يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال خطبة محفلية عن اسبوع الشجرة ، و خطبة عن الزراعة ملتقى الخطباء ، و التشجير في الإسلام ، تُعَدُّ الأشجار مورداً حيوياً للمجتمع؛ إذ إنَّها حلقة الوصل بين الطبيعة الخضراء، والبشر، وقد لعبت دوراً مُهمّاً في الحفاظ على الطاقة، وتلطيف الهواء، وحماية الموارد المائيّة، والمساهمة في تحسين الصحة العامة للسكّان، كما أنّها كانت عنصراً أساسياً لبقاء الإنسان على قيد الحياة؛ لما تُوفّره من طعام، وأكسجين، ومع تطوّر الزمن، ازدادت أهمية الأشجار؛ حيث اعتمد الإنسان عليها في بناء بيته، وعلاج أمراضه، وصناعة أدواته، وإلى هذا اليوم، ومع توسُّع أساليب الحياة الحديثة، فإنّ قيمة الأشجار تستمرُّ في الزيادة، إذ تُلبّي الاحتياجات الإضافية للمجتمع. فيما يلي سنعرض لكم خطبة محفلية عن اسبوع الشجرة.

خطبة محفلية عن اسبوع الشجرة

خطبة محفلية عن اسبوع الشجرة
خطبة محفلية عن اسبوع الشجرة

ان للشجرة أهمية كبيرة في حياتنا اليومية فهي مصدر للغذاء والكساء والظل وقد حث الإسلام على أن يعمر الناس الأرض بالغرس والزرع المثمر وتبارك الله أصدق القائلين في محكم كتابه (ونزلنا من السماء ماء مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقاً للعباد وأحيينا به بلدة ميتاً كذلك الخروج)، كما ان غرس الاشجار والمحافظة عليها وإكثارها والتعهد بخدماتها وصيانتها وعدم التعدي عليها من الاعمال التي لا ينقطع ثوابها وبالاضافة إلى كونها مصدرا للظل والغذاء والكساء فلها أهمية كبيرة ودور كبير في حياتنا ومنها:

  • تعد الاشجار مصدراً للجمال والبهجة والسرور والهواء العليل.
  • الاشجار والشجيرات بشكلها ومنظرها مهمة في البيئة إذ تعمل على التشجيع على التنزه والجلوس والرحلات ولم شمل الأسر وادخال البهجة والراحة والهدوء والترويح عن النفس بالإضافة إلى كونها تحد من التلوث الموجود بسبب تطاير الغبار والادخنة والروائح الكريهة وكذلك الحد من حرارة الشمس وتحسين الرطوبة.
  • تعد الاشجار مصدرا للجمال في المناطق والمحافظات والقرى والهجر فهي تعتبر رئة التنفس للمدينة لما تقوم به من دور في امتصاص ثاني أكسيد الكربون واطلاق الاوكسجين عن طريق التمثيل الضوئي بالاضافة إلى ما تضيفه للمدن من جمال بصورة احزمة خضراء حولها ويستفيد منها المواطنون والزائرون والمتنزهون كمنتجات يرتادونها بعد الانتهاء من اعمالهم اليومية.
  • للاشجار أهمية كبيرة كمصدات رياح ومنع التربة من الانحراف وتحسين المناخ بالإضافة إلى فوائدها الاقتصادية في الصناعات الخشبية والدوائية ومصدراً للوقود والتدفئة.
  • ثمارها لها قيمة غذائية لما تحتويه من عناصر غذائية وفيتامينات.

وقد رزقنا الله سبحانه وتعالى عددا من الاودية والشعاب والأراضي الصحراوية الواسعة والكثبان الرملية الجميلة والتي تغطيها اشجار وشجيرات الغابات مثل الطلح والسدر والارطاء والعرفج والسبط وغيرها ونلاحظ ان الاشجار والشجيرات تتعرض اليوم للاعتداء والازالة والرعي الجائر وخاصة شجر الارطاء والطلح حيث يوجد بعض ضعاف النفوس يقومون بسحب الاشجار والشجيرات من الروضات ويؤدي في النهاية إلى انجراف التربة وتهديد البيئة فلا يبقى للانسان ظل ومتنزه ولا للحيوان مأوى ومأكل وان واجبنا نحو الاشجار ان نشكر الله ونحافظ عليها وننكر على من يقوم بقطعها والرعي الجائر بها وتشجيع من يقوم بزراعتها واكثارها والمحافظة عليها حتى يتمتع بها اجيالنا والاجيال القادمة، وحيثما وجدت الاشجار كانت المياه وحيثما انعدمت صارت الارض مقحطة لا خير فيها ولا جمال، وحري بنا ان نحتفل باسبوع زراعة الشجرة.

خطبة عن الزراعة ملتقى الخطباء

خطبة عن الزراعة ملتقى الخطباء
خطبة عن الزراعة ملتقى الخطباء

الخطبة الأولى:

الحمد لله، خلق فسوى وقدَّر فهدى، وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، عالم السر والنجوى، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى كلمة التقوى، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، أئمة العلم والهدى.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله..

الإسلامُ منهجٌ متكاملٌ وتشريعٌ شاملٌ لكلِّ مجالاتِ الحياة.. إِيمانٌ وعملٌ.. عقيدةٌ وشريعةٌ.. عبادةٌ ومعاملةٌ فكرٌ وعاطفةٌ.. أخلاقٌ وعمرانٌ.. ومسكينٌ من يعتقدُ أنَّ الإسلامَ صلاةٌ وعباداتٌ ومسجدٌ ويُهمل في الصلاة ثم الحياة والاقتصاد والسياسة، وحماية البيئةِ وعمارةُ الأرضِ حَجراً وشَجراً والنظافةُ مما يشمل البلاد والعباد ويُقيم الدين والدنيا؛ هذا هو الإسلام (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)[المائدة: 3].

أرضٌ أنشأَها الله (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك: 15]، وأوصانا بعمارتها وعدم الإفساد فيها بعد إصلاحها لا بحروب ولا دمار ولا بقطعٍ للأشجار ولا فساد..

ولذلك أَمرنا الله ووجهَّنا دينُنا أن نكونَ إيجابيينَ في هذه الحياة ليس مع الناس في التعامل الأمثل والخلق الحسن بل وحنى مع الحيوان فلا نعذب وكذلك مع الأرض نزرعها والجماد نحميه من الإفساد!!

خلق الله أشجاراً نراها ونتفيؤ ظلالها ونستروحُ من عبيرها، منها ما يثمر فيكون نفعها مما نأكل منها (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)[النمل: 60].

وأشجارٌ لحماية البيئة وللظل والزينة (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)[لقمان: 11]، والأشجارُ في بعض جوانبها لها شبه بالإنسان، فهل نشعر بإحساسها؟!

وتنتقل من حالٍ إلى حال؛ فتبارك الله رب العالمين أحسن الخالقين؛ تراها حطباً قائماً عارياً لا كسوة عليها فيكسوها ربها وخالقُها من الزهرِ أحسنَ كسوةً، ثم سلبها تلك الكسوة وكساها من الورق كسوةً أثبتَ من الأولى، ثم أطلع فيها ثمرةً وأخرج ورقها صيانةً وثوباً لتلك الثمرة الضعيفة لتستجنّ به من الحر والبرد والآفات.

ثم ساق إلى تلك الثمار رزقها عبر عروقها وأغصانها حتى استوت وكملت من حطبةٍ صماء اسمها شجرة!! لها عروق ممتدة في الأرض منتشرة لتمسكها وتقيمها، وكلما طالت نحو السماء، امتدت في الأرض.. وهكذا النخيلُ الطوال الباسقات والشجر الثمرات.. طوال ومخضرات وصابرات على الرياح والعواصف؛ فسبحان الله أحسن الخالقين!!

أيها الإخوة: ضرب -صلى الله عليه وسلم- بهذا الشجر أمثلةً عدّة وتشبيهات.. فشبَّه المسلمَ بالنخلة بكثرة بركته وخيره وعطائه قال -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ. فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي” قَالَ ابن عمر: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ“(رواه البخاري).

وشبَّه -صلى الله عليه وسلم- هذه الدنيا وسرعة زوالها بظل شجرة فقال: “ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركه“، وشبَّه -صلى الله عليه وسلم- الشجر وهي تُسِقْطُ ورقَها، فقال فيما صح عنه “سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله أكبر تنفض الخطايا، كما تنفض الشجرة ورقها“.

وكذلك شبهها بسقوط الخطايا قال -صلى الله عليه وسلم-: “ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها، إلا حط الله له به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها“.

ولما قيل له -صلى الله عليه وسلم- فِي مَرَضِهِ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وذَاكَ لَكَ به أَجْرَان؟ قَالَ: “أَجَلْ. مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ“(رواه البخاري).

وشبَّه -صلى الله عليه وسلم- بالشجر المؤمن في قوة صلابته وثباته بالأشجار القوية التي لا تهزها رياح الفتن وأعاصير الضلالة فقال -عليه الصلاة والسلام-: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ, لا تَزَالُ الرِّيحُ تُفِيئُهُ, وَلا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلاءُ, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الأَرُزِّ , لا يَهْتَزُّ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ“(رواه مسلم).

ومثل الله بها (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ)[إبراهيم: 24- 26]، وكانت أمنا عائشة -رضي الله عنها- تفتخر بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتزوج بكراً غيرها فتقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا.. فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: “فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا“(رواه البخاري).

كل هذه التشبيهات للشجر بأنواعه تدلُّ على عميق صلة الإنسان بالشجرة وارتباطه بها بل وحاجته العظيمة إليها المثمر منها وغير المثمر.. ولذلك أوصانا -صلى الله عليه وسلم- حتى عند قيام الساعة فقال: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فليَغرِسْها“(رواه أحمد).

أيها المسلمون: الشجرُ كباقي المخلوقات يسبِّحُ بحمد ربه (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)[الإسراء: 44]، (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)[الرحمن: 6]، وقد تعجب إذا علمت بأن الشجر أيضاً يُلبيِّ مع المسلمين في حجهم وعمرتهم، يقول -عليه الصلاة والسلام- في حديث صحيح رواه الترمذي: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ“.

نعم هذا الشجر الذي نراه ونتعامل معه ويقسو عليه البعض بالقلع والاحتطاب الجائر بل إن الشجرَ يستريحُ إذا أهلك الله فاجراً من فجّار الأرض مُرَّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِجِنَازَةٍ فَقَال: “مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ” قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: “الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ. وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ“(رواه البخاري).

بل الشجر يتكلم وينطقه الله عز وجل بقدرته آخرَ الزمان قال -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ“(رواه مسلم).

ومن جملةِ نعمِ اللهِ على عبادهِ في الجنةِ الأشجارُ، ففي الجنةِ شجرةٌ يسيرُ الراكبُ الجوادُ المُضمَّرُ السريعُ في ظلِّها مائةَ عام ما يقطعها، وهي شجرةُ طوبى، قال بعض العلماء: إنها شجرة الجوز في الخبر الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم-: “إن أرواحَهم في طيرٍ خُضْرٍ تُعلَّقُ بشجرِ وهي الجنَّة حتى يبعث الله هذه الأجساد يوم يبعثها“..

الله أكبر.. كل هذا ذكرٌ للشجرة في الجنة قال ابن القيم -رحمه الله- ليصفها:

أشجارها نوعان منها ما له *** في هذه الدنيا مثالٌ ثان

كالسدرِ أصلُ النبق مخضودٌ مكان *** الشوك من ثمر ذوي ألوان

هذا وظل السدر من خير الضلال *** ونفعه الترويح للأبدان

والطلح وهو الموز منضود كما   *** نضدت يد بأصابع وبنان

أو أنه شجر البوادي موقراً *** حملاً مكان الشوك في الأغصان

وكذلك الرمان والأعناب *** التي منها القطوف دوان

هذا ونوع ما له في هذه الدنيا *** نظير كي يرى بعيان

يكفي من التعداد قول إلهنا *** من كل فاكهة بها زوجان

يا عبد الله: هل تريد أن يكون لك شجر في الجنة؟ إذاً فليكن لسانك دوماً رطباً بذكر الله، يقول -صلى الله عليه وسلم-: “ألا أدلك على غراس، هو خير من هذا؟ تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله اكبر، يغرس لك بكل كلمة منها شجرة في الجنة“. الله أكبر.. حتى العبادة وذكر الله شُبِّهَ بالشجرة.

أمّا أهلُ النار -عياذاً بالله- فلهم شجر الزقوم طعامهم: (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ)[الدخان: 43- 44]، وفي الإسراء: (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ)[الإسراء: 60]، وفي الصافات: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)[الصافات: 62- 65].

وكذلك هناك من أشرك بالشجر وعظَّمها شركاً وإثماً في الحديث أن الصحابة في حنين مروا على شجرة سدر يقال لها ذات أنواط كانوا يعكفون عليها ويمجدونها؛ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “قُلْتُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)، إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حتى لو دخلوا جحرٍ ضبٍ لدخلتموه“(رواه أحمد).

كل هذه التشبيهات للشجرة لنحترمها قال البخاري -رحمه الله-: بَاب لَا يُعْضَدُ شَجَرُ الْحَرَم. ثم ساق الحديث أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ وَقَالَ الْعَبَّاسُ.. يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا“.

وكذلك إبراز جمالِ الشجر وروعته برسمه جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، قَالَ: أأُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، سَمِعْتُه يَقُولُ: “كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ“، وقَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ”.

هذه هي الشجرة تأملوها واستمتعوا بها واغرسوها واحموها من كلِّ يدٍ باطشة متجبرة.. (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)[النجم: 17- 24].

يا رب متعنا بالشجر والورد في الدنيا، وأظلّنا يوم القيامة لا ظلّ إلا ظلُّك وأسكنا الجنة بروحها وريحانها يا أرحم الراحمين أقول ما تسمعون..

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

قال -صلى الله عليه وسلم-: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلاَّ كانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْه لَه صدقَةً، وَلاَ يرْزؤه أَحَدٌ إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً“(رواه مسلم).

أخي كن صديقاً للشجر والثمر اغرسه وتمتع به وكُل من ثمره، ولا تؤذه ولا تقطعه لا بمُبيد أو كيماوي ضار لثمر يأكله الناس ولا باحتطابٍ جائر..

اليوم تعاونوا معنا -جزاهم الله خيراً- جهات عدّة ليجعلوا الدنيا خضراء فرع وزارة الزراعة والبيئة والمياه بمشروع غابة عنيزة، وكذلك حماية الأشجار ومشاريع الاستزراع وتوزيع الشتلات وكذلك بلدية عنيزة التي تزرع شوارعنا ومتنزهاتنا شاركونا اليوم رابطة عنيزة الخضراء.

شبابٌ همُّهم التطوّعي الحث على حماية البيئة ونشر ثقافة التشجير وهناك غيرهم من المهتمين كلُّهم يدعوننا لنهتم بهذه الشجرة وزراعتها وحمايتها والتمتع بها، واليوم ساندونا بتوزيع شجيرات لنكسب الأجر بغرسها في بيوتنا واستراحاتنا والأرض حولنا.

فاستحضر أخي الأجر بغرسها كما أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

نسأل الله -عز وجل- أن يأجر الجميع ويوفِّقهم ويسعدهم.

قد يهمك:

التشجير في الإسلام

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا.

أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون, وبادروا إلى الأعمال الصالحة, قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)[فصلت: 8]، قال الإمام السعدي -رحمه الله-: “لهم أجر عظيم غير مقطوع ولا نافد، بل هو مستمر مدى الأوقات، متزايد على الساعات، مشتمل على جميع اللذات والمشتهيات”(ينظر تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن ص: 745).

فأكثروا من الأعمال الصالحة واجعلوها زادكم في الآخرة.

معاشر المسلمين: من الأعمال الصالحة عمل يغفل عنه كثير من الناس وهو غرس الشجر, فقد حثّ الإسلام على الغرس ورغَّب فيه, قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ“(أخرجه البخاري 2320، ومسلم 1553). وفي رواية عند مسلم: “إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ“(أخرجه مسلم 1552). “وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ“(أخرجه مسلم 1552).

قال الإمام النووي -رحمه الله-: “في هذه الأحاديث فضيلة الغرس وفضيلة الزرع، وأنَّ أجر فاعلي ذلك مستمر مادام الغراس والزرع وما تولد منه إلى يوم القيامة، وقد اختلف العلماء في أطيب المكاسب وأفضلها, فقيل التجارة وقيل الصنعة باليد, وقيل الزراعة وهو الصحيح … “ولا يرزؤه” أي: ينقصه ويأخذ منه”(ينظر شرح النووي على مسلم: 10/ 213).

أيها المسلم: هل سألت نفسك متى آخر مرة غرست فيها شجرة, ينتفع الناس بثمرها وظلها وتنتفع البهائم بها؟ واعلموا أنَّه من أنفع ما يكون من غرس الأشجار غرس النخل, لأنَّ في كل جزء منه فائدة, وهي مَثَلُ المؤمن, عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَلاَ يَتَحَاتُّ” فَقَالَ القَوْمُ: هِيَ شَجَرَةُ كَذَا، هِيَ شَجَرَةُ كَذَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالَ: “هِيَ النَّخْلَةُ”… فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ فَقَالَ: لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. (أخرجه البخاري 6122).

ومن الأشجار النافعة أيضاً شجر السدر, والطلح وهما من أشجار الجنة -جعلني الله وإياكم من أهلها-, قال الله -تعالى-: (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ)[الواقعة: 27 – 29].

معاشر المسلمين: لا يحرم أحدكم نفسه من فضيلة غرس الأشجار النافعة, فاغرسوا النخل والسدر في مزارعكم وفي بيوتكم, واغرسوا الطلح والسدر وما ماثلهما من الشجر في وديانكم وشعابكم وقفاركم, فإنكم في بيئة صحراوية, الغطاء النباتي فيها قليل نادر, وبذلك تساهمون في تكثير الغطاء النباتي والتوازن البيئي, الذي يعود نفعه على المجتمع والاجيال القادمة, فكلٌّ منكم يستطيع شراء شتلة سدرة أو طلحة بمبلغ زهيد ثم يغرسها ومن الصور المشرقة لمجتمعنا أن جعل فيه من يهتم بهذا الأمر ويحث عليه ويساهم في غرس كثير من الأشجار.

معاشر المسلمين: إنَّ من الناس من يقطع شجراً ولا يغرس, ويُتلِف ولا يُصلح, ويهدم ولا يبني, ويؤذي ولا يحسن, ترون أحدهم يأتي إلى شجرة يُستظل بظلالها, وتضع الطيور فيها أعشاشها, فيقتلعها من أساسها وهذا خطأ, لأنَّه يأخذ زائداً عن حاجته, ويحرم غيره الانتفاع بظلها وثمارها, ألا يكفيه أن يبحث عن أغصان يابسة قدر حاجته, تكون وقوداً لطعامه وتدفئة له, ومن المؤسف أن ترى شجرة سقطت بالكامل لأجل نار أوقدت في أصلها, في عبث وعدم مبالاةٍ من ذلك الفاعل, فمتى يعي أولئك أهمية شجر البوادي والوديان والصحاري.

معاشر المسلمين: تعلمون عظم فضل الله علينا في هذا العام من الغيث المدرار, حتى اخضرَّت رياضٌ وفياض, فأصبح بعضها كالبساط الأخضر الذي لا يَملُّ رؤيته الناظر, مما يُبشِّر بموسم ربيع طيب, ولكن البعض هداهم الله يفعل أفعالاً تؤذي حال زيارته لها, إما بترك مخلَّفاته فيها.

فإذا أتى بعدهم أحد وجد تلك الأوساخ المؤذية, من علب بلاستيكية وقوارير زجاجية جارحة وغيرها, فإن هو جلس تأذى منها, وإن نظَّفها أخذت من وقته كثيراً, وقد يصاب هو ومن معه من أطفال بأذى منها, وقد يدعو عليه أحدهم, للأذى الذي ألقاه فأصابهم, وإنَّ المسلم مأمور استحباباً بإماطة الأذى وهو له صدقة إذا كان من غيره, فكيف هو حال من يلقي ذلك الأذى في طرقات الناس وأماكن جلوسهم, وبه يحصل التلوث البيئي.

إنَّ على من يذهب للنزهة في البَر أن يهتم بشأن النظافة وأن يترك المكان مثلما كان أو أفضل, ولا يقومون من مكانهم إلا وقد جمعوا تلك النفايات في كيس يأخذونه معهم ويلقونه في حاويات النظافة, ولو أنَّ من يخرج إلى النزهة يفعل ذلك, لما احتجنا إلى عمَّال نظافة يتولون نظافة الحدائق العامة أو يتولون نظافة الريضان والوديان.

معاشر المسلمين: ومن الإيذاء لتلك الريضان أنَّ بعضهم يفسدها بكثرة المشي فيها بسيارته, أو بالتفحيط فيها, وهذا إن دل فإنما يدل على الجهل وعدمِ معرفة نعمة الله علينا بالزرع الذي أنبته وأحيا به الأرض.

ومن الملاحظات التي ينبغي التنبيه عليها حفظ تلك الريضان من الرعي الجائر فلا تترك البهائم ترعى فيها على بدايته بما يسمى الباذر, أو عندما يكون العشب فيها صغيراً, فتأكله البهائم من جذوره, وكان الأولى أن تُحفظ وتحمى عنه حتى تكبر الأعشاب ويشتدُّ عودها وتثمر بذورها, حتى إن أكلتها البهائم إنما تأكلها بدون جذورها.

معاشر المسلمين: إنَّ غرس الأشجار النافعة, عمل صالح, فاجعلوا لكم منه نصيباً, وحافظوا على بيئتكم ونظافتها, جعلني الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.