يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال تقرير عن الزكاة ، و شروط الزكاة ، و أنواع الزكاة ، و حكم الزكاة وأهميتها ، و فضائل الزكاة ، الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادَتين والصلاة، أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)، فالزكاة فريضةٌ فرضها الله -تعالى- في أموال الأغنياء وأمرهم بإعطائها لمستحقيها بعد حسابها بكيفيةٍ معينةٍ وبلوغها الحدّ المقدّر في الشرع الذي تجب فيه الزكاة بشروطٍ مخصوصةٍ محدّدةٍ. فيما يلي تقرير عن الزكاة.

تقرير عن الزكاة

تقرير عن الزكاة
تقرير عن الزكاة

تعريف الزكاة لغة

إنّ للزَّكاة تَعريفاتٍ عدَّة في اللغة والاصطلاح، إذ تُطلقُ لغةً على مَعانٍ مُختلفة؛ منها النَّماء، والزِّيادة، والطَّهارة؛ لأنها تُطهِّر مُخرجها من الآثام، كما يُطلق على الزكاة لفظُ صَدَقة؛ لأنها تدُلُّ على صِدق المُسلم في عبوديّته وطاعته لله -تعالى-، وتُطلق أيضاً على البَركة، والمَدح، والصَّلاح، وتَتمثل هذه المعاني اللُّغوية في الآية الكريمة: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)، فالزَّكاة تُطهِّرُ صَاحبها من الآثام والشُحِّ، وتُبارك في مَاله وأَجرِه.

تعريف الزكاة اصطلاحا

وفي الاصطلاح تُعرَّف الزَّكاة على: أَنها القَدر المَخصُوص الواجب على المُسلم إِخراجه من مَالِه البالغِ للنِّصاب للجِهات المُستحقَّة وبشروطٍ معيَّنة. ونَجد للفُقهاء تعريفات عدِّة للزَّكاة.

  • قال الحنفية: “هي تَمليك جُزء مَالٍ مخصُوص من مَالٍ مخصُوص لشخصٍ مخصُوص عيَّنه الشارع لِوجه الله -تعالى-“.
  • وعرّفها المَالكية على أنَّها: “إخراجُ جزءٍ مخصُوص من مالٍ مخصُوص بَلغ نِصاباً لمُستحقّه إن تمَّ المِلك، وحَول غير مَعدنٍ وحَرث”.
  • و أمَّا الشافعيّة فعرَّفوها على أنَّها: “اسمٌ لِما يُخرج من مالٍ أو بدن على وجهٍ مخصُوص”.
  • وآخر التعريفات للزَّكاة نجده عند الحنابلة، إذ قالوا: “هي حقٌ واجبٌ في مالٍ مخصُوصٍ لطائفةٍ مخصُوصةٍ في وقتٍ مَخصُوصٍ”.

ومِن خلال المُرور على مُختلف التعريفات، نجد أنَّها تشتركُ في اعتبار الزَّكاة تمليكاً للمالِ الذي بلغ النِّصاب؛ أي أنَّ المَال لا يُعود مِلكاً لصاحبه بعد إخراجه من حَوزته بل يدخُل في مِلك المُؤدَّى لهُ الزَّكاة، ولفظُ “مُستحقِّ الزَّكاة” يُؤكِّد استحقاقَ المُزكَّى له لهذا المَال.

والمقصود بالمُستحِقّ: أيِّ الجهات الثَمانية المُستحقة للزَّكاة والتي حدَّدها القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ).

تقرير عن الزكاة ، وحتى تَجبَ الزَّكاة على المسلم لابدَّ من توافر شروطٍ مخصوصةٍ للزَّكاة ذكرها الفقهاء بالتفصيل، فإن تَحقّقت هذه الشروط وجبَ على المسلم عندها إخراج الزَّكاة.تقرير عن الزكاة.

شروط الزكاة

شروط وجوب الزكاة

إنّ لوجوب الزكاة العديد من الشروط الواجب توافرها، وفيما يأتي ذكرها:

  • البُلوغ: فلا تجب الزكاة على الصبيّ، ولكنّها تجب في ماله، ويُخرجها وليُّه عنه، وهذه قول الجُمهور، خلافاً للحنفيّة.
  • العقل: فلا تجب على المجنون، ولكنّها تجب في ماله، ويُخرجها وليُّه عنه، وهذه قول الجُمهور، خلافاً للحنفيّة.
  • الإسلام: فلا تجب على غير المسلم، وعند رُجوع المُرتدّ للإسلام فتجب عليه في زمن ردّته عند المالكيّة والشافعيّة، بخلاف الحنفيّة والحنابلة الذين يرون سُقوطها عنه؛ لأن الإسلام شرطُ صحّة وشرطُ وجوب.
  • بُلوغ النّصاب: فنصاب الذِّهب عشرون مثقالاً، والفضة مِئَتا درهم، والزُّروع والثّمار خمسة أوسقٍ؛ أي بمقدار 653 كيلو، ونصاب الغنم يبدأ من أربعين شاة، والإبل عند خمسة، والبقر عند الثلاثين.
  • الحُرّيّة: فلا تجب الزكاة على العبد والمُكاتب باتّفاق الفُقهاء؛ لأنّه غير مالكٍ للمال.
  • الاستقلال في المِلك، أو المِلك التام: سواء كان ذلك بملك الأصل أو حيازته باليد، فلا زكاة في المال الموجود لعموم الناس، كالزرع الذي نبَت في أرضٍ لا يملكها أحد، ويُشترط أيضاً القدرة على التصرف في المال؛ فلا زكاة على السيّد في مال مُكاتبه، ولا زكاة على شخصٍ في مال الآخرين، لأنه لا يملك التصرّف فيه.
  • نماء المال الذي يُزكّى أو يكون قابلاً للنّماء: وهما النّقدان؛ الذهب والفضة، وما يحلّ مكانهما من الأوراق النَّقدية، والمعادن والرِّكاز، وعُروض التجارة، والزُّروع والثِّمار، والأنعام.
  • خلو المال من الدين: وهو شرطٌ عند الحنفيّة باستثناء الزروع والثِمار، ويرى المالكيّة ذلك باستثناء النقدين، أمّا الحنابلة فيرون خلوّه في جميع الأموال، وأمّا الشافعيّة فلا يشترطون هذا الشرط، ولا تسقط الزكاة بسبب الدّين في حالتين؛ الأولى: حولان الحول والعرض عنده، والثانيّة: أن تكون العروض مما يُباع، كالثياب وغيره.
  • الزيادة عن الحاجات الأساسيّة: كالنّفقة، والسّكن، وغيرهما، وهو شرطٌ عند الحنفيّة.
  • حولان الحول: في غير الرِّكاز* والمُعشّر*، وهو الحول القمريّ على مِلك النّصاب، وقال بعضُهم: المُهم توافر النصاب في بداية الحول ونهايته، حتى وإن نقص في أثنائه.

شروط صحة الزكاة

توجد العديد من الشُروط الواجب توافرها لصحة الزكاة، وهي كما يأتي:

  • النيّة: وتكون عند دفع الزكاة حقيقيّةً أو حُكماً، وتعني: الإخلاص؛ لأنها من الأعمال القلبيّة، فيُشترطُ لها النيّة، لقوله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، وهذا الشرط باتّفاق الفُقهاء، بحيث لو أدّى المسلم الزّكاة ولم ينوها لا تسقُط عنه، ومحلّها القلب، بدليل حديث: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ)، وشُرعت النية للتفريق بينها وبين الصدقة النافلة، خلافاً للحنفيّة والإمام الأوزاعيّ الذين يرون سُقوطها؛ لأن الواجب بها التصدُّق دون التعيين فتكون كالديون.
  • التمليك: بحيث تُصرف إلى المُستحقّين، ولا يجوز إعطاؤها عند الحنفيّة للمجنون أو الصبيّ.

قديهمك:

أنواع الزكاة

تجب الزكاة في خمسة أنواعٍ من المال، نبيِّنها فيما يأتي:

زكاة النقود

اتّفق الفُقهاء على وجوب الزكاة في النقود على أيِّ حالٍ كانت، سواءً كانت هذه النُّقود مسبوكةً، أو مضروبةً، أو على شكل آنيةٍ. ونِصاب الذّهب عشرون مثقالاً، ويعادل 91 غراماً عند الجمهور، ونصاب الفضَّة مئتا درهمٍ، وعند الجُمهور 642 غرام، وأجاز الجمهور أن يُضاف أحد النَّقدين للآخر لتكميل النصاب، حيث تكون زكاته في النقدين رُبع العشر، أي: (2.50%)، ولا تُخرج زكاتهما في حال عدم بُلوغهما للنّصاب، وفي حال بلوغهما النِّصاب فإنّه يُخرج عن الذهب ذهباً، وعن الفضة فضة، وأجاز الجُمهور خلافاً للشافعيّة إخراج الزَّكاة بالقيمة. واشترط الحنفيّة أن يكون الغالب فيهما الذهب والفضة، وإن كان فيهما غيرهما فهي في حُكم العُروض التِّجاريَّة، ويرى المالكيّة إخراجهما كاملةً من صنفهما، أمّا الشافعيّة والحنابلة فيرون عدم الزكاة إلا إذا كان خالصاً من الذهب أو من الفضة. وبالنسبة لحُليِّ المرأة فلا زكاة فيه عند الجُمهور، خلافاً للحنفيّة.

زكاة الزروع والثمار

تُزكَّى الزُّروع والثِّمار عند بُلوغها النِّصاب، وهو خمسة أَوسُق، لقول النَّبيِّ -عليه الصلاة والسلام-: (وليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)، وهو ما يُعادل ستِّين صاعاً نبويّاً، والصَّاع يُساوي 2600 غرام، وذهب بعض العلماء إلى أنه يعادل ثلاثة كيلو غرام، والصاع يُقدَّر بأربعة أمدادٍ، فيكون النِّصاب بالأوزان المُعاصرة 611 كيلو غرام، وهو خمسة أوسق. وقد استدلَّ العُلماء على وجوب زكاة الزُّروع والثِّمار بِأدلَّةٍ من الكِتاب والسُنة، كقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ)، وقوله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذي أَنشَأَ جَنّاتٍ مَعروشاتٍ وَغَيرَ مَعروشاتٍ وَالنَّخلَ وَالزَّرعَ مُختَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيتونَ وَالرُّمّانَ مُتَشابِهًا وَغَيرَ مُتَشابِهٍ كُلوا مِن ثَمَرِهِ إِذا أَثمَرَ وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ)؛ وفي الآيتين الأمر بوجوب الإنفاق مما تُخرجُه الأرض، وهو نصٌّ عامٌّ لِكُلِّ ما يخرُج منها، وقول النَّبيِّ -عليه الصلاة والسلام-: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ).

ولا يُشترط في الزُّروع والثِّمار أن يحول عليها الحول حتّى تجب زكاتها، بل تجب الزَّكاة فيهما عند حصاد الثِّمار؛ لأنّ ذلك نماءٌ بحدِّ ذاته. أمّا شُروط وجوب الزَّكاة في الزُّروع والثِّمار فهي بُلوغ النِّصاب، وهو خمسةُ أَوسُق، ويرى الإمام أبو حنيفة عدم اشتراط النِّصاب، وأنَّها واجبةٌ في القليل والكثير منهما ما لم يكن أقلَّ من نصف صاعٍ، وتُضاف الأصناف ذات النوع الواحد إلى بعضها، كأنواع التمر مثلاً. أمّا المقدار الواجب إخراجُهُ بعد بُلوغه النّصاب فهو بٍمقدار العُشر إن كان يُسقى بغير آلةٍ من صاحبه؛ كالمطر، وبمقدار نصف العُشر إن كان يُسقى بآلة.

زكاة العروض

تُعرف العُروض: بأنها كُل شيءٍ ما عدا الذهب والفضة؛ كالأمتعة، والحيوان، والعقار، والثِّياب، وغيرها مما يُعدّ لأجل الاتِّجار فيه لا لأجل إمساكه والانتفاع به، ويُضيف المالكيّة إلى ذلك الحُليَّ المُعدَّ للِتِّجارة. أمّا شُروط وجوب زكاته، فهي كما يأتي:

  • بُلوغ النّصاب: وهو أن تبلغ قيمة أموال عروض التِّجارة نِصاب الذهب أو الفضة.
  • الحول: والضابط في الحول: طرفاه، وهو وقت امتلاك العروض وانتهائه، فلو بلغ النصاب في أول الحول، ونقص في أثنائها، واكتمل في نهايته فإنّه يجب فيه الزكاة، وعند الشافعيّة أن يبلغ النصاب في آخره من وقت البدء بالتجارة، وأمّا الحنابلة فيرون أن يكون النصاب مُكتملاً في جميع الحول.
  • النية في المُتاجرة: وذلك في العروض المُراد شرائها، وقد اشترط الحنفية أن يكون الشَّيء المُتَّجر فيه صالحاً لنيَّة التجارة.
  • المِلك بِمُعاوضة: وهذا الشرط عند الجُمهور ما عدا الحنفيَّة، وهو المِلك بِالشِّراء أو الإجارة، وإن كان بغير مُعاوضةٍ فلا زكاة فيه؛ كالإرث، أو الوصيّة، أو الخلع، وغيرها.
  • ألّا يصير مال التِّجارة نقداً خلال الحول: فإن صار جميع المال نقداً مع كونه أقلّ من النِّصاب انقطع الحول، وهذا الشرط فقط عند الشافعيّة خلافاً للجمهور.
  • ألا تكون من الأعيان التي تجب فيها الزكاة: وهذا شرطٌ عند المالكية، فإن كانت من الأموال الزكويّة كالحُليِّ، والماشية، والحرث، وجبت زكاته إن بلغ نصاباً مثل زكاة النَّقدين والأنعام والحرث، فإن لم تكن من الأموال الزكوية؛ كالثِّياب والكتب، وجب فيها زكاة التجارة.

ويكون إخراج زكاة العروض التجارية من خلال تقويم العروض والبضائع على اختلافها في آخر الحول عند وقت إخراج الزكاة، وليس بسعر الشِّراء، ويُخرج منه رُبع العُشر من قيمة العروض، والدليل على وجوب التجارة بها قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ)، وقال مُجاهد عن هذه الآية أنّها نزلت في التِجارة.

زكاة المعادن والركاز

تُعرف المعادن بأنّها ما يُستخرج من الأرض، فإن كان ذهباً أو فضَّةً فزكاتُهُ رُبع العُشر كما ذكرنا سابقاً، وإن كان من غيرهما كالحديد والنُّحاس؛ فإن بلغ قيمة نصاب الذهب أو الفضة فيُزكّى برُبع العُشر، ويُراعى في إخراج زكاة المعادن مصلحة الفقير، فإمّا أن يُخرجها بالقيمة أو بالعين، ووقت زكاتها عند استخراجِها والحُصول عليها، ولا يشترطُ حولان الحول عليها. أمّا الرِّكاز فهي دفائن الجاهليّة، ويجب في زكاتها الخُمس سواءً كان قليلاً أو كثيراً، ولا يُشترطُ له شُروطٌ كالنِّصاب أو الحول، ومصارفه كمصارف الفَيء، ويكون الباقي لمن وجده، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وفي الرِّكازِ الخُمُسُ).

زكاة الأنعام

تجب الزكاة في الأنعام السَّائمة، وهي: الإبل، والبقر، والغنم، أمّا الشروط الواجب توافرها لزكاتها، فهي كما يأتي:

  • بُلوغ النصاب.
  • حولان الحول.
  • الأكل من المرعى أكثر أيام السنة، وتُسمّى سائِمة.

ففي الإبل تكون الزكاة لِكُلِّ خمسٍ منها بشاةٍ، وهذا النصاب إلى حدِّ العشرين، فمثلاً عشرة من الإبل زكاتها شاتان، وخمسة عشر زكاتها ثلاثُ شياه، وعشرين زكاتها أربعُ شياه، ولا بدّ أن تكون الشاة قد أتمّت السنة أو السنتين، وفي حال بلغت الإبل خمسةً وعشرين فتُزكَّى عنها ببنتُ مخاض؛ وهي ما لها سنةٌ كاملةٌ وتكون حاملاً، ويُجزئ إخراج ابن لبون: وهو ما له سنتان، وفي الستِ والثلاثين يُخرج منها بنت لبون، وهي ما لها سنتان، وتُسمّى باللبون؛ لإمكانها الحمل مرَّةً أُخرى وتُصبح ذاتَ حليب، وفي الستّ والأربعين حقَّة، وهي ما لها ثلاثُ سنين، وفي الإحدى والستين جذعة، وهي ما لها أربعُ سنين، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقّتان، وفي مئة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون، وفي مئة وثلاثين حقّة وبنتا لبون، ثم بزيادة كل عشر على ذلك العدد فإنه يتغيّر الواجب، فيجب في كل أربعين بعدها بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، وما كان أقل من ذلك يُعفى عنه.

أمّا نِصاب البقر فهو أربعون بقرة، ويُخرج عنها تبيعاً أو تبيعةً، والتَّبيعة أفضل عند الشافعيّة والمالكيّة، وإذا بلغ النصاب أربعين ففيها مُسنَّة، ولا يجوز الذَّكَر عند الجُمهور، خلافاً للحنفيّة، وما زاد عن ذلك ففي كُلّ ثلاثين بقرة تبيع أو تبيعة، وفي كُلِّ أربعين مُسنة، والتَّبيع هو ما أتمَّ السَّنة ودخل في الثانيّة، والمُسنَّة هي ما أتمَّت السنتين ودخلت في الثالثة. أمّا بالنسبة لنصاب الغنم فهو عند بُلوغها الأربعين، وفيها شاةٌ واحدة، وهذا النصاب يمتد إلى المئة والعشرين، ثمّ في المئة وإحدى وعشرين إلى المئتين شاتان، ثُمّ في مئتين وواحد ثلاث شياه، ثُمّ في كُل مئةٍ يُضاف شاةٌ إلى الزكاة. تقرير عن الزكاة.

حكم الزكاة وأهميتها

حكم الزكاة في الإسلام ووقت فرضيتها

تُعدُّ الزَّكاة رُكناً من أركان الإسلام الخَمسة، وتحت شروطٍ معينة تُصبح فرض عَينٍ على المسلم، ويجب على من تحقّقت فيه شروط وجوب الزّكاة إخراجُها على الفَور بدون تَأخير.

وقد ثَبتت فَرضيتها بالقُرآن والسُّنة والإجمَاع، وبناءً على ذلك لا يُعذر الجَهل بها، ومن أدلة ثُبوتها في القرآن الكريم الآية التي تم ذكرها آنفاً، ومنَ السُّنة النَّبوية؛ وصِّية النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لمُعاذ بن جبل عندما أَرسله إلى اليمن، وقال له: (أعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ).

وقد فُرضَت الزَّكاة مُبكّراً في السَّنة الثانية للِهجرة، وهو ذات الوَقت الذي فُرض فيه الصِّيام، على أنَّ هناك خلافٌ أيُّهما فُرِضَ أولاً. وأمَّا فٍيما يَتعلَّقُ بِمكان افتِراض الزَّكاة هل كان بمكة أم بالمدينة؟ فأكثر أقوالِ أهلِ العلم تدلّ على أنَّ الزَّكاة فُرِضت بمكَّة، أمَّا تَقدير الأنصبة والأموال الزَّكوية ومُستحقِّي الزَّكاة فَنزل في المَدينة.

أهمية الزكاة

للزكاة أهمية بالغة تتمثل فيما يأتي:

  • تُعتبر الزَّكاة من الأمور المَعلومة من الدِّين بالضَّرورة؛
  • تُعدُّ الزَّكاة إحدى دَعائم النِظام الاقتصادي في الإسلام.
  • وللدلالة على أهمّيتها وفَرضِيتها؛ ذُكرَت مَقرونَة بِعماد الدين -الصَّلاة- فيما يقارب ثلاثين مَوضعاً، كما في قوله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ).
  • ومَدح الله -تعالى- عِباده المُؤدِّينَ لفَريضتيِّ الصَّلاة والزَّكاة، وعَدَّ ذلك دليلاً على صِدق إيمَانهم وخضوعهم لله -عزَّ وجلَّ- وقَرنَه بالإيمان الصَّادق باليوم الآخِر، كما في قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).

فضائل الزكاة

تترتّب العديد من الفضائل والأجور على إخراج وأداء الزكاة، يُذكر أنّها:

  • اقترن ذكرها بذكر الصلاة في عددٍ من الآيات القرآنية، ممّا يدلّ على مكانتها وفضلها وأهميّتها، ومن تلك الآيات قول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
  • علامةٌ ودليلٌ على تقوى العبد وخشيته الله -تعالى- سرّاً وعلناً، وسببٌ لدخول الجنّة والتنعّم بما فيها من نعيمٍ خالدٍ، قال الله -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ*كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ*وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)، وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (خمسٌ مَن جاءَ بهن مع إيمانٍ دَخَلَ الجنةَ : مَن حافَظَ على الصلواتِ الخمسِ على وضوئِهن، وركوعِهن، وسجودِهن، ومواقيتِهن؛ وصامَ رمضانَ، وحجَّ البيتَ إن استطاع إليه سبيلًا، وأعطى الزكاةَ طيِّبَةً بها نفسُه).
  • نيل منزلة الصديقين والشهداء واستحقاق أجرٍ كأجرهم، استدلالاً بما ورد عن عمرو بن مرّة الجُهنيّ -رضي الله عنه-: (جاء رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم رجلٌ مِنْ قُضاعةَ ، فقال له: يا رسولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إن شهدتُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأنك رسولُ اللهِ، وصَلَّيْتُ الصلواتِ الخمسَ وصُمْتُ الشهرَ، وقُمْتُ رمضانَ، وآتيتُ الزكاةَ. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: مَنْ مات على هذا كان مِنَ الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ).
  • دليلٌ على صدق الإيمان وحقيقة استقراره في القلب والنفس، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثٌ من فعلَهنَّ فقد طعمَ طعمَ الإيمانِ من عبدَ اللَّهَ وحدَهُ وأنَّهُ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وأعطى زَكاةَ مالِهِ طيِّبةً بِها نفسُهُ رافدةً عليْهِ كلَّ عامٍ ولاَ يعطي الْهرمةَ ولاَ الدَّرنةَ ولاَ المريضةَ ولاَ الشَّرطَ اللَّئيمةَ ولَكن من وسطِ أموالِكم فإنَّ اللَّهَ لم يسألْكم خيرَهُ ولم يأمرْكم بشرِّهِ).