يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال قصص واقعية عن المتقين ، و مواقف من الصحابة عن التقوى ، و صفات المتقين ، و كيف تكون من المتقين ، و ثمار التقوى ، و أهمية التقوى وفضلها ، إنّ التّقوى أمرٌ مهمّ في حياة الإنسان، ولقد أوصى الله -تعالى- عباده بتقواه، وبيّن ذلك في عددٍ من الآيات الكريمة، في القرآن الكريم، حيث قال: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)، وحثّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أيضاً على التزام التّقوى، وكذلك الأنبياء والرسل عليهم السلام، دعوا أقوامهم إليها، ومنهم: هود، ونوحٌ، وشعيب، وصالحٌ. فيما يلي قصص واقعية عن المتقين.

قصص واقعية عن المتقين

قصص واقعية عن المتقين
قصص واقعية عن المتقين

أخبرنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عن قصة ثلاثة ممن كانوا قبلنا، كانوا في سفر، فأمطرتهم السماء، فأووا إلى غار، فجرف السيل صخرةً، فاطبقت على فم الغار، فأصبحوا كالمقبورين وهم أحياء، وعلموا أنه لا منجى من الله إلا إليه، فتقربوا بأفضل ما عملوه لله، فانفرجت الصخرة، وخرجوا يمشون، فقد جعل الله لهم من ضيقهم فرجًا، ومن بلائهم يسرًا. جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «خرج ثلاثة نفر يمشون، فأصابهم المطر، فدخلوا في غار في جبل، فانحطّت عليهم صخرة، قال: فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه. فقال أحدهم: اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران، فكنت أخرج فأرعى، ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلالب، فآتي به أبويّ فيشربان، ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي، فاحتبست ليلة، فجئت فإذا هما نائمان، قال: فكرهت أن أوقظهما، والصبية يتضاغون عند رجليّ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما، حتى طلع الفجر، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا فرجة نرى منها السماء، قال: ففرج عنهم. وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أني كنت أحب امرأة من بنات عمي كأشد ما يحب الرجل النساء، فقالت لا تنال ذلك منها حتى تعطيها مائة دينار، فسعيت فيها حتى جمعتها، فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقه، فقمت تركتها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة، قال ففرج عنهم الثلثين. وقال الآخر: اللهم إنك كنت تعلم أني استأجرت أجيرًا بفرق من ذرة فأعطيته، وأبى ذاك أن يأخذ، فعمدت إلى ذلك الفرق فزرعته، حتى شريت منه بقرًا وراعيها، ثم جاء فقال: يا عبدالله أعطني حقي، فقلت: انطلق إلى تلك البقر وراعيها فإنها لك، فقال: أتستهزئ بي؟ قال: فقلت: ما استهزئ بك، ولكنها لك، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا، فكشف عنهم». قصص واقعية عن المتقين.

مواقف من الصحابة عن التقوى

سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه

قصص واقعية عن المتقين ، فى يوم من الايام ذهب سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الى المقابر فاخذ يبكى حتى ابتلت لحيته . فتعجب اصحابه وسالوه “نذكر لك الجنه والنار فلا تبكى ونذكر لك القبر فتبكى ” فرد عليهم سيدنا عثمان بمقوله جميله “لأن القبر هو أول منازل الآخرة، وإن خفف عن العبد فكان بعده أهون وإن لم يخفف عنه فهو ليس بهين ما بعده”

سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه

ذات يوم كان يمشي سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه فوجد طيرا على شجره فجلس على ركبتيه واخذ يبكى ويقول “يا ليتني كهذا الطير يطير علي الشجر ويأكل الثمر ولا يحاسب يوم القيامة” مع ان سيدنا ابو بكر كان من العشره المبشرين بالجنه لكن تقوى الله كانت تملا قلبه رغم كل شئ 

سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه

فى يوم من الايام كان يمشي سيدنا عمر بن عبدالعزيز مع الخليفه سليمان بن عبد الملك وكان سيدنا عمر هو الوالى فى ذلك الوقت . كانت السماء تمطر فسال سيدنا عمر سليمان اخفت؟ فرد سليمان نعم فقال له كيف لك يوم القيامه وهذا يدل على مدى الخوف والتقوى من الله وسؤاله فاين نحن من هؤلاء .

قديهمك:

صفات المتقين

هناك الكثير من الآيات، والأحاديث التي تُبيّن صفات المُتَّقِين، ومن هذه الصفات ما يأتي:

صفات المتقين
صفات المتقين
  • الإيمان بالغَيْب: والذي ورد ذِكره في قوله -تعالى-: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)،فالغيب يعني: كُلّ ما خَفي عن إدراك الإنسان، وحِسّه، ومن الغيب أركان الإيمان، ومنها: الإيمان بالله -تعالى-؛ فهو غَيب لا تُدركُه الأبصار في الدُّنيا؛ فتجد المُتّقين يخشونه، ويُراقبونه في أحوالهم، وتصرُّفاتهم جميعها، ولا يتظاهرون بإيمانهم أمام الناس، ويشمل هذا النوع من الإيمان أيضاً الإيمان بأسمائه وصفاته، وتسليم الحُكم، والأمر له، ومن الغَيب أيضاً الإيمان بالملائكة، وبأنّهم عِباد الله -تعالى-، وجُنده، وأولياؤه، وبأنّهم مخلوقون من نور، لا يَعصون ربَّهم، ويُطيعونه على الدوام، وهم دائمو الشُّكر، والذِّكر له، ومن الغَيب الإيمان بالكُتُب السماويّة المُنزلة على الرُّسُل، وكذلك الإيمان بالرُّسُل -عليهم الصلاة والسلام-، والإيمان باليوم الآخر وما سيقع فيه من أحداث ووقائع، كالحساب، والميزان، والعَرض، وغير ذلك من الأحداث، والإيمان بالقَدَر خَيره، وشَرّه، وأنّه بعِلم الله -تعالى-، ومُقدَّرٌ عنده في اللوح المحفوظ، وبما أخبر عنه في المُستقبل.
  • إقامة الصلاة: وذلك بالمُحافظة على الصلاة في أوقاتها، وإتمامها بركوعها، وسجودها، مع الخشوع فيها، وظُهور أثرها في جوارح الإنسان، وتصرُّفاته.
  • إيتاء الزكاة: وذلك بإخراج الزكاة عن طِيب نَفْس، من غير تكلُّف أو جحود؛ لِما فيها من الإحسان إلى الناس، وانتشار نَفْعها إلى الآخرين.
  • الإيمان بالقُرآن الكريم والكُتُب السماويّة السابقة: وقد ورد ذلك في ذلك قوله -تعالى- في بداية سورة البقرة عندما تحدّث عن صفات المُتَّقِين: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ)، والإيمان بالقُرآن الكريم يكون بالعمل بما فيه، أمّا الكُتُب السابقة فيكفي الإيمان بها.
  • الاستغفار: بَيَّن الله -تعالى- أنّ كثرة الاستغفار، وخاصّةً بعد الذُّنوب من صفات المُتَّقِين، وذلك بقوله: (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ*وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، وليس المطلوب التلفُّظ به فقط، وإنّما عَقد العَزم على تَرك الذَّنب.
  • التوبة وعدم الإصرار على المعصية: يُشترَط في التوبة العَزم على عدم العودة إلى الذَّنب بعدها، وقد بيَّنَت الآيات أنّ هذا الشرط من صفات المُتَّقين؛ قال -تعالى- لَمّا ذكرَ بعض صفاتهم: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، فالمُتّقون ليسوا مُنزَّهين عن الذُّنوب، بل يُخطئون فيتوبون، وإنّما الذي يُميّزهم عن غيرهم سُرعة تذكُّرهم اللهَ -تعالى- بعد ذنوبهم، ورُجوعهم إليه؛ قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ).
  • كَظْم الغَيظ: اختلفت أقوال المُفسِّرين في بيانهم معنى كَظْم الغيظ؛ فذهب الطبريّ إلى أنّه: حِفظ النَّفْس عند الغضب مع المقدرة على الانتقام، وذهب النيسابوريّ إلى أنّه: السكوت، وعدم إبداء شيء عند الغضب؛ لا بقولٍ، ولا فِعل، مع المقدرة على إنفاذ الغضب، وقد بَيَّن الله -تعالى- أنّها من صفات المُتَّقِين الذين ينالون رحمة الله -تعالى-، وجنّته؛ فقال: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ).
  • الخَشية والإشفاق: وذلك بالخوف من الله -تعالى- في السرّ، والعَلَن، والخوف من اليوم الآخر، وأهواله، وقد بيّن الله -تعالى- أنّ هذه الصفات من صفات المُتَّقِين، وذلك بقوله: (وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ).
  • قيام الليل: وَصَف الله -تعالى- عباده بالمُتَّقِين بقوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ*كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)؛ وذلك بتَركهم لِفُرُشهم، ونومهم؛ طاعةً لِخالقهم، واقتداءً بنبيّهم مُحمد -عليه الصلاة والسلام- الذي كان يقوم الليل حتى تتشقَّق قدماه، وقد وعدهم الله -تعالى- بالنعيم الدائم في جنّته، وقيام الليل من الأعمال التي حَثّ عليها الشَّرع، ورغّب فيها، وعدَّه من أفضل الطاعات والقُربات، وممّا يرفع به العبد منزلته، ودرجته.
  • الصدق: يتميّز أهل التقوى بصفة الصِّدق في إيمانهم، والصدق في اللسان، والقلب، وفي الأفعال الخفيّة، والمُعلَنة، وقد بَيَّن الله -تعالى- ذلك، فقال: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، قال الطبريّ إنّهم الذين صدقوا في إيمانهم، وحَقّقوا ذلك بأفعالهم؛ فتقوى العبد تظهر من خلال أفعاله، وليس ادّعاء ذلك باللسان فقط.
  • القُنوت: وذلك بالدوام على الطاعة، والعبادة، مع الخُشوع والخُضوع لله -تعالى-، وقد أثنى الله -تعالى- على هذا الصِّنف بقوله: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ).
  • العَفو والصَّفح: وقد ورد ذلك في قوله -تعالى-: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، فمَن اتَّصف بهذه الصفة، فقد فاز بالمغفرة من خالقه.
  • تعظيم شعائر الله: يُعظِّم المُتّقون طاعة خالقهم؛ وذلك بالتزام أوامره، واجتناب نواهيه، وقد أثنى الله -تعالى- عليهم بقوله: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
  • العدل: يتميّز المُتَّقون بالعدل في كلّ الحالات والظروف، حتى وإن كان المُخالف مِمّن يُبغضه، وقد وردت هذه الصفة في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
  • تَرك الشُّبهات: جاء عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنّ من حقيقة التقوى تَرك الشُّبهات والأعمال السيِّئة، والمُداومة على الأعمال الصالحة.

كيف تكون من المتقين

كيف تكون من المتقين
كيف تكون من المتقين

طاعة الله سبحانه وتعالى

يجب العمل على طاعة الله سبحانه وتعالى، ويكون ذلك من خلال فعل الأمور الواجبة، وترك الأمور المحرمة وتجنبها، حيث يقول الله جلَ في علاه: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ))، وبالتالي لا بدّ من عبودية المسلم لربه، ويتمّ تحقيق هذه العبودية من خلال الخضوع للشريعة الإسلامية السمحاء، والانقياد لأحكامها، وأداء الفرائض، وحدّ الحدود، ويتمّ القيام بجميع ذلك من خلال الذل والخضوع لله تعالى، وبالتالي فإنّ هذا يقود إلى اصطباغ الحياة بما فيها من أفعال وأقوال بالدين الإسلامي الحنيف.

العلم النافع والعمل الصالح

يُقصد بالعلم النافع كلّ علم يُقرّب الشخص من الله تعالى، ويزيد من خشيته، ويؤول به للقيام بالعمل الصالح، ويُشار إلى أنّ طلب العلم من أفضل طرق التقرب إلى الله تعالى حيث إنّ له شرف عظيم عند الله تعالى، حيث يُساعد العلم النافع على غرس معاني التقوى في النفوس، ويُعرّف المسلم بربه، وبالتالي تزيد الخشية والخوف من الله تعالى، كما ينبغي الالتزام بالعمل الصالح، فهو الذي يرتقي بالنفس إلى أعلى منازل التقوى، ولذلك فإنّ العلم والعمل يترابطان معاً بشكل وثيق، فلا يُمكن تصوّر وجود علم بلا عمل أو عمل بلا علم، حيث قال الإمام ابن القيم رحمه الله: كمال الإنسان إنّما هو بالعلم النافع والعمل الصالح، وهما الهدى ودين الحق.

أمور أخرى تزيد من تقوى الله تعالى

يوجد العديد من الأمور التي تزيد من تقوى الله تعالى، وهي على النحو الآتي:

  • التفكر والتدبر في أمور الدنيا والآخرة.
  • الإكثار من الأعمال التي تزيد تقوى القلوب، ومنها الصيام.
  • التحلي بأخلاق المتقين وصفاتهم التي ذُكرت في القرآن الكريم.
  • المداومة على ذكر الله تعالى وتلاوة آيات القرآن الكريم.
  • مُصاحبة أهل الخير والصلاح، والابتعاد عن أهل الشر والبدع.
  • قراءة سير المتقين المؤمنين من أهل العلم، والعبادة، والزهد.
  • تذكر الموت وأهوال يوم القيامة.
  • البعد عن جميع الأسباب التي تقود الفرد إلى الوقوع في الحرام، وهذا يعني ضرورة عمل الواجب وما يُؤدّي إليه، وتجنب الحرام وما يُؤدّي إليه.
  • العلم والبصيرة التي تقود إلى التقوى، فتقوى الله تكون بالعلم قبل العمل.

ثمار التقوى

قال طارق بن حبيب في التقوى: (التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله)، وقال الحسن البصري: (ما زالت التقوى بالمتقين، حتى تركوا كثيرًا من الحلال مخافة الوقوع في الحرام)، وتجدر الإشارة إلى أنّ الله تعالى ذكر التقوى في القرآن الكريم في أكثر من مئتين وخمسين موضعٍ منه، وما ذلك إلا دلالة على أهمية التقوى، وبياناً لمكانتها العظيمة، وكذلك للثمار العديدة المترتبة على الالتزام بها والحرص عليها، وفيما يأتي بيان بعض الثمار المترتبة على التقوى:

  • نيل العبد التقي لمعيّة الله تعالى، والنصر والحفظ والإعانة والمحبة والتوفيق منه، حيث قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
  • نيل محبة الله، حيث إنّ الله تعالى يحب المتقين من عباده، فقد ورد في القرآن الكريم: (بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).
  • مغفرة ذنوب العبد التقي، وتمييزه للحق من الباطل، حيث قال الله سبحانه: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَتَّقُوا اللَّـهَ يَجعَل لَكُم فُرقانًا وَيُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِر لَكُم).
  • تفريج الهموم والغموم التي تصيب العبد، ونيله للرزق العظيم من الله تعالى، حيث قال: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
  • التوفيق للعمل النافع المفيد، والتيسير له، حيث قال الله سبحانه: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
  • قبول الأعمال الصالحة، حيث إنّ الله تعالى يقبل الأعمال الصالحة من عباده المتقين، فقد قال: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك: (وعند أهل السنة والجماعة يتقبل العمل ممّن اتقى الله فيه، فعمله خالصًا لله، موافقًا لأمر الله، فمن اتقاه في عمل تقبله منه، وإن كان عاصياً في غيره، ومن لم يتقه فيه لم يتقبله منه، وإن كان مطيعاً في غيره).
  • نيل الولاية من الله تعالى، فالعبد ينال الولاية إن كان متقياً لله سبحانه، فالتقي لا يخاف ممّا يجري له من الأحداث في الأزمان، ولا يأسف أو يندم على ما مضى، فالله تعالى يعوّضه ويبدله خيراً مما مضى.
  • تيسيير الأمور، فالعبد التقي ييسر الله تعالى له أمورها جميعها، ويسهّل عليه الأمور العسيرة الصعبة. الأمن والوقاية والصون من كيد الأعداء ومكرهم وشرورهم، حيث قال الله عز وجل: (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
  • الفوز بالجنة في الحياة الآخرة، والنجاة من النار، حيث قال الله تعالى: (وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ).

أهمية التقوى وفضلها

تتجلَّى أهميَّة التَّقوى وفضائلها من خلال الأمور الآتية:

  • أوَّلاً: إنَّ التَّقوى وصيَّةُ الله -عزَّ وجل- لنا نحن البشر، وقد وردَ هذا في كتابه الكريم في سورة النِّساء، إذ قال -تعالى-: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّـهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّـهُ غَنِيًّا حَمِيدًا)، وهي وصيَّةُ رسوله -صلى الله عليه وسلم- من بعده، إذ لا زال يوصي المسلمين بالتَّقوى حتَّى مات، فكانَ آخر ما أوصى الناس به في حجَّة الوداع، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوصي بها كلَّ سريَّةٍ يُرسلها إلى بُقعةٍ من بِقاعِ الأرض، وقد اتَّبعه الخلفاء الرَّاشدون من بعده، فكانوا يوصون النَّاس بتقوى الله -عزَّ وجل- في خُطَبِهم وعلى منابرهم.
  • ثانياً: ترتبطُ التَّّقوى بأصول الإسلامِ العظيمة، فتتعلَّقُ بالإيمانِ وتتعلَّقُ بالأعمال، إذ نجدُ القرآن الكريم يُلحِق التَّقوى بشتَّى الأفعالِ الإسلاميَّة قلبيَّةً كانت أم حسيَّةً، ومن أمثلة ذلك قول الله -تعالى-: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، إذ تضعُ الآية جملةً من أصنافِ البرِّ ثمَّ تنسبهُ إلى المتَّقين.
  • ثالثاً: التَّقوى لِباسٌ يواري سواءات المسلم الدَّاخلية، ويتخلَّصُ به من كِبره، وحقده، وغلِّه، وشكِّه، وأخطائه، وقد وردت هذه الصُّورة في القرآن الكريمِ، إذ قال -تعالى-: (يا بَني آدَمَ قَد أَنزَلنا عَلَيكُم لِباسًا يُواري سَوآتِكُم وَريشًا وَلِباسُ التَّقوى ذلِكَ خَيرٌ ذلِكَ مِن آياتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ).