يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال خطبة محفلية عن الاب ، و خطبة محفلية عن حقوق وواجبات الْوَالِدَيْنِ ، و خطبة محفلية عن بر الْوَالِدَيْنِ ، و خطبة عن بر الْوَالِدَيْنِ مكتوبة ، و خطبة مكتوبه عن فضل الأب ، قبل أن يتمّ بيان وتقديم خطبة محفلية عن الاب ، فإنّه سيتمّ التعرف على مفهوم الخطبة المحفلية، وهو الاسم الذي يُطلق على نوع معيّن من الخطب التي تعدّ واحدةً من أعظم الأساليب اللغوية في اللغة العربية العريقة، والخطابة شاكلةٌ وواسعة، حيث أنّها تشمل الكثير من المواضيع، والخطبة المحفلية هي ما يُطلق على كلّ خطبة تُلقى في المحافل العامّة وحتّى الخاصّة، والتي يمكن أن تُقام في مناسبة إصلاحية اجتماعية، أو حلّ خلافات عائلية، أو تكون سعيدة كمناسبة زفاف، ويمكن أن تكون سياسية او قومية أو غير ذلك فمجالاتها واسعة، وتختلف لاختلاف المناسبة التي تكون فيها. فيما يلي سنعرض لكم خطبة محفلية عن الاب.

خطبة محفلية عن الاب

خطبة محفلية عن الاب
خطبة محفلية عن الاب

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي حَذَّرَنَا مِنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَأَمَرَنَا بِالاسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، أَحْمَدُهُ وَهُوَ الْغَفُورُ الشَّكُورُ، أَمَرَ بِالبِرِّ وَحَذَّرَ وَنَهَى عَنِ العُقُوقِ.. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلىَ يَوْمِ الدِّينِ.. أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالىَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ طَاعَتَهُ أَقْوَمُ وَأَقْوَى، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

أيهَا المؤمنونَ.. لَقدْ أَوْصَى اللهُ بالإحْسَانِ إلى الوَالِدينِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ فقالَ سُبحانَهُ: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وقالَ تعَالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} فَلِلَّهِ سُبْحَانَهُ نَعْمَةُ الْخَلْقِ والإِيجَادِ، ولِلْوَالِدَيْنِ بِإِذْنِهِ نِعْمَةُ التَّرْبِيَةِ والإِيلاَدِ، ولعلَّ في زيارةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبرَ أُمِّهِ مَا يُحفِّزُ النفُوسَ للبِرِّ والطَّاعَةِ؛ فقدْ رَوَى الإمامُ مُسلمٌ مِن حَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ.

فَرِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ. وَقَدْ قَالَ حَبِيبُكُمْ وَإِمَامُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

“إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ”. أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وابْنُ مَاجَه.

غَيرَ أَنَّ كَثيرًا مِنَ النَّاسِ حِينَمَا نَتَكَلَّمُ عَن بَرِّ الوَالِدينِ يَتبَادَرُ إِلى أَذهَانِهِمْ دَائمًا بَرُّ الأُمهَاتِ فَحَسبُ، مَعَ أَنَّ هَذا لَيسَ مَقصُودًا، وإذَا كَانَ شَأنُ الأُمِّ عَظيمًا وَفَضلُهَا كَبِيرًا وتَعَبُهَا فِي تَربِيتِنَا جَسِيمًا فإنَّ الأَبَ لاَ يَقلُّ عَنهَا في تَعبِهِ وَجِدِّهِ واجتِهَادِهِ، وإنَّمَا نُوِّهَ باسمِ الأُمِّ أَكثَرَ مِن مَرَّةٍ لِضعفِهَا وقِلَّةِ حِيلَتِهَا ولأنَّهَا لاَ تَملِكُ مِن أَمرِهَا شَيئًا، ولَو كَانَ الابنُ مَعهَا عَاقًّا فإنَّ حَياتَهَا تَتَنَكَّدُ عليهَا؛ إِذْ هُوَ أَمَلُهَا في الحَياةِ وسَنَدُهَا في الكِبَرِ – بعدَ اللهِ -.

وإذَا أَردْتَ أنْ تَعلَمَ فَضلَ أَبِيكَ وحَقَّهُ فَانْظُرْ إِلَيه كَيْفَ يَكْدَحُ وَيَتْعَبُ، وَمِنْ أَجْلِ تَرْبِيَتِكَ وَتَعْلِيمِكَ يَعْمَلُ وَيَجْهَدُ.

كَمْ سَابَقَ الْفَجْرَ يَسعَىَ فِي الصَّبَاحِ وَلا = يَعُودُ إلاَّ وَضَوْءُ الشَّمْسِ قَدْ حُجِبَا

تَقولُ أُمِّي: صِغَارُ الْبيتِ قَدْ رَقَدُوا = ولَمْ يَرَوْكَ, أنُمضِي عُمُرَنَا تَعَبَا؟!

يُجِيبُ: إنِّي سَأسعَى دَائِمًا لِأَرَى = يَوْمًا صِغَارِي بُدُورًا تَزْدَهِي أَدَبَا

وَصَدَقَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله حِينَ قَالَ: (أَطِعِ الإِلَهَ كَمَا أَمَرْ.. وَامْلأْ فُؤَادَكَ بِالحَذَرْ.. وَأَطِعِ أَبَاكَ فَإِنَّهُ.. رَبَّاكَ مِنْ عَهْدِ الصِّغَرْ).

أيهَا الإِخوةُ.. إِذَا كَانَ التَّاريخُ حَافِلٌ بصُورٍ عَظيمَةٍ مِن بِرِّ الأُمهَاتِ، فإنَّه زَاخِرٌ أَيضًا بصُورٍ جَليلةٍ في بِرِّ الآبَاءِ؛ فَهَذَا إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ مَعَ أَبِيهِ فيِ قِصَّةِ الذَّبْحِ، يَدعُوهُ أَبوهُ لِيَذْبَحَهُ طَاعةً للهِ عَزَّ وجلَّ، فمَا كانَ مِنهُ إلاَّ أنْ قَالَ: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ}… وَمَا كَانَ هَذَا الْبِرُّ مِنْ إِسْمَاعِيلَ إِلاَّ مُكَافَأَةً لإِبْرَاهِيمَ الَّذِي عَاشَ بَارًّا بَأَبِيهِ آزَرَ مَعَ أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا، قَالَ تَعَالَى: {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} ولَمْ يَمَلَّ إبراهيمُ مِنْ دَعوَةِ أَبيهِ حتَّى كَانَ آخِرُ مَا قَالَ لَهُ: {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}؛ ولذا كُونُوا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّ الْحَيَاةَ جَزَاءٌ وَمُكَافَأَةٌ؛ فَمَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ إِلَى أَبَوَيْهِ وَحَنَا عَلَيْهِمَا وَبَرَّهُمَا عُومِلَ بِالْمِثْلِ، وَمَنْ عَقَّ والِدَيْهِ حَصَدَ مَا زَرَعَ، واللهُ يَقولُ: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}.

واعلمُوا يَا – رعَاكُمُ اللهُ – أَنَّ الْبِرَّ لَمْ يَكنْ مَقصُورًا عَلَى حَياةِ الوالِدِ فَقَط، بلْ وَبعدَ وَفَاتِهِ؛ فَقدْ رَوَى الإمامُ مُسْلِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا بَيْنَمَا هُوَ رَاكِبٌ عَلَى حِمَارِ، إِذْ مَرَّ بِهِ أَعْرَابِيٌّ – وَكَانَ صَدِيقًا لأَبِيهِ عُمَرَ -، فَأَعْطَاهُ الْحِمَارَ، وَأَلْبَسَهُ عِمَامَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ، وَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ».

فَلْنَحْرِصْ عَلَى بِرِّهِمْ وَوُدِّهِمْ فسَيَأْتِي الْيَوْمُ الَّذِي لَنْ تَرَ أَبَاكَ فِيهِ… سَيَأْتِي الْيَوْمُ الَّذِي سَتُحْرَمُ فِيهِ مِنْ حُبِّهِ وعَطْفِهِ وحَنَانِهِ (ومَن جَرَّبَ الحِرمَانَ عَرَفَ)، وَسَتَبْكِي نَدَمًا أَنْ لَوْ بَرَرْتَ بِهِ، فَاتَّقُوا اللهَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ اللِّقَاءُ إلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ.

مَا دُمْتُ حَيًّا لَسْتُ أَنسَى عِندَمَا = أَقصَاكَ لَيْلُ الْقَبْرِ عَنْ أَحْضَانِي

إنْ كُنْتُ لاَ أَقْوَى لِبُعدِكَ لَيلَةً = كَيفَ السَّبِيلُ لِمُقبِلِ الأَزْمَانِ

أَبَتِي وَحِيدًا صِرْتَ تَحتَ التُّرْبِ = فِي قَبْرٍ بَعِيدٍ ضَائِعِ الْعِنْوَانِ

أَبَدًا.. فَقدْ جَاوَرْتَ رَبًّا شَاكِرًا = يَجزِيكَ رَوضًا مِن رِياضِ جِنَانِ

وأَنَا الْوَحِيدُ هُنَا وَفَوقَ التُّربِ = لاَ سَنَدٌ يُعِينُ وَلا أَنِيسٌ دَانِ

رَحَلَ الَّذِي يَبكِي بِلا دَمْعٍ إذَا = سَمِعَ الأَنِينَ يَجُولُ فِي وِجْدَانِي

رَحَلَ الَّذِي لا يَغْمَضُ الْجَفْنُ الْكَلِيلُ = لَهُ إذَا دَمَعَتْ أَسىً أَجْفَانِي

رُحمَاكَ رَبِّي لَيسَ غَيرُكَ عَاضِدِي = في مِحنتي بِمَهَامِهِ الأَحْزَانِ

هذَا، والحمدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا…أمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا النَّاسُ.. اعْلَمُوا أَنَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ عُقُوبَتُهُ مُعَجَّلَةٌ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ؛ فَكُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللهُ تَعَالىَ مِنْهَا مَا شَاءَ إِلاَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ قَبْلَ الْمَمَاتِ؛ فقدْ جَاءَ عِنْدَ الحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا الْبَغْيُ وَالْعُقُوقُ”..

وَفيِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ» قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ». ويَكفِي أَن نَعلَمَ حَسرَةَ الأَبِ عِندَمَا يَجِدُ العُقُوقَ مِن وَلَدِهِ، ولَعَلَّك تَجِدُ هَذَا في كَلِمَاتِ هذَا الأَبِ الَّذِي يُخَاطِبُ ولَدَهُ العَاقَّ قائلاً:

غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَمِنْتُكَ يَافِعًا = تُعَلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ

إِذَا لَيْلَةٌ ضَافَتْكَ بِالسُّقْمِ لَمْ أَبَتْ = لِسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِرًا أَتَمَلْمَلُ

تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عَلَيْكَ وَإِنَّهَا = لَتَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ وَقْتٌ مُؤَجَّلُ

كَأَنِّي أَنَا الْمَطْرُوقُ دُونَكَ بِالَّذِي = طُرِقْتَ بِهِ دُونِي فَعَيْنَايَ تَهْمُلُ

فَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي = إِلَيْهَا مَدَى مَا فِيكَ كُنْتُ أُؤَمِّلُ

جَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً = كَأَنَّكَ أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ

فَلَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتِي = كَمَا يَفْعَلُ الْجَارُ الْمُجَاوِرُ تَفْعَلُ

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ والصِّلَةِ.. ولْنَحْذَرِ الْعُقُوقَ والْقَطِيعَةَ فَقدْ قَالَ ربُّكُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.

فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُعِينَنَا عَلَى بِرِّ وَالِدَيْنَا وَأَدَاءِ حُقُوقِ أَخَوَاتِنَا، اللَّهُمَّ إنَّنَا قَدْ قَصَّرْنَا فِي بِرِّهِمَا، وأَخْطَأْنَا فِي حَقِّهِمَا، اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَنَا وتَجَاوزْ عَنَّا، اللهمَّ واغفرْ لنَا إسرَافَنَا في حَقِّهِمَا، اللهمَّ امْلأْ أَلْسِنَتَنا بِالدُّعَاءِ لَهُمْا، يَا ذَا الْجَلاَلِ والإِكْرَامِ.. اللَّهُمَّ وَإِنْ كَانَا مَيِّتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَاغْفِرْ لَهُمَا وَارْحَمْهُمَا، وَأَعِنَّا عَلَى الإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا، اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.

اللَّهُمَّ انْصُرْ الْإِسْلامَ وَأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ وَعِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ…

اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

اللَّهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي الْحَدِّ الْجَنُوبِيِ، اللَّهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُمْ وَارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَسَدِّدْ رَمْيَهُمْ وَبَارِكْ فِي جُهُودِهِمْ.

اللَّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَتَنَا وَوَحِّدْ صَفَّنَا وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً؛ وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى النَّبِيِّ الْأَمِينِ، وَعَلَى خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. خطبة محفلية عن الاب.

خطبة محفلية عن حقوق وواجبات الْوَالِدَيْنِ

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين،وأشهد ألا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد عباد الله: فبرُّ الدين لا ينقطع بموتهما -ولله الحمد- بل هو متصل بعد الموت، وذلك بالدعاء لهما، والصدقة عنهما، وصلة رحمهما، والإحسان إلى صديقهما، فقد أخرج الإمام أحمد من حديث مالك بن ربيعة الأسلمي قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: هل بقي عليّ من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟! قال: “نعم، خصالٌ أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهذا الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما”.

وأخرج مسلم في صحيحه أن ابن عمر -رضي الله عنهما- لَقِيَهُ رجل بطريق مكة فسلم عليه عبد الله وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه، قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله، إنهم الأعراب، وإنهم يرضون باليسير، فقال عبد الله: إن أبا هذا كان ودًّا لعمر بن الخطاب، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إن أبرّ البر صلةُ الرجل أهل ود أبيه”.

ولعلَّ اجتهادك في برهما بعد موتهما يمحو تقصيرك في حقهما حال حياتهما، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ الْعَبْدَ لَيَمُوتُ وَالِدَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِنَّهُ لَهُمَا لَعَاقٌّ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو لَهُمَا، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمَا حَتَّى يَكْتُبَهُ اللهُ بَارًّا ” أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.

فعلى العبد أن يشرك والديه في دعائه، ولا يغفل عن الصدقة عنهما بعد موتهما، وصلة أرحامهما وأحبابهما، لعلَّ الله أن يتجاوز عن تقصيره في حقِّهما في حياتهما.

ربنا ارحم والدينا كما ربونا صغاراً.

عباد الله صلوا وسلموا…

قد يهمك:

خطبة محفلية عن بر الْوَالِدَيْنِ

خطبة محفلية عن بر الْوَالِدَيْنِ
خطبة محفلية عن بر الْوَالِدَيْنِ

مقدمة خطبة محفلية عن بر الوالدين

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، أظهر الحقّ بالحق وأخزى الأحزاب، وأتمّ نوره وجعل كيد الكافرين في خيبة، غافر الذّنب وقابل التّوب العزيز الحكيم، خلق الناس من آدم وخلق آدم من تراب، وخلق الموت والحياة ليبلو النّاس أيّهم أحسن عملًا، فمن عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى فلنفسه ومن أساء فعليها، وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا أنداد له ولا أشباه، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله خاتم الأنبياء والرّسل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أمّا بعد:

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}.

عرض خطبة محفلية عن بر الوالدين

أيّها الأحبّة، إنّ الله -سبحانه وتعالى- قد قدم الإحسان للوالدين وبرهمها بعبادته، وذلك لما للبرّ من العبودية العظيمة، فبعد أن أمر الله عباده بعبادته وأن لا يشركون به أبدًا ذكر حقّ الوالدين على أولادهما، وهذا إن دل على شيء فإنّه يدلّ على عظيم حقّهما، فأمر بالإحسان إليهما بكلّ أنواع الإحسان لفظًا وقولًا وفعلًا وسرًّا وعلانيةً، فعلى الابن أن يبذل لوالديه ويواسيهما، لأنّهما السبب لوجوده في هذه الحياة، ولأنّهما أحبّا الابن وربّياه وأنشأاه على البر والتقوى، ويزداد حقّهما كلّما كبرا في السّن وكلّما زاد ضعفهما، وبذلك فإنه يحرم على الابن أن يقوم بالتّأفف من الأبوين، بل من واجبه طمأنة نفوسهما بالتّلطف لهما باللفظ واللين والصبر على ما يبدر منهما في السّن الكبيرة كما صبرا عليه في سنّه الصغيرة.

إنّ برّ الوالدين أيّها الأحباب من أعظم القربات والطّاعات والعبادات، حتّى أنّها أحبّ وأفضل من الجهاد في سبيل الله، وهو م أسباب طول العمر وسعة الرزق وبسط الدنيا والآخرة لمن يبرّ والديه، وعلى الإنسان أن لا يغترّ في نفسه لو أنّه برّ والديه، فهنالك دومًا من هو أبرّ منه بوالديه، وعليه أن يُجاهد نفسه في البرّ والإحسان، وإن أساء الأب أو الأم للولد لا يكون ذلك مسوّغًا له لعدم برّهما، فحقوقهما لا تسقط عن الابن أبدًا.

خاتمة خطبة محفلية عن بر الوالدين

ختامًا أيّها الأحباب، عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، وهي كلّ ما يمكن أن يؤذي الوالدين من ابنهما،من القول أو العمل أو حتّى التّرك، حتّى أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرن العقوق بالوالدين بالشرك بالله، وعلى كلّ عاق أن يسارع ويتوب إلى الله ويغتنم وجود والديه في حياته فبرّهما بركة والإحسان إليهما فوزٌ برضا الله، فسارعوا إلى برّ الوالدين قبل أن ينتقلوا لرحمة الله، وإنّه لأمرٌ مكتوب، ومن مات عنه والديه فلا يحزن فبرّهما يكون أيضًا بعد موتهما بالدّعاء لهما والتّصدّق عنهما، غفر الله لنا ولكم ولوالدينا ولوالديكم، ورحم الله آباء المسلمين وأمّهاتهم، وجعلنا من البارّين المحسنين.

خطبة عن بر الْوَالِدَيْنِ مكتوبة

“بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء والمرسلين، أمّا بعد، أوصانا الله -عز وجل- ببِر الوالدين، فهم السبب الرئيسي في تواجدنا على الأرض، ولا يُمكن لإنسان أن يعيش مُنعمًا وهو بعيد عن أهلِه.

الضحكة التي ترتسم على وجوهِنا راجعة لهم، وكل ما يصل إليه المرء في حياتِه من نجاحات حتمًا يكون الوالدين شُركاء فيه؛ فطاعتهِما ليست من الأمور الاختيارية، بل هي من أعظم الفرائض، وذلك لقول الله تعالى في القرآن الكريم:

﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ الإسراء، الآية: 23، 24

لذا علينا تنفيذ كل ما أمرنا به الله، فالوالدين لهُما علينا حق كبير، ولا يقتصر الأمر على المعاملة الحسنة، بل وقول اللين والرحمة والرفق بهما، فعندما يكبُر الوالدين يكونوا في حاجة لأبنائِهم أكثر من حاجة الأبناء لهم، وهنا يأتي دور الأبناء في إعادة قدر بسيط جدًا من الإحسان الذي منحه الوالدين لهم في يوم من الأيام.

حثنا النبي الكريم أيضًا على طاعة الوالدين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي).

لذا علينا الاقتداء برسولنا الحبيب لننال شفاعتهِ يوم القيامة، ونفُز بالجنة، وفي آخر حديثنا نرجو أن تكونوا خير الأبناء فعلًا وقولًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خطبة مكتوبه عن فضل الأب

الخطبة الأولى:

خطبة محفلية عن الاب ، الحمدُ للهِ الذي أظهرَ لعبادهِ من آياتِه دليلاً، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، المتفردُ بالخلقِ والتدبيرِ جملةً وتفصيلاً، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه أصدقُ الخلقِ قِيلاً، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبهِ والتابعين لهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا. أما بعد: فاتقوا اللهَ؛ فتقوى اللهِ ما جاورَتْ قلبَ امرئٍ إلا وَصَل.

يقول أحد الآباء: أمرٌ أفرحني وأحزنني معًا؛ دخل أولادي وقبَّلوا رأسي، ثم دخلوا على أمهم، وقبَّلوا رأسها، وجلسوا عندها. أفرحني احترامهم لنا، وأحزنني مزيدُ برِّهم بأمهم، وقلةُ جلوسهم معي.

هذه بعض معاناة الآباء نحوَ أولادهم، لكنهم يكتمونها، ولا يَبثون شجونَهم.

نعم؛ هذا صحيحٌ، والواقعُ يصدِّقه! امتلأتِ الجوالاتُ بالقصائدِ والأناشيدِ والمقالاتِ والخواطرِ حولَ الأم وبرِّها، وقليل منها حولَ الأب بخصوصه. وكثيرون حينما يَسمعُ عن بَرِّ الوَالِدينِ يَتبَادَرُ إلى أَذهَانِهِمْ بِرُّ الأُمهَاتِ فَحَسبُ.

وإذا كانت الأمومةُ هي الحنان، فالأبوّة هي الأمان. وإذا كانت النساءُ أمهاتِ الرجال، فإن الرجالَ آباءُ للنساء.

الأبُ سورٌ عالٍ من الأمانِ يَلُف العائلةَ، وهو عمودُ البيت، وسرُّ استقراره. إنه سندُك في هذه الحياة، إنه صاحبُ القلبِ الكبير. والكونُ على اتّساعِـه لا يضاهي أبداً سعةَ قلبِ الأب. ووجودُه نعمةٌ من الله لا تكرَّر في الحياة مرتين. فرْقُ الأب عن باقي الرجال؛ كفَرْقِ ماءِ زمزمَ عن باقي المياه.

في نظر العالم أنتَ أبي، وفي نظري أنت العالَم. ونفتخرُ بك أمام العالم كلِّه كيفما كنت. كلما احتجتُ إلى وطن يحميني، وصدرٍ يأويني ناديتُ بكلمة أبي.

وحمِدتُ ربَّ الكوْنِ فـي عليائِهِ *** أنْ كُنتَ أنتَ، وليسَ غيرُكَ والدي

ومهما كنا كباراً فإحساسُنا بآبائنا يبقى طفوليًّا في أعماقنا. ذلك أن الأب: هو ذاك الذي تطلبُه نجمتين، فيعود حاملاً لك السماء.

ينصحنا بما هو أفضلُ لنا، يعاتبُنا سراً، ويمدحُنا جهراً، وليس ثمتَ فرحٌ أعظمُ من فرح الأبِ بنجاحِ ابنِه، بل الأبُ هو الشخصُ الوحيدُ الذي يتمنى أن يكون ابنُه أرفعَ وأفضلَ منه.

إنه الأبُ -أيها الابنُ الكريم- أتدري من أبوك؟ أبوك من كنتَ له مجبنةً مبخلة، يَكُدُّ ويسعى، ويلاقي صروفَ الأذى؛ لكي يربِّيْك، وينفقُ عليك. إذا نظر إليك بشَّ، وإذا أقبلت عليه هشَّ، وأما تأنيبُه فدواءٌ حلوٌ يتجاوز مرارتَه.

ماذا تقول لله؟ واللهُ الذي يقول: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)[لقمان:14].

وقال ربي: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ)[الإسراء:25] أتدري ما معنى عندك؟! عندك؛ أي التجاؤهُما إليك، واحتماؤهُما بك، وحاجتُهما لك، فما فعلتَ؟ اتقِ اللهَ تعالى أن يكون جزاؤهما بعد كلِّ تلك التضحياتِ والسنين؛ أن تتجرأَ، فتقولَ لهما: (أفّ). تدري ما معنى (أفّ) عند الله؟ معناها: جحودُ هذه التربية.

فأَحِبَّ أَباك إذا كان مُنصفاً، وإذا لم يكن كذلك فتحمَّلْه.

أيها الابنُ: أتدري ما الحزنُ الكبيرُ حتى على البار بوالديه؟! إنه يومُ فراقِ الأبِ عن هذه الدنيا. وأما المقصرُ والعاقُ فحزنُهما مضاعَف. يومٌ أو شهرٌ.. عامٌ أو أعوامٌ.. تساوَتِ الأزمنةُ لمن فَقَدَ والَده. عندما يموتُ الوالدُ يولدُ اليُتمُ في أعماقنا.

أنْ تَفقدَ أباكَ مَعناه أنكَ تخسرُ الجدار الذي تستنِدُ إليه، ويختلُّ توازُنُ البيت.  أنْ تفقِدَ أباك مَعناه أن تفقدَ المَظلة التي تحميك. أنْ تفقدَ أباك ستدرِكَ أن هناك بكاءٌ دون دموعٍ، وكلُّ فرحةٍ لا تكتمل لأن الأبَ غيرُ موجود.

الخطبة الثانية:

فإن سألتَ أيها الابنُ: ما السبيل إلى رِضى الوالد؟ فالجوابُ: هي في الوصايا الخمس منَ اللهِ لك: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)[الإسراء:23-24]، هذه الخمسُ اعتصِمْ بها: أمَرَ بقولين، ونهى عن قولين، وأمَرَ بفعلٍ جامعٍ.

(أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)[لقمان:14]، قال سفيانُ بنُ عيينةُ -رحمه الله-: “إذا صليتَ الصلواتِ الخمسَ فقد شكرتَ اللهَ، وإذا دعوتَ لوالديكَ في أدبارِ الصلواتِ الخمسِ فقد شكرتَ لوالديكَ”( تفسير الثعلبي 7/ 313).

فيا أيها البار: أتريدُ أن يزيدَ برُّك بوالديكَ ولو كانا تحتَ الثرى؟! إذًا: فلتُكثر من الدعاءِ لهما، وخصوصاً دُبُرَ كلِّ الصلواتِ المكتوبةِ والنافلة. ويا مَنْ مَنَّ الله عليه بحياةِ والديه أو أحدِهما: احذرْ، ثم احذرْ، ثم احذرْ أن تفوتَك الفرصة، بادرْ بالبر، واطَّرِحِ العقوقَ والهجرَ، فسَيَأْتِي اليومُ الذي لَنْ تَرَى فِيهِ أَبَاكَ، ومَن جَرَّبَ الحِرمَانَ عَرَفَ، وَسَتَبْكِي نَدَمًا أَنْ لَوْ بَرَرْتَ بِهِ، فَاتَّقِ اللهَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ اللِّقَاءُ إلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ.

وإنما هيَ أيامٌ قلائلُ؛ تُضحّيْ من أجل رضاهُ، في رضا اللهِ سبحانه، ثم تفوزُ بعدها بالبركةِ في الدنيا، وبجنةِ النعيم في الآخرة.

فاللهم ربَّنا أوزعنا أن نشكرَ نعمتَك التي أنعمتَ علينا وعلى والدَينا، وأن نعملَ صالحاً ترضاه، وأدخلنا برحمتِك في عبادِك الصالحين. اللهم ارزقهما عَيشاً قارَّاً، ورزقاً دارَّاً، وعملاً بارَّاً.

اللهم مَن كان منهما حياً فأطِل في عمرِه، وأحسنْ في عملِه وأحسِنْ له الخاتمة، واجعله راضيًا عنا، وادفع عنه البلاء والمكروه. اللهم ومَن كان منهما قد وارَيناه في التراب، ففارقَنا فضلُ مُصاحبتِه وبرِّه، اللهم فنوِّر له في قبره، ووسع له فيه. اللهم واجمعنا بهما في الفردوس.

اللهم واحفظ علينا ديننا، وأعراضَنا ومقدساتِنا، وبارك في أرزاقنا واقض ديوننا، وبارك في أهلنا، وارزقنا ونساءنا مزيدَ التبصر بكيد متبعي الشهوات، الذين يريدون أن نميلَ ميلاً عظيمًا.

اللهم يا من حفِظت بلادَنا طيلة هذه القرون، وكفيتها شر العاديات الكثيرات المدبَّرات الماكرات، اللهم فأدم بفضلك ورحمتك حفظَها من كل سوء ومكروه، اللهم عُم أوطانَ المسلمين بالخير والسلام.

اللهم عليك بالحوثيين والنصيريين والمتربصين والقتلة المفسدين، وكل محارب للدين.

اللهم احفظ لنا ملكَنا وأمدَّه بالصحة في طاعتك، ومصلحة الإسلام والمسلمين. وأعنه ووليَّ عهده ببطانةٍ صالحةٍ ناصحة.

اللهم واحفظ جنودَنا في حراساتِهم وثكناتِهم وتفتيشاتِهم، وفي الجمارك والطرقِ والحدودِ والمساجد، واخلفهم في أهليهم بخير.خطبة محفلية عن الاب.