدفاع عن أنفسهن ليستطعن رفض فكرة الزواج المبكر.
  • تفعيل المساواة في الأدوار بين الجنسين، وذلك بتعليم الفتيان الذين سيكون لهم دور مهم في حياة الفتيات كالأب أو الشقيق وغيرها، وتوعيتهم بحقوق الفتيات.
  • تحسين الأطر القانونية والإرادة السياسية في القضاء على زواج القاصرات، وذلك بأن تعمل المنظمات مع الحكومات المحلية لوضع برامج للتعامل مع قضية زواج القاصرات ومحاسبة المسؤولين.
  • التوعية؛ وذلك بتنشيط دور المراكز الثقافية بعقد دورات ثقافية توعّي الفتيات بأهمية التعليم، وعدم الاكتفاء بدعم الأسر المهجّرة غذائيًا وإنّما زيادة الوعي لدى هذه الأسر بأهمية التعليم، وأخيرًا يجب نشر إعلانات تلفزيونية وإذاعية توضّح سلبيات زواج القاصرات.