يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال قصص واقعية عن الربا ، و قصص عن نهاية آكل الربا ، و حكم الربا في الإسلام ، و خطبة عن الربا ، الربا كسبٌ خبيث محرَّم مشؤوم، وسُحْتٌ لا خيرَ فيه، ولا بركة منه، بل يجلب الضَّرر والنقيصة في الدِّين والدنيا، والحاضر والمستقبل، على كلِّ مَن شارك فيه وأعان عليه ورضيه بأيِّ وجه من وُجوه المشاركة والإعانة؛ من أَخْذٍ أو عَطاء، أو كِتابة أو شَهادة، أو إعانة بمال، أو إجارةٍ لأهله أو تأييدٍ لهم، أو شَفاعة أو دِعاية لهم، أو دِفاع عنهم، أو حماية لهم، أو رضًا بما هم عليه، أو غير ذلك من وُجوه التأييد والإعانة لأهْل هذه المعاملة الباطلة الجائرة التي حقيقتها المحادة والمحارَبة لله ورسوله، والظُّلم الشديد للعِباد؛ فهي معاملةٌ تعتَمِد على الإثم والعُدوان؛ قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

قصص واقعية عن الربا

قصص واقعية عن الربا
قصص واقعية عن الربا
  • أعرف شابًّا قابلته منذ سنوات .. كانت قصته عجيبة جدًّا :
  • هذا الشاب كان وصل لفقر شديد جدًّا .. لدرجة أنه كان لا يجد ثمن الخبز ليأكله .. وكان متزوجًا وعنده أولاد .. وأحيانًا كان يجعل زوجته تذهب تجلس عند بيت أبيها وأمها لعدة أيام .. لأنه لا يجد طعامًا ..!
  • وحكى لي ذات مرة أنه ذهب ليزور والده ( وكان والده يسكن في مكان بعيد عنه ) .. ولما أراد الانصراف والرجوع إلى بيته .. طلب من والده .. أن يعطيه جنيهًا ليركب به المواصلات .. فرفض والده .. وأخذ هذا الشاب يمشي على قدمه طوال الطريق إلى بيته .. لأنه لم يكن معه مال ..!
  • هذا الشاب لما رأيت حاله هكذا .. سألته عن أحواله ..؟!
  • فعرفت قصته التي كانت في سبب شقائه هذا :
  • فقد حكى لي في أنه كان يعمل في شركة كانت تبيع ( أجهزة كهربائية بالتقسيط ) .. وبعد فترة جاء أصحاب الشركة .. وحدث عندهم جشع وطمع في المال .. فكانوا يقرضون الناس المال بالربا .. وكان هذا الشاب يعمل معهم في إقراض الناس بالربا ..!
  • وحكى لي هذا الشاب .. في أنه كان يدخل في جيبه كل يوم آلاف مؤلفة مكسبًا له .. كعمولة في هذه الشركة .. مقابل إقراض الناس ..!
  • ولما أفلست هذه الشركة .. كان الشاب في فقر مدقع .. وصل إلى هذا الضنك والحضيض ..!قصص واقعية عن الربا.

الشاهد من هذه القصة :

  • أن الذي حدث لهذا الشاب .. هو ما أخبر عنه الله أنه سوف يحارب آكل الربا .. حيث قال { فأذنوا بحرب من الله ورسوله } .. والنبي – صلى الله عليه وسلم – لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده ..!
  • فلا يجوز للإنسان أن يقرض أو يقترض مالاً بالربا .. أو أن يعمل في بنك ربوي .. أو يشهد على عقد ربا .. أو يشتري شقة بأقساط ربوية.. مثل ( مشروع الإسكان ) .. لأنه بذلك يكون داخلاً في اللعن .. وسيحاربه الله في الدنيا .. وسيكون عذابه في البرزخ أنه يسبح في نهر من دم كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – .. وعندما يُبعث يوم القيامة .. يقوم على هيئة المصروع ..!

لم تجد ما تبحث عنه؟ ابحث هنا

قصص عن نهاية آكل الربا

  • قصص واقعية عن الربا ، عشت فقيراً ابن أب عامل وأم خادمة، آكل السؤر من الطعام، وألبس الأثمال من الثياب. لما بلغت سن الاحتلام طردني والداي، فقد كنت عبئاً عليهما.
  • فتركتهما وسافرت إلى بلد آخر لا يعرفني أحد، وغيّرَت إسمي فقط، أما إسم أبي فكما هو، وعملت فراشاً في إحدى المدارس، فكنت أقف بجانب شبَّاك الصف وأستمع لما يقوله المدرِّس للطلاب، وتعلمت القراءة والكتابة، واشتركت في الامتحان الابتدائي ونجحت، وأكملت دراستي حتى اجتزت المرحلة الثانوية بنجاح، ثم عدت إلى بلدي، وكان والداي قد ماتا، ولم أعرف أحداً من إخوتي لأن إسمي تغير، وحصلت على وظيفة وتعرفت من خلالها على مجموعة من الزملاء تعلمت منهم كل رذيلة وشائنة، وصرت مسرفا مبذرا حتى اضطررت أن أستدين بالربا وبفائدة فاحشة قد تصل سنويا إلى ضعف المبلغ الذي أقبضه في أول العام.
  • ومن جرَّاء ذلك بعت مسكني الذي ليس فيه أحد سواي وزوجتي الحبلى، وقد دفعت أصول الدَّين والفوائد ولم يتبق معي إلاَّ مبلغ قليل لا يكفي مصروف شهرين.
  • وبعد تفكير عميق قررت أن أكون مرابيا أقرض المحتاجين بدلا من أقترض من المرابين.
  • وبدأت بالمال القليل الذي معي أقرض المحتاجين مقابل رهون عينية تضمن لي السداد، وخلال سنتين لا أكثر ملكت الكثير من المال، فاشتريت دارا كبيرة وتزوجت زوجة ثانية وتوسعت تجارتي، فافتتحت محلا في السوق كصرافة ثم كمستورد ومصدر، ولكن العمل الأساسي هو القرض بالربا.
  • وزادت ثروتي وتبدلت حالتي من فقير يقترض إلى غني يقرض، ورزقت بأبناء وبنات.
  • وذات يوم طلب مني أحد عملائي بضاعة أرسلتها له في إحدى ناقلاتي صمَّم ابني البكر أن يركب مع البضاعة ليوصلها بنفسه إلى العميل، ولكن الله لمن عصاه بالمرصاد، وكان الطريق على الساحل المجاور، فانقلبت الشاحنة وهلك ابني وذهبت البضاعة ونجا السائق بأعجوبة لم يمسه سوء، وماتت أم ابني جزعاً عندما بلغها موت ولدها.
  • وبعد أيام شبَّ حريق هائل في مخزن لي ذهب منه أكثر من نصف مالي وأحد أبنائي أيضا.
  • وبعد هذا الحادث احترقت بنت لي شابة معقود زواجها بموقد زيت انفجر ثم أصيبت بالشلل.
  • وتتوالى الحوادث ولا أدري كيف أدفعها، ولقد علمت الآن أن الذي يحدث لي هي ضرائب يجب على كل مراب أن يدفعها، ودعوات أولئك المظلومين الذين اغتصبت أموالهم (1).
  • إن الله عز وجل بالمرصاد لكل ظالم، وإن المرابي حارب الله ورسوله وإن نهاية المرابي أليمة مهما طال الزمن.قصص واقعية عن الربا .

قديهمك:

حكم الربا في الإسلام

حكم الربا في الإسلام
حكم الربا في الإسلام

ذُكر حكم الربا في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومن ذلك قول الله -تعالى-: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، فكانوا في الجاهلية يقولون لبعضهم البعض: “زدني في المال أزيدك في الأجل”، فيأخذ صاحب المال زيادة بغير وجه حق مُستغلاً حاجة غيره.

وبيّن الله -سبحانه وتعالى- أنّ آكل الربا يُبعث يوم القيامة كالمجنون، وكأنّ به مسّاً من الشيطان، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)، وقد بيّن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أنّ الربا يكون في ستة أصناف منها: الذهب، والفضة، والشعير، والبر، والتمر، والملح، والتعامل بالربا فيه تشبّه باليهود الذين يأكلون الحرام ويتعاملون بالربا.

وقد ثبت تحريم الربا في السنة النبوية، ومن ذلك ما صحّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ)،والرّبا من السّبع الموبقات المهلكات، ومن كبائر الذنوب التي تُدخل صاحبها النار.

خطبة عن الربا

مقدمة الخطبة

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، نحمده سبحانه وتعالى أن أباح لنا البيع وحرم علينا الربا وكل ما فيه استغلال لحاجة الإنسان وضعفه، ونحمده أن يسّر لنا سُبل الكسب المباح ونوّعها لنا، وأشهد أنَّ لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ وسلم تسليمًا.

الوصية بتقوى الله

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله -سبحانه وتعالى- ولُزوم طاعته واجتناب معصيته؛ فالتزام التقوى باب لكل خير ومغلاق لكل شر، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

الخطبة الأولى

معشر المسلمين، نتحدث اليوم معكم عن الربا وحرمته وخطورته، وآثاره السلبية على كل من الفرد والمجتمع، فلنعلم أولاً أيها الكرام أنَّ الرِّبا من الكبائر التي حذَّر الإسلامُ منها في كثيرٍ من الأحاديث والآيات، والتي أجمع المُسلمون على تحريمها، كقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، وقد أخبر الله -تعالى- في كتابه أنَّ المُرابي يقوم من قبره يوم القيامة كالمجنون الذي يتخبطه الشَّيطان، وهذا يُناسب حالهم في الدُّنيا؛ فهم لا يتورَّعون عن المعاصي، ولا يستمعون إلى المواعظ.

ومعنى الرِّبا أيها الأفاضل الزِّيادة، وقيل: هو المكان المُرتفع عن غيره من الأمكنة، وأمَّا في الشَّرع: فهو الزِّيادة التي لا يقابلها عِوَض في البيع، واشتراطهُ في البيع يعد من مُفسدات العقد والبيع، وتوعَّد الله -تعالى- آكل الرِّبا بخمسٍ من العُقوبات، ورد أول هذه العقوبات في قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)، أي ينتفخ بطنه ولا تقدر قدماه على حمله، وإن حاول القيام قام كالمجنون الذي مسَّه الشَّيطان، وثانيها: أنَّ الله يفضحه أمام النَّاس بملئ بطنه ناراً بقدر أخذه من الرِّبا؛ كما أخبر بذلك النبيُّ -عليه الصلاةُ والسَّلام-.

وثالثُها هذه العقوبات أيها السادة أنَّ الله يُهلك ويمحق ماله ويُذهب بركته؛ فلا يقدرُ على الاستمتاع به، ورابعها: إعلان الحرب من الله -تعالى- عليهم، وخامسُها: دُخولهم النَّار يوم القيامة، ووردت بعض هذه العُقوبات في قوله -تعالى-: ( وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ* يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ).

وقد بيَّن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لنا الرِّبا ومواضعه وأصنافه لكي نتجنُّبه ونبتعد عنه، وذلك في قوله: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ، أوِ اسْتَزادَ، فقَدْ أرْبَى، الآخِذُ والْمُعْطِي فيه سَواءٌ. [وفي رواية]: الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، فَذَكَرَ بمِثْلِهِ)، لكي يحل بيع هذه الأصناف الواردة في الحديث بمثلها؛ كالفضة بالفضة مثلاً، يجب من توافر فيها شرطين؛ الأوَّل: التَّساوي في الوزن، والثَّاني: أن يتمَّ القبض في نفس مجلس العقد أو البيع، فمثلاً لو باع أحدُ الأشخاص لغيره فضةً بفضة وزاد عليه شيءٌ في الوزن؛ فهو ربا ويبطُل البيع، حتى وإن كانت هذه الزِّيادة بسيطةً ويسيرةً.

وأمَّا إن بيعت هذه الأصناف أو أحدها بغيرها من الأصناف، فيشترطُ فيها شرط واحِد؛ ألا وهو أن يتمَّ الاستلام في مجلس العقد، أي مكان إنشاء عملية البيع، بحيث لا يتفرق البائع والمُشتري وفي ذمَّة أحدهما شيءٌ للآخر، فلو باع أحدُهما للآخر ذهباً بفضة وتفرَّقا قبل القبض والاستلام يكون هذا ربا.

وأمَّا في الأوقات المُعاصرة أيها الكرام فقد حلَّ مكان الذَّهب والفضة ما يُسمَّى بالأوراق النقديَّة، وتأخذ الأوراق النقديَّة حُكم الذهب والفضة في الرِّبا؛ فلو أراد شخصٌ أن يصرف أحد العملات لعملة أخرى؛ فيجب أن يكون القبض والاستلام في مجلس العقد وإلَّا كان فيه رباً، وكذلك من يُداين ويشترط عند السَّداد أن يكون المبلغ أكثر من المبلغ الأول فهذا أيضاً ربا.

كما يجبُ على المُسلم أن يبتعد عن الرِّبا، وألا يسلك طريق الحيلة في الوصول إليه، فقد ذمَّ الله -تعالى- اليهود عندما حاولوا التَّحايل لإبطال ما أمرهم الله به، فقال عنهم: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً)، وبيَّن النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- عظيم جريمة الرِّبا؛ إذ إنَّ كُل من له علاقةٌ بها ملعونٌ؛ كالموكل والشاهد والكاتب، وبيَّن أنَّهم جميعهم في الإثم سواء، وأنَّ آكل الرِّبا يوم القيامة يكون عقابه بوجوده في نهرٍ من الدَّم كُلَّما أراد الخُروج رماه رجُلٌ بالحجارة وأعادة إليه.

أيها الأفاضل، لقد حذر الإسلام من الربا ورتَّب على فاعله أشدَّ العُقوبات في الدُّنيا والآخرة، بل عدّهُ النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- من الكبائر، وينال من أقدم عليه لعنة الله -تعالى-، وهو سببٌ لنُزول العذاب، وقد قسَّم العُلماء الرِّبا إلى عدَّة أقسامٍ، الأوَّل: ربا الفضل؛ ويكون بالزِّيادة عند التَّبادل بمالٍ من أحد الأصناف الربويَّة التي تمَّ ذكرها سابقاً بمالٍ من نفس جنسه.

والنوع الثَّاني من الربا: ربا النسيئة؛ وهو أن يتمَّ تأخير القبض في بيع كُلِّ جنسين اتَّفقا في نفس العلَّة من أنواع ربا الفضل، وكان هذا النَّوع مشهوراً في الجاهليَّة، فجاء الإسلام فحرَّمه، ومن صور الرِّبا المُحرم ما يُسمَّى ببيع العينة؛ وصورتها: أن يبيع شخصٌ آخر سلعةً مُعينة على أن يتمَّ السَّداد بعد مُدَّةٍ من الزَّمن، ثُمَّ يقوم البائع بشرائها منه نقداً، وهي من الصور التي يتم فيها التَّحايل لأخذ الرِّبا.

وأمَّا ما يترتَّبُ على الرِّبا من أضرارٍ ومفاسد فهي كثيرةٌ، سواءً أكانت على المُرابي أو على المُجتمع، والإسلام لم يأمر البشريَّة إلَّا بما كان فيه خيرٌ لها وسعادة في الدُّنيا والآخرة، فمن أضرار الربا؛ أنَّ فيه انطباعٌ في نفس المُرابي على البُخل، والعُبوديَّة للمال والمادَّة، وقسوة القلب، وأمَّا أضراره الاجتماعيَّة؛ فهي تؤدي بالمُجتمع إلى الإنحلال والتفكُّك، وانشغال كُلِّ شخص بنفسه بعيداً عن التفكير بغيره ومُساعدتهم.

أيها الموحدون، قد شدد النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لما بُعث في تحريم الرِّبا، وعدَّه أشدَّ من زنا الرَّجل بأمِّه، وكانت صورة الربا في الجاهليَّة تتم بزيادة المال على القرض إن لم يكُن عند المقترض مال يقدر من خلاله على سداد الدين، فعندها يتم تأجيل السداد مع رفع قيمة المبلغ، وهو ما تقوم به بعض البُنوك في وقتنا المُعاصر؛ حيثُ تقوم بإعطاء عُملائها قُروضاً بفائدة، وعلى المُسلم أن يحرص على تحرِّي الحلال في ماله، وأن يبتعد عن الحرام وألا يتعامل بهذه الصور المحرمة من المعاملات؛ فقد جاء عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ اللحم الذي ينبت من الحرام مصيره إلى النَّار، كما أنَّ الله يمحق البركة من مال المتعامل بالربا، ولا ننسى أيها الإخوة أنَّ أكل المال الحرام سبب من أسباب منع استجابة الدُّعاء.

أيها الإخوة، علينا جميعا أن نضع نُصب أعيننا مخافة الله، وقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ)، فالرِّبا إثمه عظيمٌ، وارتكابه طريقٌ للهلاك، ومحقٌ للبركة، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه؛ إنَّه هو الغفور الرَّحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله الواحد القهار، أشهد ألا إله إلَّا هو الكبير المتعال، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله أرسله الله رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً؛ أمَّا بعد، عباد الله، لا بُدَّ لنا أن نعلم أنَّ الرِّبا من الكبائر والموبقات والتي تُهلك صاحبها، وتوجب غضب الله عليه، فالمُرابي هو بمقام من يُعلن الحرب على خالقه، وقد جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- قوله: “يقال يوم القيامة لآكل الرِّبا: خذ سلاحك للحرب”، ولذلك حذَّر الإسلام منه، ومن جميع أنواعه وصوره.

وقد بيَّن النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- بالتفصيل الأصناف التي يُمكن أن يدخُلها الرِّبا وذلك كي تبتعد الأُمَّة وتحذر من الوقوع فيه، وحذَّر الله -تعالى- من مُخالفة أوامره بقوله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، ومن ظنَّ أن الرِّبا يزيد في أمواله فليتذكر وعيد النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- له بأنَّ من أخذ الرِّبا ليُكثر من أمواله فعاقبة أمره إلى قلَّةٍ؛ إذ إنَّ الله -تعالى- يمحق ماله، ويمحق بركته فلا ينتفع به.

الدعاء

  • اللهمَّ طهِّر أموالنا من الرِّبا والسُّحت والمال الحرام.
  • اللهمَّ اجعلنا ممَّن إذا رفعوا أيديهم لا يقال لهم: لا يستجاب لكم.
  • اللهمَّ اجعلنا ممَّن أطابوا مطاعمهم ومشاربهم، ومن الذين عرفوا الحلال فأحلُّوه، وعرفوا الحرام فحرَّموه.
  • اللهم اجعلنا ممَّن يقف عند حدودك ولا يتعداها.
  • اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
  • اللهم اجعل مطعمنا حلالاً، ومشربناً حلالاً، وملبسناً حلالاً، وبناءناً حلالاً، ونفقاتنا حلالاً.
  • اللهم ارفع وادفع عنَّا الرِّبا والزِّنا والزلازل والمحن، وأعذنا من مضلات الفتن.
  • اللهم ارزقنا رزقاً حلالاً وبارك لنا فيه.
  • اللهم ارزقنا القناعة وبارك لنا فيما رزقتنا.
  • ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
  • اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل.

قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.