يقدم لكم موقع إقرأ في هذا المقال الفرق بين العفو والمغفرة ، و تعريف العفو والمغفرة ، والفرق بين العفو والمغفرة في محو الذنوب ، و العفو والمغفرة ، و العفو وصية ربانية للمسلمين ، الدين الاسلامي هو دين التسامح ودين العفو، فالله سبحانه وتعالى يتصف بالعفو والمغفرة، ومسامحة العباد عن ذنوبهم وزلاتهم، وقد أمرنا الله تعالى بضرورة تطبيق هذا الخلق الرفيع في معاملاتنا مع الاخرين وفي جميع مناحي الحياة، فلا بد ان يحصل بعض المواقف بين الناس، فقد يخطئ الانسان بحق أخيه بقصد او بغير قصد، فيقوم بلاعتذار عن هذا الخطأ الذي صدر منه، وبالتالي فان مثل هذا الموقف ينشر التسامح والمغفرة بين الناس، وكما امرنا الله تعالى بالعغو والمغفرة، كذلك قد اكد رسولنا الكريم على هذا التحلي والالتزام بهذا الخلق النبيل.

الفرق بين العفو والمغفرة

الفرق بين العفو والمغفرة
الفرق بين العفو والمغفرة

الفرق بين العفو والمغفرة هو أنّ العفو يكون معناه عامّاً؛ حيث يسقط العافي حقّه عن المعفو عنه ولا يطالب بإيقاع العقوبة عليه، بينما تكون المغفرة أخصّ؛ حيث في المغفرة يسامح الإنسان ويستر ذنب من أخطأ في حقه مع نسيانه ومحو أثره.

قال تعالى: (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، فالعفو يكون ابتداءً حينما يطلق الإنسان سراح من عفى عنه، والمغفرة تأتي تالياً حينما ينسى خطأه بمحو أثره في قلبه وصفحه عنه، لذلك فعفو الله تعالى يعني إسقاط العقاب واللوم، مع عدم ترتيب الثواب بالضرورة؛ أما المغفرة فتتضمن إسقاط العقاب وترتيب الثواب.

تعريف العفو والمغفرة

عرّف العلماء العفو والمغفرة لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك على النحو الآتي:

  • معنى العفو لغةً: العفو مصدر من الفعل عَفَا، ويأتي بمعنى الصفح عن الذنوب والأخطاء، وقد يُطلق العفو لصاحب المعروف والفضل؛ فيُقال لمن معروفه كبيرٌ عظيم: عفوه وفضله، والعفو عند المقدرة يأتي بمعنى ترك العقاب عند التمكّن منه، ويُقال عفوٌ عامّ؛ إذا أسقطت العقوبة عن جميع المذنبين.
  • معنى العفو اصطلاحاً: هو محو السيئات، والتجاوز عن المعاصي، وقد يأتي بمعنى ترك المؤاخذة بالذنب من قِبل الله -سبحانه- لعباده.
  • معنى المغفرة لغةً: هي مصدر من الفعل غَفَرَ، وقد يأتي المصدر على وزن غفران كذلك، ومعناها: المسامحة، والستر عن الإثم والخطيئة، فإذا قيل: غفر الله له؛ كان ذلك دعاءً بالمغفرة والمسامحة عمّا ارتكب الشخص من أخطاءٍ.
  • معنى المغفرة اصطلاحاً: تأتي المغفرة بمعنى ستر الذنوب، والتغاضي عنها، وقد يلحق بالمغفرة نيل الثواب من الله -تعالى- كذلك.

الفرق بين العفو والمغفرة في محو الذنوب

الفرق بين العفو والمغفرة في محو الذنوب
الفرق بين العفو والمغفرة في محو الذنوب

من خلال التعاريف السابقة للعفو والمغفرة، نجد أن المعنى اللغوي للعفو أكثر مبالغة من معنى المغفرة؛ فالمغفرة تقتصر على الستر والتغطية، وأما المعنى اللغوي للعفْو فيشمل المحو والطمس، إلا أن المعنى الشرعي قد لا يتماهى تماماً مع المعنى اللغوي؛ لأن المعنى الشرعي للمغفرة قد يشير معنى الستر فيه إلى شدة القرب من الله -تعالى- حتى يسترعبده بكنفه وجواره.

ويشير النسفي إلى الفرق بين المعنيين، وأن معنى المحو في لفظة: “العفو” هو محو للكبائر، فيقول: (وَاعْفُ عَنَّا)؛أي امح سيآتنا، والمغفرة للصغائر، فيقول: (وَاغْفِرْ لَنَا)؛ أي واستر ‌ذنوبنا، ولا يتم حمل اللفظين -العفو والمغفرة- على التكرار، بل يُصرف الأول للكبائر، والثاني للصغائر.

وكذلك يرى الغزالي -رحمه الله- أن العفوَ هو المحو، ويرى أن في هذا زيادة معنى على مجرد الستر الذي تقتصر عليه كلمة “المغفرة”، ويبين ذلك بقوله: “العفُوُ هو الذي يمحو السيئات، ويتجاوز عن المعاصي، وهو قريب من الغفور، ولكنه أبلغ منه، فإن الغفران ينبئ عن الستر، والعفو ينبئ عن المحو، ‌والمحو ‌أبلغ من الستر”.

قديهمك:

العفو والمغفرة

يمنّ الله سبحانه تعالى على عباده بكثيرٍ من النّعم؛ ومن بين تلك النعم أنّه سبحانه وتعالى يعفو عن عباده ويغفر لهم ذنوبهم، فهو أهل لذلك لختصاصه سبحانه وتعالى بتلك الصّفات والأسماء العليا، فهو العفوّ وهو الغفور تقدّست أسماؤه.

إنّ العفو والمغفرة من الأخلاق الكريمة والقيم النّبيلة التي تجمّل أخلاق النّاس وتكّملها، وقد وردت العديد من الآيات الكريمة التي تحض على المغفرة والعفو، والتي تحث الإنسان على التحلي بهما، وفيما يأتي بيان لهاتين الصفتين.

العفو

ذكر الله سبحانه وتعالى كلمة العفو منفردة في عددٍ من آيات القرآن الكريم؛ فلفظ العفو ذكر على سبيل المثال في قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، وفي قوله تعالى: (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

العفو هنا يكون خلقاً من الأخلاق الكريمة التي حث عليها الإسلام، حيث يلجأ إليه المسلم عندما يتعرّض للسّوء أو الأذى من غيره فلا يقابل الإساءة بالإساءة، وإنّما يقابل الإساءة بالعفو والإحسان.

فالعفو هو مجاوزة الإساءة مع بقاء أثرها؛ بمعنى أنّه قد يقول الإنسان لآخر اذهب فقد عفوت عنك بشكلٍ عام أي بدون أن يمحي أثر الإساءة في قلبه، وهذا الأمر يحدث كثيرًا في حالات القتل إذ قد يعفو الإنسان عن قاتل قريبه ويبقى أثر تلك الجريمة في قلبه.

أي أن عفو الله تعالى عن عباده يتضمن إسقاط حقّه والعفو عنه؛ حيث يعفو الله تعالى عن الذّنوب بدون أن يقبل على من عفى عنه بالضّرورة، أو يرضى عنه، أو يرتب الثواب والجزاء له.

المغفرة

ذكرت كلمة المغفرة منفردة في آياتٍ وقُرنت في مواضع أخرى؛ فقد جاءت المغفرة في آيات القرآن الكريم منفردة في قوله تعالى: (فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ ۖ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ)، وقد جاءت هذه الآية الكريمة في حقّ أحد الأنبياء الكرام، وهو سيدنا داوود -عليه السلام- وقد غفر الله له ذنبه، وتضمّنت المغفرة هنا ستر الذّنب والصّفح عنه مع إقبال الله على من استغفره.

العفو وصية ربانية للمسلمين

إنّ الله -سبحانه- اتّصف بالعفو والمغفرة، والصفح عن ذنوب وزلّات عباده، كما أنّه أمر المسلمين بتطبيق هذا الخلق الرّفيع فيما بينهم، فما من شكٍّ أنّه قد يحصل بعض المواقف التي يُخطئ فيها الإنسان بحقّ أخيه عن قصدٍ أو دون قصدٍ، ثمّ يهمّ بالاعتذار إليه ليسامحه، فرغّب الله -سبحانه- أن يقبل المسلم اعتذار أخيه، ويسامحه عمّا بدر منه من سوءٍ، حيث قال الله تعالى: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقد أمر نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، فقال: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)،وكذلك فإنّ العفو وصيّة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- للمؤمنين، فقد قال مُوصياً أحد صحابته: (يا عقبةُ بنَ عامرٍ صِلْ من قطعَكَ، وأَعْطِ من حَرَمَكَ، واعْفُ عمَّن ظلمَكَ)،والعفو من صفات المؤمنين المتقين، وأعظم مثالٍ يُحتذى به في العفو هم صحابة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، إذ كان الواحد فيهم إذا أغضبه شخصٌ أو أساء له، لا يكتفي بالعفو والمغفرة وحسب، بل كان بعضهم يطلقه حرّاً لوجه الله إذا كان عبداً، وللعفو عن الناس فوائد جليلة عظيمة، أعظمها أن تسود الألفة والمحبة بين الناس، فلا يحمل أحدهم السوء في قلبه على أحدٍ، بل إنّ العفو يقلب العدوّ صديقاً قريباً، قال الله -تعالى- في آثار العفو بين الناس: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، والعفو والصفح يعودان بالخير على صاحبها دائماً، فقد وعد الله -تعالى- من يغفر زلّات الناس في حقّه أن يغفر الله ذنبه، قال الله تعالى: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).