يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال بحث جامعي عن الصبر ، و تعريف الصبر ، و أقسام الصبر ، و مراتب الصبر ، و فضائل الصبر ، و أمور تعين العبد على الصبر ، فالصبر من الدين بمنزلة الرأس من جسد الإنسان، فكما يقال لا إيمان لمن لا صبر له، وهو من أعظم الأخلاق والصفات التي لها مقامًا مرتفعًا وعاليًا، فهو يرقى بالعبد إلى أعالي الدرجات، ويحميه من الوقع في الحرام والشّبهات، ويجعله مداومًا على الطاعات.

بحث جامعي عن الصبر

بحث جامعي عن الصبر
بحث جامعي عن الصبر

يُعد الصبر هو القيام بحبس وكبح النفس عن الأشياء المكروهة، ويلزم البعد من الجزع حينها حينها حتى لا يؤدي إلى فقدان الصبر وضياع الأجر، و يُعتبر هذا الشيء من أكثر الأمور أهمية داخل حياة المسلم، حيث أن الله – عز وجل- قد أمر بالتحمل، ويُعد الصبر أيضاً أحد الخصال الأساسية داخل حياة الأنبياء والمرسلين، حيث أنهم كابدوا العديد من التعب والمشقة وإيذاء النفس وقاموا بالتحمل والرضا على الرغم من ذلك، إلا أن يقوم الله – سبحانه وتعالى – بالأمر لهم بالفرج والتمكين، بسبب أنه يُعد أحد خلق نبي الله رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، كان نبي الله يتعرض للبلاء والأذى من أهله وقومه لكنه صبر صبراً شديداً، وشكر الله – عز وجل – وكان يعلم أن الله تعالى سيقوم بنصره في النهاية، حيث قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون، صدق الله العظيم، وفي هذه الآية قد اقترن الصبر والفلاح ببعضهم البعض، بسبب أنه يُعد أحد العبادات التي يُكافأ المُسلم عليها بالتوفيق في الدنيا والآخرة، حيث يجلس الصبر داخل قبر المؤمن في الزاوية، حتى موعد قيام الساعة، ويظل رفيقاً له إلا أن يدخل هذا الشخص الجنة.

تعريف الصبر

لا بدّ بدايةً من تعريف الصبر وبيان معناه، وقد سلط أهل العلم الضوء عليه فعرّفوه على أنّه كل أمرٍ يكون نقيض الجزع، في اللغة، حيث يقال صبر صبرًا فهو صابر، فمن حبس نفسه عن الجزع فقد صبر، ويعرف الصبر في الاصطلاح أنه حبس الشخص نفسه عن المحرمات، ودفعها للفرائض ومنعها من الشكاية والسخط لقدر الله وترك الشكوى لغير الله من ألم وبلوى.

أقسام الصبر

إنّ انواع الصبر الثلاثة هي الصبر على أداء الطاعات، والصبر عن ارتكاب المعاصي، والصبر على القضاء والقدر، حيث إنّ أهل العلم اختلفوا في تقسيم الصبر وأنواعه، فكان منهم من قسّمه لصبرٍ بالله، وصبرٍ لله وصبرٌ مع الله، وآخرون قسّموه إلى ستّة أنواع، ولا تتعارض التقسيمات مع بعضها فهي كلّها تحمل ذات المعاني، والصبر في اللغة هو المنع والحبس وهو نقيض الجزع، ويسمّى الصبر صبرًا لأنّ فيه حبس النفس عن الملذّات، وفي الشرع الصبر من أفضل الأخلاق التي يمتنع فيه المرء من فعلٍ ما غير حسنٍ ولا جميل، وفيما يأتي سيتمّ شرح أنواع الصبر مع ضرب مثال لكلٍّ منها:

الصبر على قضاء الله وقدره

فالمسلم من واجبه الإيمان بقضاء الله وقدره وكذلك الصبر عليه وعدم الجزع، بحيث يصبر على المشقة، ويبتعد عن كلّ الأفعال والأقوال التي تقود لغضب الله وسخطه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عِظَمُ الجزاءِ معَ عِظَمِ البلاءِ وإنَّ اللَّهَ إذا أحبَّ قومًا ابتلاَهم فمن رضيَ فلَهُ الرِّضا ومن سخِطَ فلَهُ السُّخط”. فالصبر يؤجر عليه المسلم لو صبر على قدر الله وابتلاءاته، ومن صور الصبر على المصائب ترك الشكوى من البلوى لغير الله فالشكوى للمخلوق مذلة، وفيه انتقاصٌ لمعنى الصبر، ويثبت أجر المصيبة للمسلم عند نزول البلاء بصبره فورًا، والرضا بالمصيبة هو أعلى مراتب الصبر على القضاء، ومن الأمثلة على الصبر على قضاء الله وقدره هو صبر نبي الله أيوب عليه السلام الذي ابتلاه الله بالمرض وذهاب الصحة وموت الأبناء، حتّى أكل الدود من جسده وهو صابرٌ محتسبٌ أمره عند ربّه.

الصبر عن معصية الله

في النوع الثاني من انواع الصبر الثلاثة يجاهد المسلم هواه والشيطان ويصبر عن ارتكاب المعاصي، ويصبر على المشقة التي تأتيه من اجتناب الفساد وأهله، قال تعالى في محكم تنزيله: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ}. ومن الأمثلة على الصبر عن المعصية هو لمّا صبر نبي الله يوسف عليه السلام عن ارتكاب فاحشة الزنا مع امرأة العزيز بالرغم من اجتماع المسببات والمغريات، فصبر واحتسب فعصمه الله من الوقوع في الذنب، ومما يعين المسلم على الصبر عن معصية الله هو استحضار خشية الله والخوف منه، والحياء من الله إن هو عصاه، ومراعاة نعم الله وصونها، وشرف نفس المؤمن وزكاؤها وفضلها، وكذلك زرع محبة الله في القلب.

الصبر على طاعة الله

إنّ الصبر على طاعة الله سبحانه وتعالى يكون بتأديتها على أكمل وجه وتحمّل ما يكون منها من تعبٍ ومشقّة، ويحتسب المسلم بصبر على الطاعات أجرها بفعلها على الوجه المشروع لها، وقد قال تعالى في محكم تنزيله: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأمور}. ومن الأمثلة على الصبر على الطاعات صبر النبي صلى الله عليه وسلم على مشقّة قيام الليل، حيث إنّه كان يقوم طويلًا حتّى تتفطّر قدماه، ويكون الصبر على الطاعة بإقبال العبد عليه والاستعداد لها وتأديتها كما أمر الله بها، وحضور قلبه أثناء عبادته.

مراتب الصبر

وهي مراتب يعرف المسلم بها منزلة الصبر في نفسه، وكم هو ملتزمٌ بعبادة الصبر بأنواعها السابقة، وهي كما ياتي:

  • صابر، وهي أعمَُ المراتب.
  • المصّطبر،الذي يُعلِم نفسه الصبر.
  • المتصبّر، الذي يصبرلكن مع المشقة.
  • الصّبور، وهو الذي يصبر صبراً أشد من غيره.
  • الصًّبّار،الذي عظم مقدار الصبر عنده.

فضائل الصبر

إنّ الصبر واجبٌ على المسلمين بإجماع أهل العلم، وذلك لكثرة ما ورد فيه من الآيات والأحاديث التي تأمر بالصبر وتحثّ عليه، فقد ذكر الله سبحانه وتعالى الصبر في القرآن الكريم في تسعين موضع، ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم أنّه ضياءٌ للمسلم، وفيما يأتي بعض ما ورد في فضل الصبر:

  • الثواب والأجر العظيم: حيث إنّ الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
  • إنّ الصبر يورث محبة الله: كذلك قال تعالى في كتابه الحكيم: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.
  • كتب الله للصابرين الجنّة: روى ابن عباس رضي الله عنه قال: “هذِه المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ؛ أتَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقَالَتْ: إنِّي أُصْرَعُ، وإنِّي أتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجَنَّةُ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أنْ يُعَافِيَكِ، فَقَالَتْ: أصْبِرُ”.
  • ينال الصابر معية الله: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
  • ينال الصابر لذة الإيمان وله ثلاث بشائر من الرحمن: قال تعالى{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.

قد يهمك:

أمور تعين العبد على الصبر

قد سخر الله -سبحانه وتعالى- للعبد الكثير من الأسباب الّتي تعينه على الصبر عن المعصية والصبر على الطّاعة نذكر بعضًا منها فيما يأتي:

  • التفكير المستمرّ بقباحة المعصية ودناءتها، وأنّ الله -سبحانه- حرّمها ليحمي الإنسان من الغرق في الرذائل.
  • التفكّر بالنّعم التي أنعم بها الله تعالى على الإنسان والكون الذي سخّره لخدمته.
  • استشعار مراقبة الله تعالى والحياء منه بأنّه يرى العبد، ويعلم ما يفعل ويعلم ما تُخفي الصدور.
  • الخوف من الله -تبارك وتعالى- وخشيته والخوف من العقاب في الآخرة على المعاصي.
  • التفكّر بالجزاء العظيم الّذي يجزي به الله -تبارك وتعالى- من أطاعه في الدنيا والآخرة.
  • العمل على تحقيق الإيمان الصحيح الكامل وتثبيته بالقلب من خلال فعل الطّاعات والصّالحات.
  • التفكّر بقصر العمر، وأنّه أجله سيأتي لا محالة، وأنّه كالمسافر الّذي لا بدّ أن يعود إلى حيث ينتمي يومًا ما.