يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال خطبة محفلية عن النظافة ، و خطبة عن النظافة في الإسلام ، و خطبة عن نظافة الحي ، و خطبة الجمعة عن النظافة ، النظافة هي علم الحفاظ على الصحة ، وتضم جميع الجوانب التي تؤثر على صحة الإنسان البدنية والعقلية، وتتضمن النظافة الجانبين الشخصي والعام، حيث يأخذ الجانب الشخصي بعين الاعتبار النظافة الشخصية، ونظافة الملابس، والأطعمة، والماء والمشروبات الأخرى، ويهتم بالصحة العقلية، والعمل، وممارسة الرياضة، والنوم، وأما الجانب العام للنظافة فيهتم ويتعامل مع المناخ، والتربة، والتهوية، والمواد، وتدبير المنازل، وإزالة النفايات، والتدفئة، والوعي الطبي عند حدوث الأمراض وكيفية الوقاية منها. فيما يلي سنعرض لكم خطبة محفلية عن النظافة.

خطبة محفلية عن النظافة

خطبة محفلية عن النظافة
خطبة محفلية عن النظافة

خطبة محفلية عن النظافة ، الخطبة الأولى:

خطبة محفلية عن النظافة ، إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأَشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك له. وأَشهد أن محمدًا عبده ورسوله بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه، فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار إلى يوم الدين.

أما بعد: أيها المسلمون: الإسلام دين الجمال والكمال حث على النظافة والطهارة، قال تعالى: (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرينَ)[التوبة: 108]، وقال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[البقر125]، وقال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222].

والنظافة تشمل نظافة البدن والثياب والمكان؛ أما نظافة البدن فقد اهتم الإسلام بطهارة بدن الإنسان منذ ولادته إلى وفاته، فإذا ولد أمر بختانه وحلق رأسه، وإذا مات غسل وأحسن كفنه وطيبه.

فإذا حان وقت العبادة “الصلاة” أمر بالوضوء، والوضوء لا يقل عن خمس مرات يوميا وهو نظافة وطهارة للأعضاء التي يكثر ظهورها، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “لَا يُحَافِظُعَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ”.

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: “أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو الله بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَات؟” قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللّهِ! قَالَ: “إِسْبَاغُالْوُضُوءِعلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسْاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ”، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ”(رواه مسلم).

والغسل وهو تعميم البدن بالماء لا أقل من مرة بالأسبوع، قال عليه الصلاة والسلام: “حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده”(متفق عليه).

وإذا ظهرت من الجسد رائحة العرق فمطلوب من المسلم تنظيفه بالماء سواء كان بالبدن أو الثياب، روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ والْعَوَالِي فَيَأتُونَ في الغُبَارِ، فَيُصيبُهُمْ الغُبَارُ والْعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ العَرَقُ فَأتى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنْسَان مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “لَوْ أنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا“.

أيها المسلمون: ومما جاءت به الشريعة الإسلامية: المحافظة على خصال الفطرة، وفيها من النظافة والطهارة لمن حافظ عليها من صحة الأبدان والعقول ما لا يحصى ذكره، وفضلا عما يكسبه من الأجور في الدنيا والآخرة، روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُاللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكِ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ” قَالَ زَكَريَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: “وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ. إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ” زَادَ قُتَيْبَةُ: قَالَ وَكِيعٌ: “انْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِي الاسْتِنْجَاءَ”.

وكان عليه الصلاة والسلام “يَتَسَوَّكُ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَصَلاَةٍ، وَعِنْدَ دُخُولِ المَنْزِلِ، وَإذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ النَّوْمِ، وَكَانَ إِذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ، وَغَضَّ بِهَا صَوْتَه”(رواه أبو داود والترمذي)، وكان يقول: “مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ”(رواه أبو داود) وإكرامه بتنظيفه والاعتناء به.

أيها المسلمون: وأما نظافة الثياب، فقد وردت النصوص الشرعية في ذلك، قال تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)[المدثر: 4]، قال محمد بن سيرين: “أي اغسلها بالماء”، روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ” قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَناً؟ قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ”.

وروى أبو داود في سننه: “مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ، أَوْ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدْتُمْ، أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ“.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فتوبوا إليه واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

خطبة محفلية عن النظافة ، الخطبة الثانية:

خطبة محفلية عن النظافة ، الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد: أيها المسلمون: وأما نظافة المكان فإنه يشمل نظافة المساجد والبيوت والطرقات والحدائق والمنتزهات والأماكن العامة، وغيرها، قال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[البقرة: 125].

قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: “أوحينا إليهما وأمرناهما بتطهير بيت الله من الشرك والكفر والمعاصي ومن الرجس والنجاسات والأقذار”. خطبة محفلية عن النظافة.

كما أمر عليه الصلاة والسلام بنظافة المساجد، وأن تطيب وتجنب الأقذار والروائح الكريهة، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة قالت: “أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ”، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: “أَنَّ امرَأَةً سَودَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسجِدَ، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ فَسَأَلَ عَنهَا؟ فَقَالُوا: مَاتَتْ، فَقَالَ: “أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟” قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، فَقَالَ: “دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا” فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: “إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ -عز وجل- يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ”، وفي رواية: “كَانَتْ تَلْتَقِطُ الْخِرَقَ، وَالْعِيدَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ”.

وحث النبي -صلى الله عليه وسلم- على تنظيف البيوت وتطهيرها، قال صلى الله عليه وسلم: طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لا تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا”(رواه الطبراني في الأوسط).

ونهى النبي عن التخلي في طريق الناس أو ظلهم، روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “اتَّقُوا اللعانين؛ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ”.

كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإماطة الأذى عن طرقات المسلمين، روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنْ الطَّرِيقِ”.

أيها المسلمون: لا شك أن المحافظة على نظافة الأماكن العامة والطرقات والمنتزهات وغيرها هو من المحافظة على المال العام الذي يشترك فيه الناس جميعا، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)[المائدة: 2].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين.

اللهم ادفع عن بلادنا وبلاد المسلمين كل بلاء، واصرف عن بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، واحفظ علينا أمننا وإيماننا، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين.

خطبة عن النظافة في الإسلام

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأَشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك له، وأَشهد أن محمدًا عبده ورسوله بلَّغَ الرسالة، وأدَّى الأمانة ونصَحَ الأُمَّة، وكشف الله به الغُمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أتاه اليقين من ربِّه، فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار إلى يوم الدين، أما بعد:

أيها المسلمون، الإسلام دين الجمال والكمال، حثَّ على النظافة والطهارة؛ قال تعالى: ﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ [التوبة: 108]، وقال تعالى: ﴿ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [البقرة: 125]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].

والنظافة تشمل نظافة البدن والثياب والمكان، أما نظافة البدن فقد اهتمَّ الإسلام بطهارة بدن الإنسان منذ ولادته إلى وفاته، فإذا ولد أمر بختانه وحلق رأسه، وإذا مات غُسِّل وأحسن كفنه وطيبه.

فإذا حان وقت العبادة (الصلاة) أمر بالوضوء، والوضوء لا يقل عن خمس مرات يوميًّا وهو نظافة وطهارة للأعضاء التي يكثر ظهورها؛ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ)).

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟))، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ((إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ علَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسْاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ))؛ رواه مسلم.

والغسل وهو تعميم البدن بالماء، فلا أقل من مرة بالأسبوع، قال عليه الصلاة والسلام: ((حقٌّ على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا، يغسل فيه رأسه وجسده))؛ متفق عليه.

وإذا ظهرت من الجسد رائحة العرق، فمطلوب من المسلم تنظيفه بالماء؛ سواء كان بالبدن أو الثياب؛ روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “كانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الْجُمُعَة مِنْ مَنَازِلِهِمْ والْعَوَالِي، فَيَأتُونَ في الغُبَارِ، فَيُصيبُهُمْ الغُبَارُ والْعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ العَرَقُ، فَأتى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ أنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا)).

أيها المسلمون، ومما جاءت به الشريعة الإسلامية المحافظة على خصال الفطرة، وفيها من النظافة والطهارة لمن حافظ عليها، من صحة الأبدان والعقول ما لا يُحصى ذكرُه، وفضلًا عما يكسبه من الأجور في الدنيا والآخرة.

روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ))، قَالَ زَكَريَّاءُ، قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ، زَادَ قُتَيْبَةُ: قَالَ وَكِيعٌ: انْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِي: الاسْتِنْجَاءَ.

“وكان عليه الصلاة والسلام يَتَسَوَّكُ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَصَلاةٍ، وَعِنْدَ دُخُولِ المَنْزِلِ، وَإذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ النَّوْمِ، وَكَانَ إِذَا عَطَسَ، غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ، وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ”؛ رواه أبو داود والترمذي، وكان يقول: ((مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ))؛ رواه أبو داود، وإكرامه بتنظيفه والاعتناء به.

أيها المسلمون، وأما نظافة الثياب فقد وردت النصوص الشرعية في ذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4]، قال محمد بن سيرين: أي اغسلها بالماء، روى مسلم في صحيحه من حديث عبدالله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ))، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنة، قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ)).

وروى أبو داود في سننه”مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ، أَوْ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدْتُمْ، أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ”.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فتوبوا إليه واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

أيها المسلمون، وأما نظافة المكان فإنه يشمل نظافة المساجد، والبيوت، والطرقات، والحدائق، والمنتزَّهات، والأماكن العامة، وغيرها؛ قال تعالى: ﴿ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [البقرة: 125]، قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله أوحينا إليهما وأمرناهما بتطهير بيت الله من الشرك والكفر والمعاصي ومن الرجس والنجاسات والأقذار.

كما أمر عليه الصلاة والسلام بنظافة المساجد وأن تطيب وتجنب الأقذار والروائح الكريهة؛ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة قالت:”أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ”، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ امرَأَةً سَودَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسجِدَ، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عَنهَا؟ فَقَالُوا: مَاتَتْ، فَقَالَ: ((أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي))، قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، فَقَالَ: ((دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا))، فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ))، وفي رواية: “كَانَتْ تَلْتَقِطُ الْخِرَقَ، وَالْعِيدَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ”.

وحثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على تنظيف البيوت وتطهيرها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لا تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا))؛ رواه الطبراني في الأوسط.

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التخلِّي في طريق الناس أو ظلهم؛ روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اتَّقُوا اللعانين: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ)).

كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإماطة الأذى عن طرقات المسلمين، روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنْ الطَّرِيقِ)).

أيها المسلمون، لا شكَّ أن المحافظة على نظافة الأماكن العامة والطرقات والمنتزَّهات وغيرها هو من المحافظة على المال العام الذي يشترك فيه الناس جميعًا؛ قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، اللهم ادفع عن بلادنا وبلاد المسلمين كل بلاء، واصرف عن بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، واحفظ علينا أمننا وإيماننا، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.

قد يهمك:

خطبة عن نظافة الحي

الخطبة الأولى

أيها المسلمون، اهتم الإسلام بالنظافة العامة في البيئة والمُجتمع، ومنها نظافة الشارع والطريق، فمُنذ بداية الدعوة كان الأمر بالمُحافظة على النظافة الظاهرة والباطنة، بل وعدّها من مبادئه، فمن مظاهر اهتمام الإسلام بنظافة الشارع؛ أنه اهتم بنظافة المنزل، والمسجد، والطريق، بل إنه عدّ إماطة الأذى عن الطريق من خِصال الإيمان، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ).

وفي المُقابل نهى عن وضع الأذى في طريق الناس أو في ظلهم، وجاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن الله -تعالى- غفر لرجلٍ لأنه أزال غُصن شوكٍ كان في طريق الناس، ومن التصرُفات الخاطئة في مُجتمعاتنا اليوم ما يقوم به البعض من رمي الأوساخ وأكياس النُفايات في الشارع العام، الأمر الذي يعكس عدم التزام الناس بأخلاق الإسلام الداعية إلى المُحافظة على نظافة الطريق.

إنّ النظافة جزء من ركن من أركان الإسلام، ومن سُنن الفِطرة السليمة، لذلك نجد من شُروط صحة الصلاة الوضوء؛ وفيه حثٌ على النظافة بالماء، ومما يؤكد اهتمام الإسلام بنظافة الشارع قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (أنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- قالَ: اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قالوا: وَما اللَّعَّانَانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ في ظِلِّهِمْ).

عباد الله، حريٌّ أن نعلم أنّ الإسلامُ دعا إلى النظافة في جميع جوانب الحياة، ومنها الشارع العام، ورتّب على إزالة الأذى عنه الأجر والثواب العظيم، بل وعدّه صدقة من الصدقات، وشعبة من شُعب الإيمان، فلا يُتصوّر من المُسلم إلقاءُ الأذى فيه، كما أن النظافة والمُجتمع النظيف علامةٌ على التحضر، وأولى الناس بذلك هُمُ المُسلمون، حيثُ جاء في بعض الأحاديث أن الطُهور نصف الإيمان.

ولنا في رسول الله قدوة حسنة، حيث ورد عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- اهتمامه بنظافة بدنه، فكان يغسل يديه عند استيقاظه من النوم، كما أنه كان يحثُ أصحابه على الاهتمام بنظافة ثيابهم وأماكنهم وما حولهم من مجالات البيئة المُختلفة، كالشارع العام، ومن ذلك قوله: (عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمالُ أُمَّتي حَسَنُها وسَيِّئُها، فَوَجَدْتُ في مَحاسِنِ أعْمالِها الأذَى يُماطُ عَنِ الطَّرِيقِ، ووَجَدْتُ في مَساوِي أعْمالِها النُّخاعَةَ تَكُونُ في المَسْجِدِ، لا تُدْفَنُ).

وهذا يدُلُ على حضارة الإسلام، ورُقيّ مُجتمعه، ومن الأدلة التي يُستفادُ منها في عدم إلقاء ما يؤذي الناس في الطُرقات قاعدةُ “لا ضرر ولا ضرار”، فالأوساخ في الشارع مما يؤذي الآخرين، وقد نهى الإسلام عن التبوّل أو التغوط فيه، ورتّب على إزالة الأذى عنه ثواب وأجر عظيم. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أمّا بعد، اتقوا الله عباد الله، ولنعلم أنّ النظافة من القِيَم التي حثّ عليها ديننا، واعتبرها جُزءاً من إيماننا وعقيدتنا، وجعلها علامةً للرجولة، حيثُ قال سُبحانه: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)، كما جعلها شرطاً لصحة الصلاة، فلا تصحُ صلاة المُسلم من غير وُضوء، وهذه النظافة في ديننا شاملة عامة، تبدأ من الثوب، والبدن، والمكان، والقلب، إلى الطُرقات والبيئة.

عباد الله، لنعلم أنّ المُحافظة على نظافة شوارعنا وطُرقنا من باب التعاون على البر والتقوى الذي يشترك فيه جميع الناس، والله سبحانه جميلٌ يُحب الجمال، وحَسنٌ يُحبُ الحسن، والمُحافظة على الشارع العام من صفات المؤمن النظيف، وينالُ بذلك الأجر من خالقه، وهو دليلٌ على رُقي المؤمن وحضارته.

خطبة الجمعة عن النظافة

الحمد لله الذي جعل الإسلام طُهْرة للقلوب، ومحوًا للذنوب، ونظافة للأبدان، أحمده سبحانه طيب لا يقبل إلا طيبًا، وأشكره على عموم نِعَمه، وما يَسَّره من أسباب النظافة الحسية والمعنوية.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في محكم كتابه: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30]، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، جاء بالحنيفية السَّمْحة، وبخيرَيِ الدنيا والآخرة، وشرَع نظافة الظاهر؛ لتُوافِق أمره بنظافة الباطن، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الأطهار، المنفذين لهدي نبيهم ظاهرًا وباطنًا.

أما بعد:

فأيها الناس، اتقوا الله تعالى وأطيعوه، والتزموا بأوامر دينكم، واقتفوا دائمًا سيرة نبيكم؛ لتفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عشرٌ من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونَتْف الإبْط، وحَلْق العانة، وانتقاص الماء – يعني: الاستنجاء – قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة))؛ رواه مسلم.

أيها المسلمون:

يجب على كل إنسان أن يسير على نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسيرة الذين اجتباهم الله تعالى لصُحبته، ومَن اهتدى بهديهم، وسلك مسلكهم؛ لأن الخير كل الخير في الاتباع، والشر كل الشر في الابتداع، يعني: الإحداث فيما يُخالِف القرآن والسنة، واعلموا أن للإسلام أصولاً وفروعًا، فهو دين عقيدة ودين أخلاق، ودين فضائل وأهداف، ودين سياسة ودولة، فأصل الإسلام ومبناه على كلمة التوحيد، وهي: لا إله إلا الله: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24]، ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]، وتقتضي كلمة لا إله إلا الله: الاعتقاد بأن الله هو الخالق الرازق المدبِّر لجميع الأمور، الذي إذا أراد شيئًا، قال له: كن، فيكون، وأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.

ويلزم بهذا الاعتقاد بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وأنه يتوجَّه إليه جميعُ الخلق؛ رغبة ورهبة بلا واسطة، وأنه لا ملجأ ولا منجى إلا إليه؛ فلا توكُّل إلا عليه، ولا استعانة ولا استعاذة ولا استغاثة إلا به، ولا ذبْح ولا نذْر إلا له، وليعلم الإنسان أنه يجب عليه أن يَصِف الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصَفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم على حدِّ قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، ولنَعُد إلى الحديث الشريف الذي سمعنا لفظه، واحتوى على كثيرٍ من فروع الشريعة.

فاعلموا أيها المسلمون أن الحفاظ على فروع الشريعة حفاظٌ على أصولها، ومن تَساهَل في الفروع تَساهَل في الأصول، ففروع الإسلام كأغصان الشجرة؛ إذا حافظتْ على أغصانها، بقيت ثابتة، فإذا قُطعت أغصانها وأطرافها، بقيت مشوَّهة المنظر، مُعرَّضة للزوال، وهكذا الإسلام لا يتكامل إلا بتكامل فروعه، وخذ مثلاً آخَر ببدنك وجسمك: لو ذهبت عنه بعض أطرافه، فهل يُوصف بالنقص أم بالكمال؟

ومعنى الفطرة: الدين والسنة التي فطر من أجلها الإنسان، وخُلِق لها وعليها، وجعلهم مفطورين على محبة الخير وإيثاره، وكراهية الشر ودفْعه، وأوجدهم حنفاء مستعدِّين لقَبُول الخير والإخلاص لله تعالى والتقرب إليه، وجعل تعالى شرائع الفطرة نوعين:

أحدهما: يُطهِّر القلب والرُّوح، وهو الإيمان بالله وتوابعه من خوفه ورجائه، ومحبته والإنابة إليه؛ قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الروم: 30، 31]، فهذه تزكِّي النفسَ، وتُطهِّر القلبَ، وتُذهِب عنه الآفات الرذيلة، وتُحلِّيه بالأخلاق الجميلة، وهي كلها ترجع إلى أصول الإيمان وأعمال القلب.

النوع الثاني: ما يعود إلى تطهير الظاهر ونظافته ودفْع الأوساخ والأقذار عنه، وهي هذه العشرة التي هي من محاسن ديننا الحنيف؛ إذ كلها تنظيف للأعضاء وتكميل لها؛ لتتمَّ صحتها، ويَروق منظرُها؛ فالمضمضة والاستنشاق مشروعان في طهارة الحدث الأصغر والأكبر باتفاق، وهما فرضان فيهما، كذلك تطهير الفم والأنف وتنظيفهما؛ لأن الفم والأنف يتوارَد عليهما كثير من الأوساخ والأبخرة ونحوها، وهو مضطر إلى تنظيف ذلك وإزالته، وكذلك السواك يُطهِّر الفمَ؛ فهو مَطهَرة للفم، مرضاة للرب؛ ولهذا يُشرَع في كل وقت، ويتأكَّد عند الوضوء، والصلاة، والاستيقاظ من النوم، وتغيُّر الفم، وصُفْرة الأسنان، وكذلك قص الشارب أو حلقه حتى تبدو الشفة؛ لما في ذلك من النظافة والتحيز مما يَخرُج من الأنف؛ فإن شعر الشارب إذا تدلَّى على الشفة، كره ما يتناوله الإنسان من مأكل ومشرب مع تشويه الخِلْقة بوفرته، وإنِ استحسنه مَن لا يعبأ به، وهذا بخلاف اللحية؛ فإن الله تعالى جعلها وقارًا للرجل وجمالاً له.

وأما قص الأظفار ونَتْف الإبْط، وغسل البراجم، وهي: مطاوي البدن التي تجتمع فيها الأوساخ، فلها من التنظيف وإزالة المؤذيات ما لا يمكن جحوده، وكذا حَلْق العانة، وأما الاستنجاء وهو: إزالة الخارج من السبيلين بالماء أو الحجر، فهو لازم وشرط من شروط الطهارة.

فعلِمتَ – أيها المسلم – أن هذه الأشياء كلها تُكمِل ظاهرَ الإنسان وتُطهِّره وتُنظِّفه، وتدفع عنه الأشياء المُستقذَرة والمستقبحة، والنظافة من الإيمان.

والمقصود – أيها المسلمون – أن الفطرة شاملة لجميع الأشياء المطلوبة في الشريعة باطنًا وظاهرًا؛ لأنها تُنقِّي الباطنَ من الأخلاق الرذيلة، وتُحلِّيه بالأخلاق الجميلة، التي ترجع إلى عقائد الإيمان والتوحيد، والإخلاص لله تعالى والإنابة إليه، وتنقي الظاهرَ من الأنجاس والأوساخ وأسبابها، فتُطهره الطهارة الحسية والطهارة المعنوية.

فلهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان))، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]، فالشريعة كلها طهارة وزكاة وتنمية وتكميل وحثٌّ على معالي الأمور، ونهي عن سفاسفها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.