يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال بحث جامعي عن ابن خلدون ، و صفات ابن خلدون ، و تعليم ابن خلدون ، و حياته السياسية والوظائف التي تسلّمها ، و تقسيم مراحل حياته وفقاً للعلماء ، وكتبه ومؤلفاته الأدبية ، و وفاة ابن خلدون ، ابن خلدون واحد من الأعلام العرب الذي ما زال تأثيره حاضرًا إلى اليوم على العالم ككل، فهو عالم موسوعي متعدد المعارف والمجالات ورائد للعديد من العلوم التي تمكن منها في زمانه مثل التاريخ والاجتماع، بالإضافة إلى درايته في علم الحديث والفقه والدراسات التربوية والتعليمية ومجالات أخرى عديدة.

بحث جامعي عن ابن خلدون

بحث جامعي عن ابن خلدون
بحث جامعي عن ابن خلدون

بحث جامعي عن ابن خلدون

ابن خلدون هو المؤرخ والعالم الأندلسي عبد الرحمن بن محمد بن خلدون أبو زيد ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، مؤسس علم الاجتماع، وعالم في علم الإنسان والاقتصاد، كما أنه كاتب سير ذاتية وفيسلوف أيضاً، كما عمل قاضياً واجتماعياً. وُلد ابن خلدون في السابع والعشرين من شهر مايو سنة 1332م في تونس، المصادف الأول من شهر رمضان 732هـ، ونشأ وترعرع في مسقط رأسه في نهج تربة الباي في تونس، ونشأ في كنف أسرة غنية بالعلم والأدب.

كان أجداده ذوي مناصب سياسية ودينية عليا في الأندلس وتونس، ورافق أهله في نزوحهم من الأندلس نحو تونس في أواسط القرن السابع الهجري خلال فترة حكم دولة الحفصيين، وأصوله تنحدر من حضرموت.

صفات ابن خلدون

اتصف ابن خلدون بعدد من الصفات التي انفرد بها عن غيره من أبناء عصره، حيث عُرف بالذكاء، والكرم، وبرز ذلك من خلال قدرته على الطاغية تيمور لنك، كما اشتهر بالصبر، والشجاعة، واللباقة، ويشير التاريخ السياسي العربي إلى أن لابن خلدون صفات لم يمتلكها رجل امتلأت حياته بالحوادث والفواجع مثله، ومن بينها: الثقة بالنفس، والانغماس بالعمل والشغف به، والدهاء، والتقلب، والرغبة في الظهور وإثبات الذات، والمغامرات السياسية أيضاً.

تعليم ابن خلدون

تتلمذ ابن خلدون على يد أول مُعلم له في حياته وهو والده، فتمكن من حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب خلال فترة الطفولة، كما درس عنه الأدب، وعمل لدى أمير تونس أبي إسحق الحفصي ككاتب للعامة، إلا أنّ طموحه لم يقتصر على ذلك، بل تجاوز ذلك ليصل إلى نقله إلى مراكش، والاتصال بالسلطان أبي عنان المريني، فاتخذه أميناً للسر، إلا أن عالمنا خان الأمانة، وطرح في السجن.

تتلمذ ابن خلدون على يد كِبار المدرسين في المغرب العربي، وجاء ذلك بحكم المكانة المرموقة التي تحتلها عائلته، فتلقى علم التربية الإسلامية الكلاسيكية، واللسانيات العربية، وأسس فهم القرآن الحديث، وعلم التاريخ، والفقه، والشريعة أيضاً، وبذلك فقد تمكّن ابن خلدون من استقطاب كافة العناصر الأساسية والنظرية والعملية في شخصيته ليصبح مؤرخاً حقيقياً.

حياته السياسية والوظائف التي تسلّمها

في تونس

بعد أن ولّى ابن تافراكين ابن خلدون أولى مهامه المتمثلة بكتابة العلامة في المراسيم، ومخاطبة السلاطين، خرج مع السلطان أبي اسحاق لملاقاة صاحب قسنطية الأمير أبي زيد، فالتقى الجيشان وكانت النتيجة هزيمة جيش السلطان، مما دفع ابن خلدون للسفر إلى المغرب، وطلب المساعدة من السلطان أبي عنّان صاحب تلمسان الذي رحّب به و أكرمه وقّدم له الحماية، ودعاه إلى مجالس العلم، كما ألزمهُ بشهود الصلوات معه.

ابن خلدون في المغرب

شغل ابن خلدون في المغرب أكثر من منصب، والتي يُذكر منها ما يأتي:

  • كتابة العلامة عن السلطان أبي عنّان سنة 775هـ: حيث اعتبرت المهمة الثانية من نوعها التي وُكِّل بها ابن خلدون، وهي الكتابة للسلطان أبي عنّان حيث وكّله بها لِِما عرّفه عنه من مجالسته لأهل العلم في المجالس التي كان يحضرها، إلا أنّه لم يستمر في هذا المنصب لوقت طويل حيث عُوقب بالسجن سنة 756هـ لاتهامهِ بأنّه ساعد الأمير محمد لاسترجاع ملكهِ، فمكث في السجن قرابة العامين، إلى أن كتب قصيدة استعطف بها السلطان لإطلاق سراحه فكان لها أثر في نفس أبي عنّان، فوعده أنّ يفك أسرهُ، لكنه توفي قبل أن يفي بوعده.
  • الكتابة عن السلطان أبي سالم في السّر والإنشاء سنة 760هـ: طلب السلطان أبو سالم ابن خلدون بعدما ساعده في استرداد ملكه للكتابة له، وذلك لسعة علمه وبلاغتهِ، ومهاراته في كتابه رسائل السلاطين، والقدرة على نظم الشعر، وإتقانه لفن الخطابة، وغيرهما من فنون.
  • خطة المظالم: وهي المهمة الثانية التي وُكِّل بها ابن خلدون من قِبل السلطان أبي سالم في أواخر عهده في المغرب، حيث تقوم على القضاء بين الناس، وإقامة العدل، وإعطاء كل ذي حق حقه، وأشار ابن خلدون إلى أنّه أعطى هذه المهمة حقها طيلة تسلمه إيّاها.
  • الحجابة لدى صاحب بجاية: عمل ابن خلدون حاجباً لدى السلطان بجاية بن أبي عبد الله، ويعتبر منصبه هذا الأول له في الأندلس، ويُعرِّف ابن خلدون الحجابة في المغرب فيقول: “الاستقلال بالدولة والوساطة بين السلطان وبين أهل دولته”، حيث يُعتبر الحاجب هو المسؤول عن شؤون الناس، إذ يملك في يده زمام أمور الدولة كافّة، وهو الأمر الذي يتطلب أن يكون صاحب هذه الوظيفة على قدر عالٍ من العلم والثقافة والنباهة، وقد اجتمعت هذه الصفات في ابن خلدون، فكان مصدر ثقة للعديد من السلاطين الذين استعانوا به لاسترجاع ملكهم.
  • الحجابة لدى صاحب قسنطية: تسلّم ابن خلدون الحجابة بقرار من السلطان أبي العباس بعد مقتل أمير بجاية، وذلك لمساعدة ابن خلدون له في استعادة ملكه، لكنّه لم يمكث طويلاً في هذا المنصب؛ لكثرة استعانة الناس به عند السلطان.
  • السفارة: استعمل سلطان المغرب عبدالعزيز ابن خلدون ليقويّ علاقتهُ مع أهل بلاد ريّاح، فعيّنهُ سفيراً فيها لعلاقتهِ الطيبة مع أهلها، كما شغل سفيراً للسلطان أبي حمّو في منطقة الدوادة أيضًا ليوطّد العلاقة بين أهلها والسلطان، وبعد فترة ترك ابن خلدون السفارة ثمّ خرج إلى أحياء أولاد عريف، ومكثّ في قلعة أبي سلامة قرابة الأربعة أعوام تفرغ خلالها للكتابة، فخرج بمقدمته المشهورة مع أجزاء من التاريخ.

في الأندلس

طلب السلطان أبو عبد الله بن الأحمر من ابن خلدون أن يذهب إلى ملك قشتالة عام 765هـ لإقامة الصلُح بينهما، فرحبّ به ملك قشتالة بشدّة، وطلب منه أنّ يبقى في قشتالة على أنّ يردّ له ملك أجداده، لكنّ ابن خلدون رفض ورجع إلى السلطان ابن الأحمر مبشراً إيّاه بأداء ما أرسله لأجله.

في مصر

شغل ابن خلدون مناصب ومهمّات عدّة في مصر، وفيما يلي ذكر لبعضها:

  • القضاء الخاص بالمالكيّة: شغل ابن خلدون منصب قضاء المالكيّة، حيث كان أولها عام 786هـ بأمر من الملك الظاهر برقوق، إذ خوّله لذلك ما كان يملكه من معارف وخبرات، ثمّ أُعيد تعينه بذات المنصب عام 801هـ، أمّا المرة الثالثة فكانت بأمر من الملك السلطان فرج عام 803هـ، فيما كانت الرابعة سنة 804هـ، أمّا المرة الخامسة فكانت عام 807هـ، والتي لم تدم لأكثر من أربعة أشهر بسبب وفاته.
  • وظيفة التدريس: عمل ابن خلدون في وظيفة التدريس في مصر في أماكن عدّة، حيث كانت بدايتهُ مدرساً في جامع الأزهر، ثم انتقل إلى مدرسة القمحيّة بأمر من صلاح الدين بسبب وفاة بعض المدرسين فيها، كما شغل وظيفة التدريس في مدرسة الظاهرية أو البرقوقية، كما عمل كمدرس لمادة الحديث في مدرسة صرغتمش عام 791هـ.
  • منصب ولاية خانقاه بيبرس: شغل ابن خلدون هذا المنصب خلفاً لشرف الدين الأشقر، وذلك بعد عودتهِ من أداء فريضة الحج عام 790هـ، بطلب من السلطان الظاهر لتوسعة رزقهُ.

تقسيم مراحل حياته وفقاً للعلماء

قسّم علماء التاريخ المراحل التي عاشها العالم ابن خلدون إلى أربع مراحل، وهي:

  • المرحلة الأولى: تشير هذه المرحلة إلى أول عشرين عاماً من عمر ابن خلدون، حيث قضاها في مدينة تونس، وهي المرحلة التي جمع فيها العلم، وحفظ فيها القرآن حيث استغرق منه حفظهُ خمسة عشر عاماً، وتعلّم خلالها القراءات وأحكام التجويد، وامتدت هذه المرحلة منذ ولادته عام 732هـ إلى عام 751هـ.
  • المرحلة الثانية: امتدت هذه المرحلة خمسة وعشرين عاماً بدءاً من عام 751هـ وحتى عام 776هـ، حيث تتسم هذه المرحلة بإشغال ابن خلدون لوظائف سياسيّة وديوانية عدّة في المغرب، وتونس، والجزائر.
  • المرحلة الثالثة: كتب ابن خلدون في هذه المرحلة كتابه المشهور”العبر في المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والأمازيغ ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”، والذي يحتوي في قسمه الأول على المقدمة، وامتدت منذ نهاية عام 776هـ إلى عام 784هـ، وتُقسم هذه المرحلة إلى قسمين الأولى قضاها في قلعة ابن سلامة، والثانية في مدينة القاهرة.
  • المرحلة الرابعة: امتدت هذه المرحلة أربعة وعشرين عاماً، وهي المرحلة التي اشتغل فيها ابن خلدون في وظائف التدريس و القضاء، حيث قضاها في مصر منذ عام 784هـ إلى عام808هـ.

كتبه ومؤلفاته الأدبية

قدّم ابن خلدون العديد من المؤلفات والكتب في الكثير من المجالات والعلوم سوآء في علم الاجتماع، أو التاريخ، أو الفلسفة، أو الفقه، أو الحساب، أو المنطق، أو علم الكلام، ومن أهمّ مؤلفات ابن خلدون ما يأتي:

  • كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر: هو كتاب كامل اسمه “العبر في ديوان المبتدأ والخبر في أيّام العرب والعجم والأمازيغ ومن عاصرهم من ذوي السّلطان الأكبر”، ويحتوي الكتاب في جزئه الأول على مقدمة ابن خلدون المشهورة.
  • المقدمة: تُعدّ المقدمة من أهمّ مؤلفات ابن خلدون، وتُرجمت إلى العديد من اللغات الأجنية، فنالت شهرة كبيرة عُرف على إثرها ابن خلدون عند الغرب قبل الشرق.
  • شفاء السائل لتهذيب المسائل: شرح ابن خلدون في هذا الكتاب منهج الصوفيّة وأهم نظريّاتهم، وذكر الرجال المشهورين منهم، وأهم مؤلفاتهم، حيث ألف هذا الكتاب بناء على طلب شريحة كبيرة من الناس.
  • لباب المحصل: كتب ابن خلدون كتابه هذا في سن لم يتجاوز العشرين عاماً، ويُعدّ أوّل كتاب يؤلفهُ في حياتهِ، حيث شرح فيه أحد كتب علم الكلام.

بالإضافة إلى ما جاء في كتب المؤرخين من عناوين لمؤلفات أخرى مثل: شروحه لبعض مؤلفات ابن رشد، وشرحه لنهج البردة، وشرحه على الرجز في الفقه، وكتاب في الحساب والمنطق، وغيرها.

قد يهمك:

وفاة ابن خلدون

عاش ابن خلدون مراحل حياته الأخيرة زاهداً معتزلاً مفاتن الدنيا، فقد عزم على الانقطاع وترك منصب قاضي المالكيّة، إلّا أنّ حاله في ذلك تراوح بين عزل وإعادة مرات عدّة، غير أنّه استمر في مهنة التدريس والتعليم إلى أنّ توفي فجأة في السادس والعشرين من شهر رمضان عام 808هـ، الموافق 16 آذار من عام 1405م، عن عمر يناهز الثمانية والسبعين عاماً، ودفن في مقابر الصوفية في مدينة القاهرة.